تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
على مشارف «الصفقة الكبرى»
يبدو الشرق الأوسط على موعد قريب مع زلزال جيوإستراتيجى، يعيد تشكيل المنطقة على نحو غير مسبوق؛ تتجه الولايات المتحدة والسعودية نحو توقيع اتفاق أمني، يفتح الطريق أمام التطبيع بين المملكة وإسرائيل، وستكون له تداعياته على المنطقة بأسرها. الأسبوع الماضى أعلن وزير الخارجية السعودى فيصل بن فرحان، فى إحدى جلسات المنتدى الاقتصادى العالمى فى الرياض، أن السعودية والولايات المتحدة اقتربتا من وضع (اللمسات الأخيرة) على الاتفاق، معظم العمل جرى إنجازه بالفعل، لدينا الخطوط العريضة لما يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطينية؛ سنبرم اتفاقا قريبا بشأن إقامة دولة فلسطينية.
فى المنتدى نفسه، أكد وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن أن الاتفاق الأمنى قارب على الانتهاء، وسيترك تأثيره على المنطقة، بمجالات مختلفة، خاصة الجزء المتعلق بالفلسطينيين.
السعودية وإسرائيل من أبرز حلفاء الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، تنظران إلى التطبيع بينهما بوصفه(مصلحة) لكل منهما، تسعى الرياض إلى تحقيق أهداف داخلية وخارجية من خلال الاتفاق الأمنى مع واشنطن والتطبيع مع تل أبيب، تريد أن يكون الاتفاق مع أمريكا أقرب إلى اتفاقية دفاع مشترك، وهى ترغب فى دعم أمريكى لبرنامجها النووى السلمي، يتيح تخصيب اليورانيوم بالمملكة، مع تزويدها بأرقى الأسلحة فى الترسانة الأمريكية، على قدم المساواة مع إسرائيل، أى المعاملة بالمثل.
وكالة «بلومبيرج» الأمريكية، قالت إن الاتفاق المرتقب يمنح السعودية مكانة مميزة، ويفتح أمامها أبواب التكنولوجيا العسكرية الأمريكية، بالمقابل، من المحتمل أن يؤدى إلى تحجيم استخدام التكنولوجيا الصينية أو الروسية.
تخشى الرياض أى هجمات من جانب إيران أو أذرعها، الحوثيين مثلا، تعرقل تدفق صادراتها النفطية أو تعوق جهودها لجذب استثمارات لمشروعاتها التنموية، وفق رؤية 2030، الهادفة إلى تنويع مواردها الاقتصادية، وعدم الاعتماد على النفط وحده. كما أن الرياض وواشنطن وتل أبيب شركاء، مع آخرين، فى «ممر بهارات» الذى يبدأ من الهند، مرورا بالخليج وإسرائيل ووصولا إلى أوروبا؛ لتحييد مشروع «الحزام والطريق» الصيني.
اشترطت السعودية، للتطبيع مع إسرائيل،الموافقة على إقامة دولة فلسطينية، أكد الأمير محمد بن سلمان، فى حوار مع «فوكس نيوز» سبتمبر الماضي،أنّ القضية الفلسطينية مهمة للرياض،نأمل أن نصل إلى نتيجة تجعل الحياة أسهل للفلسطينيين، وتسمح لإسرائيل بلعب دور فى الشرق الأوسط.
وأشار السفير السعودى فى لندن خالد بن بندر، يناير الماضي، إلى اهتمام بلاده بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بمجرد أن تضع حرب غزة أوزارها، وكشف عن أن الاتفاق كان وشيكا بالفعل لولا الحرب. وأن المفاوضات ستتواصل بشأنه عقب وقف النار فى غزة.
لايزال من غير الواضح شكل الاتفاق الأمنى بين السعودية وأمريكا التى تعد القوة المحركة الرئيسة للوصول إلى الاتفاق والتطبيع، الرئيس الأمريكى جو بايدن متحمّس لتحقيق إنجاز فى السياسة الخارجية، يحد من التهديد الإيرانى على المصالح الغربية، ويعيد تثبيت النفوذ الأمريكى بمواجهة الحضور الصينى المتصاعد فى المنطقة، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
على الشاطئ الآخر، يعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلى التطبيع مع المملكة «الجائزة الكبرى» لإسرائيل، تفتح لها أبواب الاندماج فى المنطقة العربية والعالم الإسلامي؛ بكل ما لذلك من فوائد هائلة وتحولات إستراتيجية بالغة التأثير، نشر مكتبه أمس الأول خرائط لمشروعات تعاون بين دول الخليج وإسرائيل. المفارقة أن العقبة الحقيقية أمام تنفيذ التطبيع هى حكومة نيتانياهو نفسها، مجموعة متطرفين تهيمن على سدة الحكم فى الكيان الصهيوني، تقوض أى محاولة للتسوية السلمية وإقامة الدولة الفلسطينية.ما يجعلها حجر عثرة أمام التطبيع مع السعودية وإعادة انتخاب جو بايدن لفترة جديدة.
لا يأخذ نيتانياهو مخاوف بايدن من خسارة الانتخابات الرئاسية على محمل الجد، ومن ثمّ يرفض تقديم تنازلات للفلسطينيين فى ظل تشكيلة الحكومة الحالية، لأن ذلك سيؤدى إلى تفكك الائتلاف الحاكم الذى يحتاجه نيتانياهو للبقاء فى الحكم بعيدا عن دخول السجن بتهم الفساد.
تقف منطقة الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة ذات ملامح مختلفة وتأثيرات بعيدة.
تعمل الإدارة الأمريكية بكل طاقتها لتوقيع الاتفاق، تجد نفسها فى ظروف صعبة، قد تعصف بفرصة إعادة انتخاب بايدن لرئاسة الولايات المتحدة؛ تدرك واشنطن أن السعودية ليست فى عجلة من التطبيع دون حل مقبول للقضية الفلسطينية، كما تعى إدارة بايدن أنهاعاجزة عن ممارسة ضغوط حقيقية على الحكومة الإسرائيلية، وستكون الإدارة الأمريكية الخاسر الأكبر إذا لم تتم عملية التطبيع قبل حلول انتخابات الرئاسة نوفمبر المقبل.
طرف آخر يراقب الأمر بقلق وامتعاض، تخشى إيران أن يؤدى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية إلى إعادة التوتر بين السعودية وإيران من جديد، والأخطر حدوث تغيير جذرى لموازين القوى فى المنطقة على نحو لا يمكن لطهران احتماله أو التعايش معه.
يعصف الغموض بالمشهد الإقليمي، والأيام وحدها كفيلة بإماطة اللثام عن الحقائق المتوارية!.
M_ha7@hotmail.com
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية