تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

إسرائيل..ونبوءة «أبوعبيدة»!

«زمن انكسار الصهيونية قد بدأ، ولعنة العقد الثامن ستحل عليهم، وليرجعوا إلى توراتهم وتلمودهم ليقرأوا ذلك، ولينتظروا أوان ذلتهم بفارغ الصبر».. هذا ما قاله أبوعبيدة، الناطق باسم «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكرى لحركة حماس. يقصد أن إسرائيل على وشك الزوال استنادا إلى تاريخ اليهود، فلم تعش لهم دولة أكثر من 80 عاما إلا فى زمن الملك داود والحشمونائيم، حيث بدأ تفكك الدولتين فى العقد الثامن.

تأسست إسرائيل فى 14 مايو 1948، وهى تقارب «الثمانين» من عمرها، مما يثير الأسئلة حول مستقبلها. ما قاله أبوعبيدة مؤخرا، حذر منه كبار القادة الإسرائيليين، ففى مؤتمر هرتسيليا عام 2017، قال بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء إنه حريص أن تبلغ إسرائيل المئوية الأولى، برغم أن التاريخ يخبرنا «أنه لم تعمّر لليهود دولة أكثر من 80 سنة».
على خطاه سار نفتالى بينيت رئيس الوزراء السابق، حيث نبه- فى مايو 2021- إلى أن إسرائيل قادرة على مواجهة جميع التهديدات؛ قوتها أعظم من كل أعدائها، لكنه أشار إلى أن «التفكك الداخلى والكراهية الأخوية التى كانت سببا فى تشتت اليهود هى أخطر ما يهدد إسرائيل بالاندثار».
وبعد عام من ذلك، كتب إيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق مقالا فى «يديعوت أحرونوت» محذرا من انهيار إسرائيل التى تقارب العقد الثامن، مثلما حدث فى التجربتين السابقتين، وأوضح أن «الدولة الصهيونية» هى التجربة الثالثة، وقد تضربها لعنة العقد الثامن».

لم يقف الأمر عند النخبة السياسية، بل أكد الجنرال المُتقاعد شاؤول أرئيلى أن الحركة الصهيونيّة «فشلت فى تحقيق حُلم إقامة دولة ديمقراطيّة بأغلبية يهودية»، قال الكاتب آرى شافيط: «اجتزنا نقطة اللاعودة، إسرائيل تَلفُظ أنفاسها الأخيرة، والإسرائيليون يُدركون منذ أن جاءوا إلى فلسطين أنهم ضحايا كذبة اخترعتها الحركة الصهيونية عندما ضخّمت المحرقة واستغلتها لإقناع العالم أن فلسطين أرض بلا شعب، وأن الهيكل المزعوم تحت الأقصى»، وأضاف: «حان وقت الرحيل إلى سان فرانسيسكو أو برلين». وأيده إبراهام بورغ رئيس الكنيست الأسبق قائلا، «إسرائيل على أبواب نهاية الحلم الصهيونى، وتتجه إلى الخراب»، داعيا الإسرائيليين لامتلاك جواز سفر آخر.

وبينما أوضح الكاتب روجيل ألفير أن إسرائيل وقعت شهادة زوالها، لأسباب، منها: حرب متعددة الجبهات، بالإضافة إلى التفكك الداخلى، والصراعات بين التيارات اليهودية فى المجتمع الإسرائيلى، صدم الكاتبُ جدعون ليفى الإسرائيليين بتأكيده: «إنّنا نُواجه أصعب شعب فى التّاريخ، وعملية التدمير الذاتى والمرض السرطانى الإسرائيلى بلغا مراحلهما النهائية، ولا سبيل للعلاج بالقبب الحديدية، ولا بالأسوار، ولا بالقنابل النووية».

إن تصريحات القادة الإسرائيليين والخوف من عقدة/ لعنة الثمانين دعوة للتدبر، حيث تعكس رعبا من زوال الكيان الصهيونى، مع أنها دولة قوية على المستويات كافة: سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا، وقوة عظمى متقدمة، تحوز كل أسلحة الدمار الشامل، وتقف القوى الكبرى فى خندقها، وتمدها بأسباب الحياة والمساندة والازدهار. أما العرب الذين تعتبرهم أعداءها، فإنهم ليسوا فى أحسن أحوالهم، وهم الذين بادروا إلى مد يد السلام والتطبيع معها، واتخذوا «السلام خيارا إستراتيجيا»، ترفضه إسرائيل وتتنصل من متطلباته، أى الأرض مقابل السلام، وتريد «السلام مقابل السلام»، حتى تتوسع على حساب العرب، وتجتث الفلسطينيين من أرضهم.

قامت إسرائيل على أرض فلسطين بعد انتهاء الانتداب البريطانى، حيث استماتت أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فى اختراع وطن قومى لليهود، بعيدا عن دولها الوطنية وتخومها الجيوسياسية، بعدما استعصى على اليهود الاندماج فى المجتمعات الأوروبية، لذلك يثير احتمال زوال إسرائيل، بعد الثمانين، قلق القوى الاستعمارية الغربية التى تضمن بقاءها وغطرستها، مثلما يثير رعب قادتها أنفسهم. شنت إسرائيل حروبا ضد العرب، انتصرت فى معظمها، ولأنها عضو غريب مزروع فى غير جسده، تظل محكومة بالقلق الوجودى، فالفلسطينى كابوس لا يمكن التخلص منه إلا بإعطائه حقه، وهو ما لا ترغب إسرائيل فى التسليم به طواعية، بل تقترف مجازر مروعة بحق النساء والأطفال، جنون دموى يهدر قواعد القانون الدولى والإنسانى، ينبع من فهم منحرف لمعنى «شعب الله المختار».

فضحت الحرب على غزة حقيقة إسرائيل، التى تدعى الديمقراطية والالتزام بحقوق الإنسان، وتمارس إرهاب الدولة بأقبح صورة، ما يسقط الأساطير التى تسوقها حول أنها «دولة مستضعفة يحيط بها أعداء أشرار».

أدى نيتانياهو دوره باقتدارفى سد أبواب السلام وغلق صفحة الصراع مع العرب، وها هو اليوم يتجرع السم من الكأس التى أعدها بيديه، إذ مر أكثر من 60 يوما منذ شرع الجيش الإسرائيلى فى حربه الهمجية على غزة دون نصر محسوس، وبرغم موازين القوى المختلة بين إسرائيل وحماس، تقف تل أبيب أمام خيارات عسيرة، إما القبول بحل الدولتين للوصول إلى سلام يرتاح معه الجميع، وإما التمادى فى العدوانية وإثارة الكراهية بين الشعوب.

إن استمرار اليمين المتطرف فى قيادة إسرائيل خطر شديد على المنطقة والعالم، لكنه أشد خطورة على إسرائيل نفسها، يعمق مأزقها، ويدفعها فائض الغرور بالقوة إلى حافة الهاوية. إسرائيل الآن أعدى أعداء إسرائيل، تحمل فى ذاتها بذور فنائها على أيدى زعمائها المتطرفين وطوائفها المتناحرين، لا بيد العرب، فهم أضعف من ذلك. أعتقد أن إسرائيل ستعبر الثمانين، لكن المصير الكارثى سيلاحقها على الدوام ما لم تقبل بالسلام، بالداخل والخارج.

M_ha7@hotmail.com

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية