تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
عام جديد .. نتوسمه الأفضل
من طلب العلا .. ركب الصعب، هى مقولة استعملها بتصرف نقلاً عن مقولة من طلب العلا سهر الليالي، إذ إن هذا المسمى ماثل أمامى كرؤية لمسار عام 2023 .
فما خبرناه من تقاليد الأولين وما درجنا عليه من خبرة الحياة تؤكد أن الصعود لأعلى له مشقته من عزم وعزيمة وجهد ومعاناة . أما الانحدار إلى أسفل فما أهونه وما أوخم عواقبه. فمنذ أن قيل لآدم يوم خروجه من الجنة, بعرق جبينك تأكل خبزك, ترسخت القاعدة البشرية الأولى أن المجد للمجتهدين والعار والخنوع للكسالى والمتقاعسين
وها نحن نرى وطن الأوطان مصر وقد اتخذ لنفسه طريق الجد والاجتهاد واضعاً نصب عينيه تحقيق طموحات عالية الشأن ليطوى صفحات لسنوات وسنوات من التكاسل مضت، غلفتها سياسة المواءمات والاكتفاء بالمتاح من الموارد دون ثمة سعى وراء طموحات ظنها البعض عزيزة المنال، متناسين أننا أمة عظيمة راسخة الأقدام وجدت قبل فجر كتابة التاريخ .
وها نحن نحيا آلام مخاض لولادة مصر الحاضر والمستقبل كما نتمناها لأنفسنا ولأجيالنا من بعدنا. فعما قريب نرى مصر فى جمهوريتها الجديدة وقد اكتسبت أدوات ومقومات ترفع من مكانتها وتضعها فى مصاف دول العالم الثانى.
مما لاشك فيما نراه ونحياه أن مصر ماضية فى تحقيق خطة شاملة متكاملة للنهوض بجميع إمكانات الدولة المتاحة فى مختلف المجالات الاقتصادية سواء الزراعية كانت أو الصناعية أو استكمالاً للبنية اللوجستية من تطوير للموانئ ومنافذ الانفتاح على العالم شرقاً وغرباً بلا حدود. والأمر ليس بخاف على أهل الخبرة والرؤية والروية بأن الدول المستقلة والمحررة من نير الاستعمار الجديد والنفوذ الخارجى المستغل يتحتم عليها أن تحقق اكتفاء ذاتياً بدرجة جيدة فى المجالات التالية: صناعة الغذاء ـ الدواء والكساء ـ البحوث الطبية والأمصال ـ صناعة الآلات والمعدات الحديثة والمستحدثة ـ إطلاق آليات التعليم لآفاقها العليا ـ بناء قدرات عسكرية تصون أمنها وتردع أعداءها ـ الدخول بقوة فى صناعات التكنولوجيا والرقمنة كلاعب منافس، وكذا منظومة صناعة الأسلحة بما فى ذلك الطيران والصواريخ وعلوم الفضاء، وها نحن نرى تلك المقومات وقد وضعتها الدولة نصب أعينها كأهداف لها أولوياتها طبقاً لجاهزية الدخول فيها واحدة تلو الأخرى
كما أننا نرى الدولة تسير بخطى ملموسة لتحقيق مبدأ أن الوطن الذى لا يصنع غذاءه بنفسه يقع حتماً تحت سطوة النفوذ الخارجى عاجلاً أم آجلا، والأمر ليس بخاف أن الجيل الحالى الذى نعايشه فى هذه الحقبة هو الجيل الذى سيصنع هذا التغيير وسيحمل شرف تحمل المعاناة وآلام المخاض فى فترة التحول الكبرى هذه، التى نعبر بها عنق الزجاجة لنصل إلى رحابة التنمية المستدامة دخولاً لعصر الرخاء والرفاهية، والذى سيبنى على أساس العمل الجاد والمنتج لكل يد شريفة قادرة على العمل والإنتاج والبناء.
وقد يرى البعض ــ وأنا واحد منهم ــ أن الانطلاقة الكبرى لمصر ستتحقق متى تحولت الزيادة السكانية المطردة على ضخامتها وجسامة أعبائها على اقتصاد الدولة لتصبح أيدا عاملة فاعلة وداعمة لاقتصاد الدولة، وبذا يتحقق الفوز العظيم اقتصاديا.
ولعل بعض الأصوات التى تعالت على غير دراية كافية، من أن الإنفاق على البنية الأساسية قد أضر بالاقتصاد الوطنى وأدخلنا فى أزمات اقتصادية يرون أننا كنا فى غنى عنها، ولهم أوضح دون أن أكون فى موقف الحكيم الناصح...إن الاستثمار فى مجمله متعدد الأطياف، فمنه الاستثمار العاجل والآجل فى عائده ما بين مداه المتوسط والبعيد، فالتعليم مثلاً له عائده المتوسط والبعيد، والاستثمار فى الصحة له عائده المتوسط والبعيد، بينما الاستثمار فى الثروة التعدينية له أثره الفورى والعاجل، كما أن الاستثمار الصناعى له عائده المتوسط والطويل، والاستثمار الزراعى والغذائى له كلفته العالية مع بطء تحقيق العائد منه على أهميته المتقدمة.
ومن ذلك فإنه من الواضح بجلاء أنه من أجل تحقيق نهضة شاملة و الدخول فى زمرة دول العالم الثانى فإنه يتعذر فى حالات كثيرة إرجاء استثمارات دون غيرها لأنها تتكامل مع بعضها لتصنع اقتصاداً واعداً، والأهم من ذلك أن يكون ذاتى التنامى ، كما أن شبكة الطرق التى تربط مصر شمالها بجنوبها وشرقها بغربها لها أهمية كبرى قد تغيب عن البعض من الأقلية ولا تغيب عن فطنة الأغلبية من المصريين . إذ إن هذه الشبكة سيكون لها فضلها فى الارتقاء بجنوب الوادى وتقليل الفوارق فى الدخول بين الوجه البحرى وصعيد مصر على رحابته وعظمة تاريخه، محققة بذلك المبدأ الاقتصادى الراسخ وهو العدالة فى توزيع الثروة القومية وفرص العمل على كل الرقعة الجغرافية للدولة لأن جموع أبناء مصر كل لا يتجزأ فى حقه فى الحصول على نصيبه العادل من الثروة القومية وفرص العمل بذات مستوى الأجور والدخول، وهو ما كان ينقصنا على مدار أحقاب وأحقاب. كما أن شبكة الطرق هذه لها دورها الحيوى كشرايين للاقتصاد تنقل البضائع من منتجات مصرية تصديراً عبر موانئ البحرين الأحمر والأبيض على السواء وتستقبل واردات من خامات وقطع غيار ومستلزمات إنتاج لتضيف لها قيمة مضافة تعلى من شأنها وتحولها إلى منتجات للاستهلاك المحلى بديلاً للمستورد، أو صادرات تشق طريقها للأسواق العالمية.
مع أطيب أمنياتنا بعام جديد تهل علينا بشائره نرى فيه نهاية آلام المخاض والدخول بعدها فى رحابة الاقتصاد الواعد الذى ننشده، والذى سيكون قوامه العمل الجاد وتوفير فرص العمل للمزيد من الأيدى العاملة والخريجين الذين يسعون وراء طموحات واعدة لهم فيها الحق كل الحق.
> رجل صناعة ورئيس مجلس الأعمال المصرى الألمانى
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية