تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ماذا حدث فى الحرب الإسرائيلية على إيران؟
بينما كان وزير الخارجية الإيرانى والعاملون معه يستعدون لبدء الجولة السادسة من المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووى الإيراني، شنت إسرائيل فى 13 يونيو 2025 أى قبل موعد الجولة بيومين هجوماً مفاجئاً ضخماً على إيران، كانت له آثاره الكبيرة على المستوى الإقليمي. وبعد اثنى عشر يوماً من القتال، أعلن الرئيس دونالد ترامب الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وافقت عليه حكومتا إيران وإسرائيل. فماذا حدث وماهى الدروس والاستنتاجات؟
أول هذه الدروس، فهم حقيقة العلاقة العميقة المتداخلة بين أمريكا وإسرائيل، وانه عندما تتحدث وسائل الإعلام عن خلاف بين واشنطن وتل أبيب، فانه ينبغى التعامل مع هذه الأخبار والتحليلات بحذر شديد،فقد وقفت واشنطن بصلابة على مدى عقود لدعم قدرات إسرائيل العسكرية وضمان تفوقها وأن تكون قادرة على إلحاق الهزيمة بأى دولة أو بمجموعة من الدول. وفى هذه الحرب، شاركت واشنطن فى كل مراحلها بالتنسيق وتبادل المعلومات، وتزويدها بالأسلحة التى تمكنها من الاستمرار فى القتال، كما استمر التنسيق فى الهجوم الذى شنته أمريكا على إيران فى 22 يونيو، كما ضمنت أمريكا لإسرائيل الحماية الدبلوماسية بتعطيل صدور أى قرار إدانة لها من جانب مجلس الأمن.
يُضاف إلى ذلك، ممارسة خطيئة ازدواجية المعايير، عندما يتطلب الأمر ذلك، ومنها مطالبة أمريكابمنع إيران من حقها فى تخصيب اليورانيوم فى الاستخدامات السلمية وهو حق نصت عليه اتفاقية الحظر الجزئى للتجارب النووية لجميع دول العالم. ومنها أيضاً مشاركة أمريكا النووية عضو الاتفاقية، مع إسرائيل النووية التى لم تنضم إلى الاتفاقية، لضرب إيران عضو الاتفاقية لمنعها من امتلاك برنامج نووي.
وهناك ثانياً،درس الخداع والتضليل، وتكرار المعلومات على النحو الذى يُضلل الطرف الآخر. وعلى سبيل المثال، أن الرئيس ترامب وممثله ويتكوف كررا أكثر من مرة أن إسرائيل لن تهاجم إيران طالما استمرت المفاوضات، ويبدو أن إيران صدقت ذلك فكانت مفاجئتها مروعة عندما شنت إسرائيل هجومها المباغت فى وقت كانت المفاوضات فيه ما زالت جارية.
وتكرر مشهد الخداع عندما هدد الرئيس ترامب إيران بأن عدم استجابتها للمطالب الأمريكية قد يُعرضها لهجوم أمريكي، وفى 20 يونيو أعطاها مدة أسبوعين لاتخاذ القرار، وبعد يومين فقط من هذا التصريح شنت أمريكا هجومها الكبير والكاسح على إيران.
ثم لابد أن يتوقف الإنسان ثالثاً أمام درس خطورة الانكشاف الخارجي، فقد تصرفت إسرائيل فى الداخل الإيرانى كأنها تقرأ فى كتاب مفتوح تعرف كل المواقع العسكرية وأماكن البنية التحتية، وتعرف أيضا ًأسماء وأماكن إقامة القادة العسكريين والمخابرات وعلماء البرنامج النووي، الذين قتلت عدداً منهم فى هجوم 13 يونيو، وكأن ذلك لم يكن كافياً فقتلت فى آخر أيام القتال أى يوم 24 العالم الإيرانى محمد رضا صديقى صابر، الذى حاولت قتله فى منزله بطهران فنجا وقتلت ابنه، فلجأ إلى منزل والديه فى مدينة «أستانة أشرفية»بشمال إيران قرب بحر قزوين، فتعقبته إسرائيل وقتلته فى هذا اليوم.
بلغ التغلغل الإسرائيلى حد زرع مئات العملاء والجواسيس الذين انخرطوا فى مختلف مجالات الحياة، وتطورالأمر إلى أن هؤلاء العملاء أطلقوا طائرات مُسيرة ضد أهداف عسكرية من داخل إيران، وتغلغلوا فى الأجهزة الأمنية الإيرانية. ومن قبل تبين خطر الانكشاف الخارجى لحزب الله عندما استطاعت إسرائيل اغتيال قياداته أولاً بأول، ونجاحها فى تنفيذ عملية البيجرز التى استهدفت أعداداً كبيرة من قيادات الحزب.
يرجع هذا بالتأكيد إلى القدرات التكنولوجية التى تمتلكها إسرائيل فى مجال التتبع والتعرف على الشخصيات، ووجود عملاء على الأرض ولكنه يرجع أيضاً إلى التهاون فى إجراءات الأمن، وعدم الصرامة فى تنفيذها، والظهور العلنى لشخصيات أمنية كان ينبغى أن تبقى أشباحا غير معلومة لأحد.
وهناك رابعا ما أفصحت عنه هذه الحرب من قدرات إيرانية، تعرضت إيران يوم 13 يونيو إلى هجوم إسرائيلى واسع استهدف عدداً من المنشآت العسكرية واغتيال بعض قادة الجيش، والحرس الثورى والمخابرات وعلماء الذرة، ورغم قسوة الضربة، فقد استوعبتها القيادة الإيرانية، وتمكنت ابتداءً من اليوم التالى من توجيه ضربات صاروخية فى العمق الإسرائيلي، وعلى مدى أيام الحرب بلغت الصواريخ الإيرانية أهدافها فى تل أبيب وحيفا وعسقلان وبئر سبع، وفرضت على إسرائيل أن تعيش فى سياق لم تتعرض له منذ عام 1948. استطاعت إيران الاستمرار فى الحرب منفردة دون دعم عسكرى من الخارج مقارنة بالدعم الأمريكى والغربى لإسرائيل، عندما اتضح أنها لا تستطيع القضاء على المفاعلات النووية الإيرانية تدخلت أمريكا للقيام بالمهمة.
كان من شأن هذه الضربة الأمريكية تغيير تفكير القيادة الإيرانية التى أدركت أنه ليس فى وسعها الدخول فى حرب عسكرية مفتوحة مع واشنطن، ومن ثم قررت الموافقة على قبول وقف إطلاق النار، وأن يتم إخراجه على النحو الذى يحفظ ماء وجهها، ومن ثم انتهت الأعمال القتالية، وفى اليوم الثانى احتفل الطرفان بالانتصار فى الميادين، وصور كل منهما الحرب وكأنها انتصار له.
وتبقى الإشارة خامسا إلى أهمية صلابة الجبهة الداخلية وارتباط الناس بأهداف نظام الحكم. لقد راهنت إسرائيل على أن ضرباتها ضد إيران سوف تُعطى القوى المعارضة فى الداخل الفرصة للتحرك ضد النظام مما يؤدى إلى إسقاطه، وثبت العكس، وأدت الضربة الأمريكية إلى التفاف مختلف القوى السياسية حول رموز دولتهم رغم الاختلاف معهم.
ففى المواجهات الكبرى، والحروب فإن قدرة الدولة مهما بلغ قوة نظامها الحاكم ومؤسساتها الرسمية فإنها ترتبط ارتباطا وثيقا بتأييد الشعب لها وتبنى أهدافها والالتفاف حولها فى أوقات الأزمة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية