تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

مصر وشرق أوسط ما بعد الحرب

على الرغم من أن الحرب الإسرائيلية – الأمريكية على إيران لم تنته بعد، رغم ما أعلنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشكل مفاجئ لوقف إطلاق النار بعد ساعات من القصف الإيرانى لقاعدة «العُديد» الأمريكية فى قطر مساء الاثنين (23/6/2025)، فإن المشهد الإقليمى الراهن فى الشرق الأوسط لم يعد كما كان عليه الحال قبل تلك الحرب التى فجرها العدوان الإسرائيلى على إيران فجر الجمعة (13/6/2025).

 

نحن فى هذا الإقليم أمام مشهد جديد أهم معالمه أن إسرائيل لم تنتصر على إيران فى هذه الحرب، رغم كل ما أعلنته قبل هذا العدوان من أهداف لم تستطع تحقيقها، ومن أهم معالمه أيضاً أن إيران لم تنهزم فى هذه الحرب، كما كانت تخطط إسرائيل والولايات المتحدة ، لم يسقط النظام الإيرانى أمام العدوان العسكرى والاستخباراتى الشديد الوطأة الذى تعرضت له إيران خاصة فى الساعات الأولى للحرب التى فقدت خلالها إيران العدد الأكبر من أكبر قادتها العسكريين وأبرز علمائها النوويين، لكن ما هى إلا ساعات معدودة حتى استوعبت إيران الضربة الأولى ودفعت بقيادات عسكرية لا تقل كفاءة عن شهدائها العسكريين والعلميين، وبدأت ترد بعنف مزلزل لكل المواقع العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية.

لم يتوقع الإسرائيليون والأمريكيون أن إيران لديها كل تلك القدرات على تحمل الضربات الإسرائيلية الجوية التى شنها سلاح الجو الإسرائيلى مزوداً بأشد أنواع الذخائر الأمريكية فتكاً وتدميراً، ولم يتوقع كل هؤلاء أن إيران لديها كل تلك القدرات الصاروخية الباليستية و«الجو – فضائية» (الفرط صوتية) المزودة بقدرات تدميرية هائلة، خاصة الصواريخ من نوع «فتاح» و«سجيل» و«خيبر» التى فشلت 7 منظومات دفاعية جوية إسرائيلية وأمريكية هى الأعلى كفاءة فى الترسانة العسكرية الأمريكية والإسرائيلية فى التصدى لها، ومنعها من الوصول إلى أهدافها المحددة وتدمير كل ما فيها من أهداف عسكرية واستخباراتية.

الأمر الذى لا يقل أهمية فى هذه الحرب أن إيران، المعتدى عليها، خاضت هذه الحرب دون أن تطلب مساعدة أى دولة من أصدقائها أو حلفائها خاصة روسيا، التى ساندتها إيران فى حربها مع أوكرانيا بطائرات «مسيّرة»، والصين وكوريا الشمالية، ولم تطلب من أى من حلفائها الإقليميين التدخل فى هذه الحرب ومساندتها، فى حين أن إسرائيل لم تجرؤ على شن عدوانها على إيران إلا بعد أن حصلت على كل ما تريده من أطنان من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية من الولايات المتحدة، وإلا بعد أن أكملت التنسيق الكامل مع القيادة المركزية الأمريكية التى مقرها «قاعدة العُديد» ، ناهيك عن التنسيق الاستخباراتى والمعلوماتى الكامل بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية وكبرى الدول الأطلسية، خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا التى شاركت قواعدها بالمنطقة فى عملية التصدى للهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة الإيرانية وإسقاط أغلبها قبل الوصول إلى أهدافها داخل كيان الاحتلال الإسرائيلى بطلب إسرائيلى أكد أن ما كان يسمى فى الإعلام الإسرائيلى وعلى لسان رئيس الحكومة بنيامين نيتانياهو أن إسرائيل هى القوة الإقليمية العظمى أضحى «أكذوبة» فهى غير قادرة على أن تدافع عن نفسها أمام إيران، ووصلت الأوضاع العسكرية والنفسية «المأساوية» فى كيان الاحتلال إلى الاضطرار للاستنجاد بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب لتحقيق الهدف الذى عجزت القدرات العسكرية الإسرائيلية، رغم كل ترسانتها العسكرية الأمريكية المتطورة عن تحقيقه وهو تدمير المنشآت النووية الإيرانية ، ومطالبة الرئيس الأمريكى للتدخل من أجل وقف الحرب بعد أن صدمت القيادة السياسية والعسكرية فى الكيان بنفاد مخزونها من بطاريات الدفاع الجوى وعجز الولايات المتحدة عن إمدادها ببطاريات بديلة خشية أن يؤثر ذلك سلبياً على توازن القوى العسكرى الأمريكى مع الصين ، الأمر الذى دفع الرئيس الأمريكى ترامب للتدخل مع قطر للتوسط لدى إيران لوقف إطلاق النار بعد ساعات فقط من قصف إيران قاعدة «العُديد» الأمريكية فى قطر.

هذا المشهد يوحى بالملاحظات التالية:

- أن إسرائيل، التى أعلن رئيس حكومتها بنيامين نيتانياهو فى أوج الحرب على إيران ، أن بلاده هى من سيفرض الهندسة الجديدة للنظام الإقليمى فى الشرق الأوسط، التى ستكرس الزعامة الإسرائيلية المطلقة وإخراج إيران نهائيا من معادلة التنافس الإقليمى، فشلت فشلاً ذريعاً فى هذه المهمة، والأكثر من ذلك أنها فشلت فى حماية نفسها بمفردها، وأن وجودها أضحى مرهوناً بالدعم والرعاية الأمريكية.

- أن الولايات المتحدة بدخولها طرفا مباشرا فى الحرب على إيران تكون قد نحت إسرائيل من مهمة تزعم قيادة نظام إقليمى جديد على أنقاض النظام العربى يحقق المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وأنها هى، أى الولايات المتحدة ستكون الطرف المباشر المعنى بإدارة التفاعلات الإقليمية بالشرق الأوسط وليس إسرائيل، ما يعنى أن الشرق الأوسط ونظامه الإقليمى لن يكون مسئولية إقليمية بحتة بل سيتم عولمته لأن الوجود الأمريكى سيفتح الأبواب واسعة أمام تسابق القوى العالمية للمنافسة داخل الإقليم خاصة الصين.

- أن إيران لم تنكسر بسبب هذه الحرب، ربما تكون قد منيت بخسائر لكنها، الآن قوة قادرة على المنافسة بعد أن صمدت أمام العدوان الأمريكى – الإسرائيلى، وبعد أن نجحت فى حماية قدراتها النووية وتأكيد استئناف نشاطها النووى مجدداً فى ظل احتفاظها بمخزونها من اليورانيوم العالى التخصيب القادر على إنتاج القنابل النووية، وعزمها على مراجعة علاقتها بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد أن صمد نظامها وأكد أنه عصى على الإسقاط بفضل التلاحم الوطنى غير المسبوق على العكس من الحال الإسرائيلى الذى يشهد فيه المجتمع تفككاً غير مسبوق ونزوحا جماعيا يحمل معالم سقوط الأسطورة.

أين نحن من هذا المشهد؟

أين نحن مصر أولاً، وأين نحن العرب ثانياً؟

لعل الإجابة الأولى التى يجب أن تشغلنا نحن «كل المصريين» هى أن نعود بمصر «عظيمة مجدداً» قادرة على أن تفرض نفسها بمؤهلاتها الهائلة قوة إقليمية كبرى فى وقت تدفع فيه الأحداث المتلاحقة بمصر لتبوؤ هذه المكانة التى تليق بها عن جدارة .

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية