تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

ماهدف التعليم الجامعى؟

هجوم إدارة ترامب على الجامعات الأمريكية يثير جدلا كبيرا حول هدف التعليم الحامعى. هذا الهجوم الترامبى ليس وليد اليوم ولا يرتبط فقط بموقف شباب الجامعات الذين تظاهروا تأييدا للفلسطينيين في حرب غزة، بل يرتبط بالأساس بأن الجامعات الأمريكية أصبحت - من جهة نظر ترامب - معقلا للأفكار الليبرالية والتلقين الليبرالى، ومركزا لمناهضة أفكاره وسياساته اليمينية والشعبوية.

 

إدارة ترامب الأولى وصفت الجامعات بأنها «مراكز للعداء لأمريكا.. وتجمع لتوليد ازدراء وكراهية صريحة لهذا البلد بين الطلاب وفى الثقافة العامة».وردد ترامب نفس الاتهامات في حملته الانتخابية الأخيرة، وذكر«الآن سنتخلص من هذا الجنون المعادي لأمريكا في مؤسساتنا نهائيًا. سنحظى بتعليم حقيقي في أمريكا». وأعلن أن الهدف هو استعادة «مؤسساتنا التعليمية العظيمة من اليسار المتطرف».

ترامب بدأ فى التهديد بحجب التمويل الفيدرالي الموجه لمشاريع علمية في العديد من الجامعات الخاصة وذات الأسماء الكبيرة، لمحاولة فرض تغييرات عليها. وقد حددت إدارة ترامب عشر جامعات كبرى، وكلها جامعات نخبة، تقوم باستهدافها وهي: جامعة كولومبيا؛ وجامعة جورج واشنطن؛ وجامعة هارفارد؛ وجامعة جونز هوبكنز؛ وجامعة نيويورك؛ وجامعة نورث وسترن؛ وجامعة كاليفورنيا، بيركلي؛ وجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس؛ وجامعة مينيسوتا؛ وجامعة جنوب كاليفورنيا.

وبالمناسبة تقع كلها في ولايات صوتت لمصلحة المرشح الديمقراطى في انتخابات الرئاسة الأخيرة 2024.

الفصل الأحدث من مسلسل الاستهداف الترامبى كان لجامعة هارفارد الشهيرة.

حيث أرسلت إدارة ترامب إلى الجامعة في وقت سابق من هذا الشهر خطابا طلبت فيه اتخاذ تسعة إجراءات «تعتبرها ضرورية لاستمرار العلاقة المالية بين جامعة هارفارد وحكومة الولايات المتحدة.»

وكان من المطالب فرض حظر شامل على الأقنعة (التي ارتداها الطلاب أثناء المظاهرات)، بالإضافة إلى تغييرات في الحوكمة والقيادة وسياسات القبول، وإنهاء برامج التنوع والمساواة والشمول (DEI).

خطاب إدارة ترامب استهدف أيضا التدخل في الفصول الدراسية، حيث طالب بإجراء «تغييرات ضرورية» لـ «معالجة التحيز، وتحسين تنوع وجهات النظر، وإنهاء السيطرة الأيديولوجية» التي تغذي المعاداة للسامية. وهددت إدارة ترامب بأنها ستجمد 2.26 مليار دولار من المنح والعقود لهارفارد. كما هدد الرئيس ترامب بسحب الوضع الخاص بالإعفاء الضريبي لجامعة هارفارد.

رئيس جامعة هارفارد آلان جاربر رفض تهديدات إدارة ترامب، وذكر في رسالة إلى مجتمع الجامعة: «لن تستسلم الجامعة فيما يتعلق باستقلاليتها أو تتخلى عن حقوقها الدستورية». وقال إن المطالب التي حددتها إدارة ترامب تمثل في الغالب «تنظيمًا حكوميًا مباشرًا للـظروف الفكرية في هارفارد.» وتشمل متطلبات مراجعة آراء المكون الطلابي وأعضاء هيئة التدريس والموظفين.

كما رفعت هارفارد دعوى قضائية ضد إدارة ترامب في المحكمة الفيدرالية، متهمة إياها باستغلال قوانين الحقوق المدنية لتقويض الحرية الأكاديمية وحرية التعبير. وذكرت الدعوى ان إجراءات الحكومة الفيدرالية «تسعى صراحة إلى فرض آراء سياسية وتفضيلات سياسية تروج لها إدارة ترامب على جامعة هارفارد وإلزام الجامعة بمعاقبة الخطاب غير المرغوب فيه».

حملة الهجوم الترامبى أدت لحملة مضادة من النخبة الأمريكية للدفاع عن الجامعات. عضو مجلس النواب الامريكى روخانا، ألقى خطابا امام كلية القانون بجامعة ييل في الأسبوع الماضى، وذكر فيه ان الخطر الأكبر على تركيز السلطة (الذى تقوم به إدارة ترامب) ليس المقاومة — بل البدائل. وذكر ان نائب الرئيس الأمريكي فانس يصف «الجامعة بالعدو لأنه يعرف ما الذي يعيش هنا: المؤرخون، الاقتصاديون، أساتذة القانون، والعلماء الذين يهددونه ليس بالقوة، بل بالأفكار».

جانب من الجدل في الولايات المتحدة حول دور الجامعات استند إلى كتاب»رونالد جيه دانييلزز»، رئيس جامعة جونز هوبكنز، والصادر عام 2021 بعنوان «ما تدين به الجامعات للديمقراطية».

وجهة النظر الرئيسية في الكتاب هي ان الجامعات جزء أساسى من المشروع الديمقراطى في كل دولة، وأنها كانت كذلك في الولايات المتحدة. ويشير إلى الدور الذي تلعبه الجامعة في الديمقراطية من خلال عدد من الوظائف منها: تعزيز الحراك الاجتماعي، والتثقيف من أجل المواطنة، وضبط السلطة بالحقائق والمعرفة، وتقديم حلول لمشكلات المجتمع.

ويشير إلى ان الجامعات تعزز القيم الديمقراطية لأنها مؤسسات ملتزمة بحرية البحث، وبمعارضة الأفكار من خلال الحوار والنقاش، وبتكوين مجتمعات تجمع وتحتفي بمجموعة متنوعة من التجارب والأفكار، وبالازدهار الفردي الذي يتحقق من خلال الدراسة الدءوبة. ولأنها ترتكز على أساس من المعرفة والحقائق وعلى حرية التعبير والفكر، والتسامح مع الاختلاف، والتدفق الحر للمعلومات والأفكار.
لذا تعتبر الجامعات جزءًا لا يتجزأ من المشروع الديمقراطي. وتلعب دورًا لا غنى عنه في بناء الديمقراطية والحفاظ عليها وإلهامها.

ويضيف الكاتب ان الجامعات لم تعد مجرد مؤسسات تعليمية تخرج مواطنين متكاملين، بل أصبحت أيضًا جهات معتمدة للخبرة، وبوابات للفرص، وأماكن للإدماج التعددي تعكس طبيعة الأمة نفسها. على سبيل المثال عند تأسيس الجمهورية دعا جورج واشنطن إلى إنشاء جامعة وطنية لتوحيد الأمة الناشئة تحت راية التعليم، ولتحقيق أهداف تشكيل ما سماه توماس جيفرسون «رجال الدولة، والمشرعين، والقضاة، الذين يعتمد عليهم الازدهار العام والسعادة الفردية».

علاوة على ذلك، تنتج الجامعات أبحاثًا ومعرفة تُعد جزءًا لا يتجزأ من تشكيل سياسات عامة مدروسة وأساسية للنهوض بالمجتمع. وقد استغلت مواردها لتحسين المجتمع من خلال الطب، والصحة العامة، والتنمية الاقتصادية، والشراكات مع المجتمعات المحلية.

خلاصة القول، نحن بصدد جدل يطرح قضايا مهمة، ولن يؤثر على مستقبل الجامعات والتعليم العالى الامريكى فقط، بل سيؤثرعلى مكانة ومستقبل الولايات المتحدة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية