تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«ابن النيل».. من «نجريج إلى أنفيلد»
«كُن صديقى، ليس فى الأمر انتقاصٌ للرجولة.. غير أن الشرقيّ لا يرضى بدور غير أدوار البطولة»، هكذا وصفت الشاعرة الكويتية سعاد الصباح الطموح والإصرار العربى لتحقيق المستحيل، وهو ما ينطبق على الملك محمد صلاح الملقب بـ«الفرعون المصرى» فى بلاد الإنجليز .
فلم يكن فوز صلاح بكل الجوائز التى حققها طوال مسيرته، واخرها جائزة الأفضل فى الدورى الإنجليزى للمرة الثالثة، وليد الصدفة أو ضربة حظ، بل نتيجة جهد وعرق وإخلاص والتزام سلوكى وتدريبى وغذائى صارم، مما جعله فى مقدمة اللاعبين.
وبغض النظر عن فوزه بجائزة الكرة الذهبية أو جائزة الفيفا، يكفيه فخرا فوزه بكل هذا الحب فى قلوب المصريين والجماهير العربية والأجنبية.
وأذا كان الجميع يتحدث عن «الفرعون» الأشهر عالميا فى الوقت الحالى، فلا أحد يتحدث عن «مو» الإنسان صاحب الدموع الصادقة، التى سالت فى العديد من المواقف الإنسانية المتعددة، عن الإنسان الذى مشى على الأشواك حتى رقص على جسر الذهب.
منذ نعومة أظافره.. عشق صلاح كرة القدم، وهو العشق الذى جعله يحفر فى الصخر، ويمشى على الأشواك ويقطع على قدميه الكيلو مترات، مسافرا من بلدته نجريج إلى القاهرة ليداعبها بقدميه وهى تبتسم.
اختيار «الفرعون» صاحب الرقم 11 من البداية كان واضحا، فشعاره كان كرة القدم، من هنا جاءت البداية عام 2004 فى اتحاد بسيون لمده موسم، ثم اتحاد عثمان عام 2006 لموسم آخر لتلتقطه العين الخبيرة وتقدمه على طبق من ذهب لنادى المقاولون العرب، الذى لعب فى صفوفه مع فريق الشباب، قبل أن ينضم للفريق الأول الذى لمع بين صفوفه ليحصل على تجربته الاحترافية الأولى فى نادى بازل السويسرى التى استمرت من 2012 حتى 2014، ومنها إلى الخطوة الأكبر، حيث الدورى الإنجليزى الأشهر فى العالم من بوابة تشيلسى، حيث تلقى «مو» صدمة قوية بعد مشاركته فى ثلاثة لقاءات فقط وإعارته إلى فيورنتينا، وبعد العودة إعارة جديدة لروما ثم انتقال نهائى.
الفرعون العنيد لم يتوقف عن العمل والحلم وظل يكافح، حتى جاءته الفرصة الأكبر بالانتقال إلى ليفربول الإنجليزى، لقد منحه القدر الفرصة ليرد على البلوز بطريقته الخاصة بعد أن حقق النجاح المذهل فى صفوف الريدز الإنسانية فى أبهى صورها.
قبل أن نتحدث عن أى أرقام باهرة أو جوائز وبطولات فردية جماعية، دعونا نتحدث عن «صلاح الإنسان» ذلك الفتى الطائر، الذى ابتسمت له الدنيا، ومنحته كل ما يريد وكان من الممكن أن يتحول إلى شخصية مختلفة أو يحصل على جنسية أوروبية، ويلعب باسم منتخبها أو يتزوج من أجنبية، ويترك خلف ظهره الماضى، لكنه رفض كل المغريات وتمسك بأهله، حيث تزوج من زوجته ماجى عام 2013، التى أنجبت له ابنتيهما «مكة وكيان» ليعيش حياة مستقرة وهادئة.
صنع صلاح لنفسه أسطورة ليس داخل الملعب فقط، بل خارجه أيضا، من خلال الاعمال الإنسانية التى يقوم بها والتى يصعب حصرها، ومنها على سبيل المثال الإسهام فى المشاريع التى تسهم فى تطوير قريته نجريج، مسقط رأسه، حيث يعيش معظم الناس تحت خط الفقر، حيث استثمر صلاح طاقته بكثافة للارتقاء بمسقط رأسه، من خلال تمويل عدد من المشروعات المهمة ومنها إنشاء مستشفى ومدرسة ومعهد أزهرى ومركز شباب ووحدة إسعاف.
كما قام بشراء قطعة أرض مساحتها 5 أفدنة فى نجريج والتبرع بها، بهدف تطوير محطة الصرف الصحى، وتوفير مياه شرب نظيفة، للقرية والمجتمعات المجاورة فى شبراطو والغربية، كما تبرع صلاح بمبلغ 715 ألف دولار أمريكى لمستشفى بسيون المجاور لنجريج، والذى عمل على تجديد وحدات العناية المركزة وشراء أسرّة وأجهزة تنفس صناعى، وتحديث أجهزة إيكو وسونار، كما ساعد صلاح أكثر من 450 أسرة بمنحهم مخصصات شهرية.
ولم تتوقف أعمال صلاح الخيرية عند هذا الحد، بل لقد قدّم تبرعات كبيرة لمنظمات مثل المعهد القومى للأورام فى القاهرة، وفى 14 أغسطس 2022، اندلع حريق فى كنيسة أبو سيفين فى الجيزة، مما أسفر عن مقتل 41 شخصًا، وقام صلاح بالتبرع بثلاثة ملايين جنيه مصرى للمساعدة فى إعادة بناء الكنيسة.
بعض الأقلام والأصوات حاولت النيل من صلاح وتصدير الأزمات له، خاصة فى قضية فلسطين حيث إن البعض لا يعلم أن «ابن النيل» لا يتأخر عن دعم القضية الفلسطينية وتقديم المساعدات الإنسانية لغزة، ودعا صلاح إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ووقف «المجازر» و«قتل المدنيين الأبرياء»، كما تبرع بمبلغ مالى رفض الُكشف عنه لدعم الشعب الفلسطينى، وكان آخرها موقفه فى الرسالة التى وجهها إلى الاتحاد الأوروبى، عقب استشهاد سليمان العبيد «بيليه الفلسطينى».
ومن أبرز المواقف الصعبة التى تعرضت لها أسرة صلاح، وأظهرت كم الإنسانية التى يتمتع بها الملك، عندما تعرضت العائلة للسرقة، وألقت الشرطة القبض على اللص، وكان والد صلاح لديه إصرار على معاقبته طبقا للقانون، وهنا حدثت المفاجأة بقيام «مو» بجعله يتنازل عن القضية، ليس هذا فحسب بل قام بمساعدة اللص ماليًا، وحرص على توفير حياة كريمة له.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية