تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. علي الدين هلال > دلالات مشهد شرم الشيخ.. أكتوبر 2025

دلالات مشهد شرم الشيخ.. أكتوبر 2025

تحظى مدينة شرم الشيخ برمزية خاصة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلي. فهى بحُكم موقعها الاستراتيجى عند ملتقى خليج السويس وخليج العقبة وقربها من مضيق تيران، احتلتها القوات الإسرائيلية 1967، وردد وزير الدفاع موشى ديان أن الحرب مع استمرار احتلال المدينة أفضل من السلام بدونها.

وبعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية 1979، استضافت المدينة عددا من المؤتمرات الدولية التى مثلت محطات رئيسية فى السعى لتحقيق تسوية سلمية، وأتوقف فى هذا المقال أمام ثلاثة منها:

 

الأولي: هى قمة صانعى السلام فى مارس 1996، بعد توقيع مُعاهدة أوسلو 1993، وذلك لحث إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على تنفيذ بنودها.

فأُقيم المؤتمر برئاسة مشتركة بين الرئيسين الأمريكى بيل كلينتون والرئيس حسنى مبارك، وشارك فيه ياسر عرفات وشمعون بيريز ورؤساء وممثلو نحو 30 دولة.

والثانية، مؤتمر فبراير 2005 لضمان وقف أعمال العنف بين إسرائيل ومُنظمة التحرير فى عقب الانتفاضة الفلسطينية الثانية التى اندلعت 2000 واستمرت 5 سنوات. انعقد المؤتمر بوساطة مصرية أردنية، وشارك فيه الرئيس المصرى والملك عبدالله الثاني، ومحمود عباس وأريئيل شارون.

والثالثة، مؤتمر المانحين مارس 2009، بهدف إعادة تعمير غزة بعد العدوان الإسرائيلى عليها فى 2008. شارك فى المؤتمر محمود عباس وقرابة 40 وزير خارجية من مختلف الدول، وممثلون للمؤسسات المالية الدولية الذين تعهدوا بالتزامات مالية بلغت نحو 4.5 مليار دولار.

يمكن إرجاع فشل هذه المؤتمرات فى تحقيق السلام، وعدم تطبيق القرارات التى خرجت عنها بعدة أسباب. منها: سلوك إسرائيل الذى اتسم بالمراوغة والتنصل من التزاماتها الواردة فى الاتفاقات، معتمدة فى ذلك على عدم توازن القوى مع الفلسطينيين، انتهت هذه المؤتمرات ببيانات عامة تعبر عن أهداف نبيلة، ولكنها لم تحدد آلية تنفيذ، كما أنها لم تُحدد ما هى الدول الضامنة للاتفاق. كما لم تُنص على الترابط الموضوعى بين القضايا مما سمح لإسرائيل بتنفيذ بعضها وعرقلة الأخري.

وهناك أيضا أن هدف المشاركين فى بعض هذه المؤتمرات كان تهدئة الأوضاع، وليس البحث عن حلول لجذور الصراع. وزاد الأمر صعوبة، الانقسام السياسى بين فتح وحماس، وسيطرتها على الحكم فى غزة، وهو التطور الذى أراح إسرائيل فقد مكن قادتها من الحديث عن غياب شريك فلسطينى يمكن التفاوض معه، كما أدى إلى انقسام المسار السياسى بين غزة والضفة الغربية. ودعم من ذلك، تغير أوزان القوى السياسية فى إسرائيل وتصاعد تيارات اليمين المتشدد التى أفصحت عن أفكارها التوسعية ورفضت آية أفكار أو مُقترحات بشأن إقامة الدولة الفلسطينية.

ساعد السياق الإقليمى والدولى أيضًا على عدم تحقيق هذه المؤتمرات لأهدافها أيضًا، فالتضامن بين الدول العربية بشأن فلسطين أصابه عدد من الشروخ، وانشغلت دوله بقضايا أخرى كالغزو الأمريكى للعراق2003، والأزمات الداخلية، ومكافحة التنظيمات الإرهابية، وتداعيات انتفاضات 2011، وحالة عدم الاستقرار السياسى والاجتماعى التى عمت المنطقة.

وعلى المستوى الدولي، اكتفت الولايات المُتحدة ودول الاتحاد الأوروبى بدور «الوسيط الشكلي» مع عدم الاستعداد لممارسة أى ضغوط على الحكومة الإسرائيلية، واستمرار كثير منها فى توفير الدعم العسكرى والسياسى وإقامة علاقات تُجارية تفضيلية معها.

دروس هذه المؤتمرات ماثلة أمام القيادة والمؤسسات السيادية فى مصر، والتى تمتلك الذاكرة وتراكم الخبرات التى مكنتها من الاشتراك بفاعلية فى الوساطة على مدى العامين الماضيين، وفى قيادة مسيرة الاتصالات الدبلوماسية، والحفاظ على وحدة الموقف العربى والإسلامي، ورفض مُخططات التهجير واقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم حتى تصل إلى انعقاد مؤتمر شرم الشيخ فى 13 أكتوبر 2025، ثم فى الربط بين ما هو ممكن فى ضوء المواقف والتوازنات الراهنة، والهدف المنشود وهو إقامة دولة فلسطينية على الأراضى المحتلة من عام 1967، والعمل بشكل تدريجى لتحقيق ذلك.

وظفت القاهرة الزخم الذى ترتب على انعقاد المؤتمر والبدء فى تنفيذ بنود المرحلة الأولى من الاتفاق للشروع فورًا فى مباحثات المرحلة التالية.

واستمرت اللجان الفنية التى يُشارك فيها طرفا الصراع والوسطاء الأربعة للتوافق حول اليوم التالى وإدارة قطاع غزة. تسعى مصر أيضًا إلى أن يكتسب الاتفاق شرعية دولية من خلال موافقة مجلس الأمن الدولى على الاتفاق خصوصًا البند الخاص بالقوات الدولية فى غزة واختصاصاتها.

تستفيد مصر فى هذا السعى من المرونة التى أبداها ترامب فى أحاديثه بشأن تفصيلات بنود الاتفاق. ومن ذلك مثلًا أنه لم يُصِر على اختيار تونى بلير فى عضوية المجلس الذى اقترحه فى ضوء الانتقادات العربية، وأنه وافق على تحرك عناصر من حماس فى المناطق انسحبت منها إسرائيل لعدم حدوث انفلات أمني، كما أشار فى أحد تصريحاته قبل انعقاد المؤتمر إلى الدولة الفلسطينية.

يتصرف ترامب على أنه «صانع السلام» و» صاحب القرار»، وأنه مقبول لدى كافة الأطراف الإقليمية والدولية. فلم يتردد فى توجيه نيتانياهو بأنه لا يستطيع مُحاربة العالم كُله، وأن إسرائيل فى عُزلة دولية، وأن السلاح الأمريكى هو الذى مكنها من مواصلة الحرب. وفى عقب تصريح نيتانياهو بأن «الحرب لم تنته بعد»، أكد ترامب أكثر من مرة أن الحرب قد انتهت.

ولم يتردد فى مُصافحة محمود عباس، ومُقابلة ممثليه ويتكوف وكوشنر مع خليل الحية رئيس حركة حماس فى غزة وكبير مفاوضيها.

ويظل هدف مصر، حسب ما ورد فى خطاب الرئيس السيسي، «فتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، ومنح شعوب المنطقة التى أنهكتها الصراعات غدًا أفضل».

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية