تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
هل تضم إسرائيل أراضى الضفة الغربية فى 2025؟
كتبت الأسبوع الماضى عن أن هدف السياسة الإسرائيلية، هو تغيير الواقع الإستراتيجى فى الشرق الأوسط، وأتناول فى هذا المقال دلالة ذلك بالنسبة للضفة الغربية. ففى مطلع شهر نوفمبر 2024، صدرت تصريحات من «بتسئيل سموتريتش» وزير المالية الإسرائيلى والمسئول عن إدارة الاستيطان فى الضفة الغربية، و«ايتمار بن غفير» وزير الأمن الداخلي، تشير إلى أن على إسرائيل أن تتخذ الخطوات العملية لمد سيادتها على يهودا والسامرة، وهى التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية فى 2025، وأن تولى ترامب الرئاسة الأمريكية يوفر لإسرائيل الفرصة لتحقيق هذا الهدف.
وأعقب ذلك تصريح «وريت ستروك» وزيرة الاستيطان الإسرائيلية: «نعمل على قدم وساق لإعلان السيادة على أكبر مساحة ممكنة من الضفة»، ومعنى هذه التصريحات تغيير الوضع القانونى للضفة من كونها أراضى محتلة، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، إلى اعتبارها جزءا من أراضى إسرائيل.
لم تكن هذه التصريحات مجرد أقوال وأمنيات، بل ارتبطت بتطورات على أرض الواقع، تفصح عن تصور الحكومة اليمينية القائمة لمستقبل الضفة الغربية. ففى العام الذى تلا 7 أكتوبر 2023، توسعت المستوطنات القائمة، وتم إنشاء 8681 وحده سكنية فيها. وفى نفس العام، تمت إقامة 43 بؤرة استيطانية زراعية ورعوية، وذلك مقارنة بمتوسط 7 بؤر سنويًا خلال الأعوام 1996-2022.
وتضمن ذلك، الاستيلاء على الأراضى وإبعاد الفلسطينيين عنها بشكل منهجي، وتقليص المساحة التى يعيش فيها الفلسطينيون فى المنطقة «ج» الخاضعة للإدارة الإسرائيلية والتى تبلغ مساحتها مايزيد على 60% من أراضى الضفة الغربية. وذلك مقارنة بالمنطقة «أ» التى تبلغ مساحتها حوالى 18% من أراضى الضفة، والتى تخضع نظريا للسيطرة المدنية والأمنية الفلسطينية. أما المنطقة «ب» التى تشمل ما تبقى من أراضى الضفة، فإنها تخضع نظريا فى الأمور المدنية للسلطة الفلسطينية، وفى الأمور الأمنية للسلطة الفلسطينية ـ الإسرائيلية المشتركة. وقد تعمدت استخدام كلمة «نظريا»، لأن القوات الإسرائيلية تتحرك دون قيد، وتقوم بعمليات عسكرية فى كل مكان فى الضفة بما فى ذلك الشوارع القريبة من مبنى الرئاسة الفلسطينية فى رام الله.
وفى عام 2024، صادرت سلطات الاحتلال آلاف الأفدنة تحت دعاوى مختلفة، مثل أنها أراضى دولة، أو مناطق عسكرية مغلقة أو مناطق أثرية أو محميات طبيعية. أضف إلى ذلك، تسليح الحكومة للمستوطنين، وتصاعد هجماتهم على المدنيين الفلسطينيين وترويعهم، على أمل أن يجبرهم ذلك على النزوح ومغادرة ديارهم. ولكن الأهم من ذلك، هو سياسة « الضم الصامت» التى تمارسها إسرائيل، وذلك بربط البنية الاقتصادية والإدارية والقانونية للضفة مع إسرائيل، وتم ذلك على مدى عقود طويلة بحيث يصبح من الصعب الفصل بين الاثنين. وعبر سموتريتش عن ذلك بالقول إن إسرائيل تمارس السيادة الواقعية، مما يترتب عليه الحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية.
وهناك من الدلائل ما يشير إلى أنه فى إطار المباحثات الإسرائيلية الأمريكية بشأن ماسُمى ب «صفقة القرن» عام 2019 التى روجها كوشنر صهر الرئيس ترامب، قام فريق عمل برئاسة الوزير ياريف ليفى الذى يشغل حاليا منصب نائب رئيس الوزراء فى إسرائيل، بإعداد الإجراءات العملية الخاصة بالضم والتى شملت النظم واللوائح الإدارية والخرائط وشبكة الطرق، بل تمت صياغة القرار التنفيذى الحكومى بهذا الشأن.
لم يكُن نيتانياهو بعيداً عن تصريحات زملائه فى الحكومة، وأذاعت هيئة البث الإسرائيلية فى يوم 12 نوفمبر 2024 أن رئيس الوزراء نيتانياهو ذكر فى اجتماع مغلق، أن موضوع ضم الضفة الغربية «يجب أن يعود إلى جدول الأعمال» مع تولى الرئيس ترامب السلطة. وبهذه التصريحات، يُخرج قادة اليمين المتطرف من أدراج مكاتبهم ملف التوسع، مُستفيدين فى ذلك من نجاح ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وبدء ممارسته للسلطة فى 20 يناير 2025. ففى فترة إدارته الأولى، اعترف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، وأصدر قرارا اعترفت فيه واشنطن بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة، وقدم اقتراحا لخطة سلام تضمنت ضم إسرائيل عددا من المستوطنات الكبيرة فى الضفة الغربية، وقام وزير خارجيته بزيارة بعضها.
وزاد من تفاؤل تل أبيب وتوقعها تأييد ترامب لهذه الخطوة، ترشيحه مايك هاكابى حاكم ولاية أركنساس السابق لمنصب السفير الأمريكى فى إسرائيل، والذى قال عنه ترامب إنه «يحب إسرائيل وشعب إسرائيل، وعلى نحو مماثل، يحبه شعب إسرائيل»، وهو المعروف بدعمه المطلق لسياسات الحكومة الراهنة. وتأكد ذلك بالتصريحات التى أدلى بها الرجل وعبر فيها عن توقعه دعم الرئيس ترامب لمثل هذه الخطوة، مذكرا بأن ترامب دعم إسرائيل بما يفوق ما قام به أى رئيس أمريكى آخر. ومن الجدير بالذكر أن ترامب لم يعلق على الموضوع ربما لأنه لا يريد إلزام نفسه بموقف قبل تسلمه السُلطة، وإن كانت له تصريحات سابقة لا تُمانع فى ضم إسرائيل للضفة.
وبالطبع، فإن مثل هذه التصريحات الإسرائيلية تمثل تقويضًا لأسس القانون الدولى وللشرعية الدولية، وانتهاكا لميثاق ومقررات الأمم المتحدة على مدى أكثر من نصف قرن. تنتهك هذه الآراء أيضا، تأكيد محكمة العدل الدولية أن الضفة الغربية وغزة هى أراض محتلة، ينبغى على إسرائيل الجلاء عنها. كما تمت إدانتها من كل الدول العربية وعديد من دول العالم.
تشير كل المعلومات المتاحة إلى أن إسرائيل مستمرة فى سياستها الهادفة إلى ضم الضفة الغربية إليها، أو على الأقل المساحة التى تقع فيها المستوطنات الكبيرة، وأنها تسعى لاتخاذ قرار حاسم بشأن «السيادة الإسرائيلية» على الضفة الغربية فى عام 2025.
وعلى الحكومات العربية أن تستعد من الآن لهذا السيناريو، وتُعد من الآن لكيفية وسُبل مواجهته.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية