تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مَنْ يستفيد من أوائل الثانوية؟
عنوان هذا المقال يرتبط بخبر استوقفنى، ومقال قرأته خلال الأسبوع الماضى. الخبر يرتبط بإعلان نتيجة الثانوية العامة، وقائمة الأوائل على مستوى الجمهورية وخاصة في القسم العلمى، والتي امتدّت جغرافيا لتضم العديد من محافظات مصر. على سبيل المثال فان العشرة الأوائل في القسم العلمى رياضيات جاءوا من محافظات المنوفية، القليوبية، الغربية، القاهرة، الإسكندرية، الدقهلية. وكان السؤال الذي تبادر إلى ذهنى هو أين سينتهي المطاف بهؤلاء العباقرة الصغار في التعليم الجامعى؟ وهل يقودهم التوزيع الجغرافى لمكتب التنسيق إلى كليات لا تتيح لمواهبهم الطبيعية وقدراتهم الاستثنائية أن تنمو؟ وهل سيتاح لهم الإرشاد والرعاية الأكاديمية التي تتناسب مع قدراتهم وتسهم في أن تزدهر؟ والى أي مدى يمكن ان تستفيد مصر من هؤلاء لو أتيح لهم المسار المناسب والملائم وبما يتماشى مع التخطيط للمستقبل، ومع الفرص والتحديات التي سنتعامل معها في السنوات القادمة؟ وهل يمكن ان تتبناهم الدولة- ومعهم عدد أكبر من الأوائل- في أطار برنامج خاص، سواء في إحدى الكليات في الجامعات المدنية او في الفنية العسكرية لدراسة علوم المستقبل المرتبطة بالحوسبة والذكاء الاصطناعى؟.
ساعد في توليد هذه الأفكار في ذهنى مقال نشر بجريدة الواشنطن بوست الامريكية منذ نحو أسبوع بقلم إيليز ستيفانيك وستيفن برنس، وبعنوان «هذا هو أفضل دفاع لنا ضد الحرب السيبرانية» بدأ المقال بفكرة ان الحرب السيبرانية لم تعد تهديدًا مستقبليا، بل أصبحت واقعًا قائمًا في الخطوط الأمامية اليوم، وان الصراع السيبراني بات امتدادًا للحرب بوسائل أخرى. ويقترح الكاتبان انه كى تتمكن الولايات المتحدة من التنافس والفوز في هذا الميدان الجديد، عليها اتخاذ خطوة جريئة وهي: إنشاء مؤسسة وطنية لتدريب ونشر الجيل القادم من المدافعين الرقميين. واقترحا تسميتها: «أكاديمية التكنولوجيا المتقدمة للولايات المتحدة» (USATA). وذكر «تخيّلوا حرمًا جامعيًا متطورًا.. يمكن أن يصبح مهدًا لدفاعنا الرقمي. في أحد المختبرات، يتعمق طلاب الأكاديمية في التشفير الكمي الآمن، وفي الجانب الآخر، يعمل زملاؤهم على أنظمة ذكاء اصطناعي مصمّمة لاكتشاف التهديدات البيولوجية» وأضاف «هذه الأكاديمية ستفتح أبواب الفرص أمام الشباب الأمريكي من جميع الخلفيات، خصوصًا من المجتمعات الريفية والعمالية التي غالبًا ما تُترك خلف الركب في اقتصاد الابتكار المعاصر. ومن خلال إنشاء مسار مباشر من المدارس الثانوية إلى الخدمة الوطنية، ستعيد الأكاديمية إحياء الإحساس بالهدف، والحراك الاجتماعي، والفخر المدني في العصر الرقمي».
أما عن كيفية عمل هذه الأكاديمية ومستقبل خريجيها يذكر الكاتبان «وفي مقابل التعليم المجاني، سيلتزم الخريجون بخمس سنوات من الخدمة في أدوار حيوية تعتمد على التكنولوجيا داخل الحكومة. وسيتوجه هؤلاء الخريجون للعمل في وكالات مثل «وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة» و«وزارة الطاقة» و«وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية» ليسهموا في بناء بنية تحتية رقمية صامدة، وتسريع الابتكارات في الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي». ويقترح الكاتبان أيضا، انه من جهة أخرى، يمكن أن تنطلق الأكاديمية من خلال دعم القطاع الخاص، ومن خلال العمل الخيري، والشراكات مع الشركات التي لديها مصلحة مباشرة في هذه الخطوة، وينبغي أن تستثمر في تأمين خط إنتاج المواهب لديها. ويذكر الكاتبان انه مقارنة بالولايات المتحدة، فإن الصين تخرّج أعداد مهندسين يفوق الولايات المتحدة بستة أضعاف، وتقوم بتوجيههم بشكل منهجي نحو قطاعات إستراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، وشبكات الجيل السادس، وهي مجالات جوهرية لنموها الاقتصادي والعسكري المستقبلي. ويحفز الكاتبان الرئيس ترامب على انشاء «اكاديمية التكنولوجيا» بقولهما «سينضم ترامب إلى تقليد أمريكي راسخ من القيادة الجريئة. فقد أسس توماس جيفرسون «الأكاديمية العسكرية الأمريكية» في ويست بوينت، وأطلق جيمس ك. بولك «الأكاديمية البحرية» في أنابوليس، وأنشأ دوايت أيزنهاور «أكاديمية القوات الجوية» بعد أن أدرك الأهمية الإستراتيجية للقوة الجوية. اليوم، بدأ كل من الفضاء السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية في إعادة تشكيل الدبلوماسية، والردع، وتوازن القوى، ولا يبدو أن وتيرتهم ستتراجع» خلاصة القول، يقترح البعض في الولايات المتحدة إنشاء آلية يتم فيها تجميع المواهب العلمية المتخرجة فى التعليم الثانوى في مجالات التكنولوجيا السيبرانية، وان تكون هذه الآلية تحت إشراف ورعاية الدولة، وان يلتزم خريجوها بالعمل في مؤسسات الدولة المرتبطة بهذه المجالات لفترة من الزمن. وان الصين بدأت بالفعل هذه المسيرة منذ عدة سنوات، وتسعى الولايات المتحدة الآن من خلال هذه الفكرة للحاق بها. وبالنسبة لنا في مصر ومع فيض المواهب الهائلة من أوائل الثانوية العامة، وخاصة في تخصص الرياضيات، علينا أيضا ان نخطط لرعاية هذه المواهب ووضعها على مسار التأهيل لعلوم المستقبل وخاصة العلوم السيبرانية، ودمجها بعد ذلك في مؤسسات الدولة التي تحتاجها بشدة، ليس فقط لاعتبارات التنمية، ولكن أيضا لاعتبارات الأمن القومى وفى ضوء التطورات التي شهدتها المنطقة في العامين الآخرين. وقد يكون إنشاء أكاديمية للتكنولوجيا تستقطب هؤلاء المواهب وتقوم برعايتهم هدفا نسعى لتحقيقه في الأمد الطويل، فإن هذا لايمنع دمج أوائل الثانوية العامة في السنوات القادمة، في برامج خاصة ومتقدمة، سواء في كليات مدنية أو الفنية العسكرية وتحت رعاية من الدولة، وفى إطار تحقيق أهداف التنمية والأمن القومى.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية