تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الشائعات صناعة إخوانية
عندما درس الباحثان ألبرت وبوستمان الشائعات منذ أكثر من نصف قرن، أشارا إلى أنها تنتقل فى المقام الأول من خلال التعبير الشفهى، واليوم امتد انتقال الشائعات إلى وسائل الإعلام خاصة التليفزيون،ومواقع التواصل الاجتماعى، التى أثرت بشكل كبير وغير مسبوق على انتشارها وتداولها، فقد ساهمت فى نشرها بسهولة وسرعة فائقة!
فالشائعات فى ظل هذه المواقع أصبحت تنتقل من لوحة مفاتيح إلى العالم، بعدما كانت تتسرب من لسان إلى أُذن وتبقى ضمن دائرة اجتماعية محدودة، كما أصبحت تنتقى مادتها وأدواتها من مصادر عديدة، وتعبر عن محتواها بالنص والصوت والصورة والحركة التى تجعل مادتها ذات جاذبية عالية.
ولإكساب الشائعات مزيدا من القوة والمصداقية أثرت مواقع التواصل الاجتماعى على طبيعتها وخصائصها وصناعتها. ولقد كان الغرض الأساسى من نشأتها هو ربط الأفراد بناءً على وجود لغة مشتركة، أو هويات مشتركة، أو مصالح وأنشطة مشتركة بينهم، ومساعدتهم على التغلب على الحواجز الجغرافية.
إلا أن هذه المواقع قد تجاوزت هذا الغرض، فسهولة النشر وتداول المعلومات أصبحت السمة البارزة لهذه المواقع، وأحدثت تغيرا جذريا فى صناعة المعلومات، وسمحت للأفراد الذين لديهم المعرفة الفنية والاجتماعية والسياسية بإنتاج وتوزيع المعلومات.
وقد كشف العديد من التقارير والدراسات عن تحول مواقع التواصل الاجتماعى إلى مصدر للشائعات، خاصة فى أوقات الأزمات، فوجدت دراسة حديثة أن 17% فقط من المحتوى على تويتر المتعلق بأى حدث طارئ يكون ذا مصداقية، كما أدت التخمة المعلوماتية لصعوبة التميز بين الصحيح والكاذب، وسهولة إعادة النشر
ووجدت دراسة استقصائية عن استهلاك الأخبار الرقمية أن %75 من المستخدمين فى 36 دولة شملهم الاستطلاع يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى أسبوعياً للحصول على المعلومات والأخبار، وعلى المستوى المحلى، وجد أن وراء كل شائعة تنتشر بين الأفراد والجماعات مصدراً مستفيداً ومروجاً وناقلاً لها هو جماعة الإخوان المحظورة كونها جماعة إرهابية،
وفى تقرير مهم حول البيانات والمجتمع بعنوان «التلاعب فى وسائل الإعلام والتضليل على الإنترنت» صنف جماعة الإخوان، سواء فى مصر أو خارجها ضمن جماعات الكراهية Hate Groups، التى تدافع عن الكراهية أو العداوة أو العنف وتمارسها ضد الدولة، بهدف تعزيز العداء والحقد ضد المجتمع.
مستخدمين لتحقيق ذلك أساليب عديدة من بينها أسلوب تكرار الشائعة نفسها بين الحين والآخر، والأسلوب الساخر فى إطار مبعث للضحك والتسلية وفى الحقيقة تنطوى الشائعة على بيانات ومعلومات خطيرة، وأسلوب الاستضعاف والاستعطاف الذى يركز على الجوانب العاطفية للتأثير فى نفوس الناس بشكل سلبى، وأسلوب الاحتواء لإفهام المتلقى بأنه على رأيه ومذهبه، ثم أسلوب الإقناع الدينى وهو من أخطر الأساليب التى يلجأ إليها جماعة الإخوان، سواء باللجوء إلى بعض العقائد الدينية لتدعيم أفكار وموضوعات معينة، أو باللجوء لتشويه بعض القيم والمعتقدات، وفى الحالتين يؤثر على الكيان العقائدى لأفراد الشعب.
وفى دراسة علمية حديثة تم إعدادها فى كلية الإعلام، جامعة القاهرة تحت عنوان «الشائعات وعلاقتها بتكوين الرأى العام وصناعة القرار فى مصر»، توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج من بينها أن أعلى مصادر انتشار الشائعات فى مصر هى «الإخوان ومواقع التواصل الاجتماعى والحركات السياسية بالداخل والخارج، وأن الهدف من نشر الشائعات هو التأثير فى صناعة القرار».
وتبين من نتائج البحث العلمى أن العلاقة بين الأزمة والشائعة تبادلية فأحياناً تخلق الشائعة أزمة، وفى كثير من الأحيان يرافق الأزمة مجموعة من الشائعات بسبب نقص المعلومات الموثقة من المتحدثين باسم فريق الأزمة، ولذا فإن للأزمات دوراً رئيسيا فى انتشار الشائعات فى المجتمع المصرى، حيث إنها بيئة خصبة لانتشار الشائعات.
وتشير الدراسات إلى أن تعدد مصادر المعلومات أدى إلى زيادة اعتماد الأفراد على الاستدلال المعرفى - الذى يستخدمه جماعة الإخوان - بدلاً من معالجة المعلومات بشكل منهجى لتقييم مصداقية مصادرها، والاعتماد على هذه الاختصارات يمكن أن يؤدى إلى قبول المعلومات المغلوطة. وهنا يجب التنبيه لعامل يتعلق بمصادر المعلومات وهو تحديد المصدر، فمواقع التواصل الاجتماعى تميل إلى توفير إشارات مصادر متعددة معروضة على الواجهة. فتخيل التحقق من شىء قام صديقك بمشاركته على الفيس بوك، وليكن تغريدة لسياسى تتضمن قصة لإحدى الصحف.
هنا يوجد فى الواقع سلسلة من خمسة مصادر هى (الصحيفة، والسياسى، وفيس بوك، وتويتر، والصديق)، وكلهم لعبوا دوراً فى نقل الرسالة، وحجب هوية المصدر الأصلى، وبالنظر إلى سلسلة المصادر هذه، فإن القرّاء عموماً لا يقومون بمعالجة جميع إشارات المصادر عند تقييم مصداقيتها، وبدلاً من ذلك، يمارس مصدر الإشارات الأكثر تقريباً مثل (الصديق) التأثير الأكبر من حيث تقييم المصداقية من إشارات المصادر البعيدة الأخرى مثل (السياسى) التى يتم تقديمها أيضاً على الواجهة.
ولهذا فإن الوجود الاجتماعى المتصوّر على منصات التواصل الاجتماعى قلل من جهود المستخدمين فى التأكد من حقيقة المعلومات، وبالتالى یزید ذلك من قبول المعلومات الخاطئة فى غياب تام لإعمال العقل فيما يقرأ.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية