تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. محمد يونس > الصحافة والرقمنة .. سؤال المستقبل

الصحافة والرقمنة .. سؤال المستقبل

تلقى التطورات التكنولوجية والاقتصادية والثقافية المتلاحقة لوسائل الإعلام والاتصال والتواصل بمختلف أشكاله، بظلال قاتمة على صاحبة الجلالة الصحافة، حيث يتصاعد النقاش حول مستقبل المهنة ليس فقط فى الأوساط الصحفية وانما أيضا على المستوى الاكاديمى، فى ظل الانتقال لعالم جديد، لا يزال تتشكل أبعاده، وتتباين الرؤى حول ملامحه، وطبيعة الفاعلين فيه، ونوعية المسارات التى يجب اتباعها، ونماذج الأعمال التى ينبغى أن تنظم آلياته، ودور المنصات التكنولوجية الكبرى فى تشكيله.

 

يحدث هذا فى وقت تكتسى فيه الرؤى المطروحة حول صناعة الصحافة الورقية ومستقبلها بألوان، متشائمة، بعضها ينعى مستقبل مهنة قَادت دولا، وعلمت امما، وربتْ أَجْيالا. وآخرون يسلمون بالأمر الواقع، وإن ما كان، قد يختفى، وقد لا نحتاج إليه بشكله القديم. وفريق ثالث لايزال يصارع، ليتلمس خيطا، أو نموذجا أو مبادرة تريحه أو تحلم معه بأن ثمة أملاً قادمًا، وأن الصحافة مهنة ولدت لتبقى، وأن أى وسيلة جديدة لم تنجح فى القضاء على سابقتها.

فى خضم هذه الرؤى المتباينة تثور أسئلة عديدة عن مهنة الصحافة بدءا من بديهيات العمل الصحفى إلى المآلات فى عالم رقمى، منها: هل هذه المهنة حكرًا على الصحافة الورقية؟ وعلى العاملين بها؟ أليس ما يقوم به الصحفيون عبر الإنترنت هو عين الصحافة؟ وماذا عن المنصات التكنولوجية الكبرى ووسائل التواصل الاجتماعى، هل هى عدو لصناعة الصحافة ومدمر لاقتصاداتها، أم أنها قد تصبح طوق النجاة الذى يأخذ بالصحافة لبر الأمان؟ وهل فعلا التعاون مع هذه المنصات التكنولوجية يبقى الصحافة على قيد الحياة،أم يُسلم مصيرها لقوى تطوعها لخدمة مصالحها التجارية؟ وإلى أى مدى يمكن أن تساعد هذه المنصات، الصحافة فى التخلص من أزماتها؟ وهل الصحفيون أنفسهم سيبقون؟ أم سيتم الاستغناء عنهم بالروبوتات والتقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعى؟

هذه التساؤلات التى تعبر عن قلق عام على المهنة طرحتها دراسة جديدة للدكتور السيد بخيت أستاذ الإعلام والصحافة بجامعتى القاهرة وزايد، تصدر قريبا فى كتاب بعنوان (رقمنة الصحافة الورقية) والدكتور بخيت العاشق لصاحبة الجلالة والمهتم بقضاياها عبر العديد من البحوث والمؤلفات، يطرح فى هذا الكتاب الجديد أفكارا ويدرس واقعا، ويستطلع آراء، ويستعرض أطروحات، ترمى لمعرفة هل ثمة نماذج أعمال يمكن أن تتبناها المؤسسات الصحفية للخروج من أزمتها، سواء المادية أو الرمزية؟، وهل يمكن أن تتعايش الصحافة الورقية مع البيئة الإلكترونية؟ وإلى أى مدى يمكن أن يدعم الجمهور الصحافة لإبقائها على قيد الحياة؟ وهل القارئ الذى كان يدفع لشراء صحيفة، يمكن إقناعه بأن يدفع مقابل ما يقرأه أون لاين؟

ويجتهد المؤلف فى فتح باب جديد للنقاش حول وسائل التواصل الاجتماعى والمنصات التكنولوجية الرقمية الكبرى مثل جوجل وفيسبوك، وإلى أى مدى يمكن أن تُعين أو تهدد مستقبل الصحافة؟ وهل هى فقط منصات لنقل المعلومات أم ناشرون لها؟ وهل ما أعلنوا عنه من مبادرات لمساعدة الصحافة، بداية إنقاذ أم بداية لهيمنة؟ ولمن ستكون اليد الطولى فى التشريع للعلاقات المنظمة بين الصحافة وهذه المنصات؟

لا شك فى ان الإجابة عن الأسئلة السابقة ليست سهلة، ولا يمكن ان تقدم لنا دراسة او كتاب واحد قولا قاطعا فيها ، وإنما ستظل محور خلاف وجدل، ولكن الكتاب يدير حوارا ثريا حول هذه القضية، يمكن أن يُقرب المسافات، ويُنير الطريق لصناعة الصحافة التى ندين لها جميعًا بالكثير. وفى هذا الصدد، يرصد الكتاب رؤيتين متناقضتين حول مستقبل الصحافة تتصدران النقاش، ترى الرؤية الأولى أن مستقبل الصحافة الورقية فى خطر، وإن مصيرها للزوال، ليس فقط لانخفاض معدلات توزيعها، بل لأن نموذجها الاقتصادى القائم على عائدات الإعلانات لم يعد فعالا، وبينما يُقر الفريق الآخر بأن الصحافة تتعرض للعديد من الأزمات، لكنه يرى أن ثمة إرهاصات تشير لعودة نمو صناعة الصحافة، وأن ما يحدث الآن، ليس إلا مرحلة عابرة فى عمر صناعة عتيدة، حتى نستقر على شكل إعلامى محدد.

كما يناقش العديد من الموضوعات المتعلقة بتحديات هذه الصناعة المهمة ومستقبلها والحلول المطروحة للخروج من أزمتها والتى قد تكمن بشكل أساسى فى مدى تجاوب الصحافة المطبوعة مع التطورات الرقمية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية