تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

اكتب نعيك بنفسك!

هل فكرت فيما يمكن أن يكتبه أصدقاؤك عنك بعد وفاتك، على صفحات التواصل الاجتماعي؟ هل سوف يوفونك حقك؟ ما رأيك أن تكتب أنت نعيك بنفسك؟ وإذا فعلت، ماذا ستكتب؟.

 

إذا كان المصرى القديم قد حرص على تقديم كشف حساب عن حياته بعد الوفاة، فيقوم بسرد أعماله الحسنة، ويتبرأ من أعماله السيئة، مثل: السرقة والقتل وتلويثه مياه النهر، فهل تبادر أنت بتقديم هذا الكشف قبل رحيك؟ وإذا لم تستطع كتابة سيرتك الذاتية أليس من الأفضل أن تكتب الكلمة الأخيرة عن حياتك لتقول فيها ما قد يعجز عن قوله الآخرون عنك؟ هل يمكنك أن تكتب شهادتك على نفسك؟ ..هل أديت ما أنيط بك من أعمال على الوجه الأكمل؟ هل فعلت ما يحتمه عليك ضميرك؟ هل قلت ما يجب أن تقوله، هل منعك أحد من ذلك؟ كيف كانت تجربتك فى الحياة؟ هل لديك فكرة لم تنفذها أو اقتراح تنصح به؟.

النعى ليس كتابة عن الموتى وانما كتابة عن الحياة.. حياة ذلك الذى رحل عنا، كى نتعلم منها فى حياتنا. وقد أخذ النعى أشكالا كثيرة قبل ان يصل إلى نوعيه: الصحفى الذى ينشر عن المشاهير فى الصفحات التحريرية، والتجارى الذى ينشر فى صفحات الوفيات مدفوع الأجر.

ودرجت العديد من الصحف العالمية على نشر النعى كمادة صحفية، يقبل عليها القراء لمعرفة تاريخ وإنجازات الشخصيات المهمة عند وفاتها، ويرجع إليها الباحثون عند التأريخ لتلك الشخصيات، كما تعتبر لمسة وفاء لمن قدموا فى أثناء حياتهم جهدا ملموسا أسهم فى بناء أوطانهم وإسعاد غيرهم. وفى الصحافة العربية تعتبر «الاهرام» رائدة فى هذا الفن الصحفى حيث تعتبر أول صحيفة عربية يظهر فيها النعى عندما نشرت الأهرام فى 20 يوليو 1877 أول نعى وحمل عنوان «داعية الشجن»، وكان عن وفاة «زينب هانم ابنة شريف باشا» وزير الخارجية ثم رئيس الوزراء آنذاك، وفقا لما ذكره د. حسنى نصر أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة . وظل النعى الصحفى يكتب عن الشخصيات السياسية والفكرية والعلمية الشهيرة ليسط الضوء على جوانب من حياتهم وأعمالهم ومواقفهم، ثم تراجع رويدا لمصلحة النعى التجارى الذى ينشر فى صفحات الوفيات والذى يقتصر على اسم المتوفى ومنصبه وابنائه واقاربه وموعد العزاء ومكانه. ولكن مع تراجع الصحافة الورقية، عاد النعى عبر وسائل التواصل الاجتماعى وأصبح كثيرون يكتبونه على صفحات الفيس بوك عند وفاة أقاربهم أو أصدقائهم معددين بعض خصالهم.

أليس من الأفضل أن تحصى أنت خصالك، وتواجه نفسك وكأنك فى آخر يوم فى حياتك ؟..كن صريحا مع ذاتك وقل ما المفيد الذى قدمته فى حياتك؟ ما البصمة التى سوف تتركها؟ هل حان الوقت للاعتراف بأخطائك؟ هل يمكن أن تتحلى بالجراءة لتقديم اعتذار لأناس قد أسأت لهم أو تسببت لهم فى ضرر ولو بسيطا؟ أليس الأفضل أن تبادر بالاعتذار لهم قبل فوات الأوان؟.

إن كتابة النعى فى حياة الشخص ليست أمرا جديدا وإنما درجت عليها العديد من الصحف العالمية فعلى سبيل المثال لدى صحيفة نيويورك تايمز أكثر من 1850 مقال نعى جاهزا للنشر لأشخاص ما زالوا على قيد الحياة، ويمكن نشرها فور إعلان وفاة أصحابها.

من ناحية أخرى فإن هذه الفكرة نلجأ اليها بأشكال متنوعة فى مناسبات كثيرة، مثلا: فى نهاية الخدمة او عند الاعتزال كنوع من كشف الحساب الختامى، فقد فعلها الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل حينما نشر فى الاهرام، مقال اعتزال بعنوان «استراحة محارب» كما يعبر آخرون عن هذا المعنى عبر السيرة الذاتية سواء بشكل مباشر كما فى فعل د. طه حسين فى (الأيام) او بشكل غير مباشر كما فعل نجيب محفوظ فى «أصداء السيرة الذاتية».

وحتى لا تدخل فى جدل التشاؤم والتفاؤل فليس من الضرورى أن تسمى ما تكتبه هذا نعيا وإنما يمكنك ان تعتبره لحظة عودة الوعي.. اكتب «نعيك» أو سجل «عودة وعيك» سواء استأثرت به أو نشرته فى حياتك أو أوصيت بنشره بعد رحيلك، فلا شك أن لديك ما تريد أن تقوله عن مسيرتك سواء لنفسك أو لغيرك؟.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية