تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. علي الدين هلال > إدارة الاقتصاد وإدارة الدولة

إدارة الاقتصاد وإدارة الدولة

صدر فى مطلع عام 2024، كتاب ألفه د.محمود محيى الدين وزير قطاع الأعمال الأسبق والخبير الاقتصادى الدولي، وثلاث من الباحثات المصريات باللغة الإنجليزية بعنوان «الاقتصاد السياسى لإدارة الأزمة والإصلاح فى مصر»، والذى درس فيه تطور الاقتصاد المصري، وكيفية تعامله مع التغيرات السياسية والاقتصادية الحادة خلال الفترة (1952-2022). وفى 18 نوفمبر الماضي، وبدعوة من د. هالة أبو على رئيسة قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، شاركت مع زميلتى د. سميحة فوزى فى ندوة لمناقشة الكتاب بالكُلية.

نقطة البدء فى هذا الموضوع هى تعبير «الاقتصاد السياسي»، وهو المفهوم الذى يعبر عن العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والسياسة فى كل المجتمعات والأزمان والنظم. فالعلاقة بينهما متداخلة، وكلاهما يؤثر على الآخر ويتأثر به.فمن ناحية، يؤدى ارتفاع مُعدل النمو الاقتصادى فى بلد ما، مع حُسن توزيع العائد إلى ازدياد شرعية نظام الحُكم وقبول المواطنين لسياساته، والعكس صحيح.ومن ناحية أُخرى، فإن التوجهات والسياسات الاقتصادية يتم إقرارها بواسطة الحكومة والبرلمان أى بقرار سياسي، فالسياسة الاقتصادية هى إحدى السياسات العامة للحكومة. فماذا يقول هذا الكتاب؟

يعرض الكتاب للأزمات الاقتصادية التى واجهتها مصر، والسياسات التى اتبعتها فى سياق مجموعة من الضغوط الداخلية والخارجية،مشيرا إلى نجاح الاقتصاد فى مواجهة الصدمات التى صنعتها كل أزمة. ولكن ذلك ترافق مع التعثر فى إجراء الإصلاحات الجذرية التى تضمن استمرار النمو الاقتصادي، أى يمكن القول إنه نجاح تكتيكى وفشل إستراتيجي.

ذكر أيضا، أن هذه السياسات اتسمت بكونها ردود أفعال وليست استباقية، كما أنها عانت فى بعض الأحيان من عدد من الأفكار الخاطئة والقرارات الارتجالية، التى كانت بمثابة حلول مؤقتة لاعتبارات سياسية، دون النظر إلى آثارها وتداعياتها الاقتصادية طويلة الأجل.أشار أيضا إلى عدم دراسة الآثار المترتبة على تطبيق سياسة ما والدروس المُستفادة منها قبل التخلى عنها وتبنى سياسة جديدة.

أوضح الكتاب أن الاقتصاد المصرى لم يصل فى أغلب السنوات إلى مُعدل النمو الذى توافق الاقتصاديون على ضرورة تحقيقه لكسر حلقة التخلف، وهى نسبة 7%.وأشار أيضا إلى أهمية الاستثمار فى البشر خصوصا فى مجالى التعليم والصحة، وفى البنية التحتية والتكنولوجية خصوصا الرقمنة، والمرونة الاقتصادية والاجتماعية التى تتضمن الشمول والاستدامة،وإلى أهمية التوازن بين دور الأفراد والمؤسسات فى عملية الإصلاح الاقتصادي. وذلك لأن المرحلة الأولى من الإصلاح، تتطلب وجود قيادة حاسمة لها أهداف واضحة. لكن فى المراحل التالية، فإن استمرار الإصلاح يتطلب بناء مؤسسات تُحوِل سياسات الإصلاحات إلى إجراءات وممارسات يومية، فى ظل أطر قانونية،مؤكدا أن الإصلاحات الهيكلية فى الاقتصاد لا تكفى وحدها، وإنما يتطلب الأمر تنفيذ إصلاحات مماثلة، تتصل بالحُكم الرشيد. يقول الكتاب أن السمة العامة فى السبعين عاما الماضية، هى سيطرة الدولة على الاقتصاد حتى فى الفترات التى أعلنت فيها تشجيع القطاع الخاص، فقد ظلت الهيئات الرسمية والشركات المملوكة للدولة تحتل مكانة متميزة فى الاقتصاد، وتحصل على النسبة الأكبر من التسهيلات الائتمانية من البنوك. وفى تعليقى على الكتاب، ذكرت أنه يمثل إضافة مزدوجة فى بحوث التنمية. فهو من جهة، يقدم عرضا تفصيليا لتطور أداء الاقتصاد المصرى على مدى سبعين عامًا. ومن جهة أخرى، يفيد فى الدراسة المقارنة لأداء الاقتصادات المختلفة، والعوامل المؤثرة على نجاحها أو فشلها.

وفى هذا السياق، أكدت أنه من الضرورى فهم الفارق بين «إدارة الاقتصاد» و»إدارة الدولة»، لأنه رغم الأهمية الكبيرة للاعتبارات الاقتصادية، فإن إدارة الدولة تدخل فى حسابها اعتبارات سياسية واجتماعية وأمنية أخرى. وأشرت أيضا إلى أهمية متابعة تكلفة الإصلاح الاقتصادى على الطبقات والفئات الفقيرة، وتأثيره على الحراك الاجتماعى الذى يضمن استفادة الدولة والاقتصاد من أفضل العناصر البشرية وأكثرها جدارة، وكذلك إلى دور اللامركزية فى تشجيع الأنشطة الاقتصادية على المستوى المحلي،والمنافسة بين القرى والمراكز والمحافظات.

من الضرورى أيضًا تحليل مستقبل الاقتصاد المصرى فى ضوء التغيرات المناخية، والأزمات البيئية، وارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المتوقعة بخصوص ارتفاع منسوب البحار والمحيطات، وازدياد نسب التبخر فى مياه الأنهار. أضف إلى ذلك مُستقبل الزيادة السُكانية وتحديات عدم الاستقرار الإقليمي. نحن لا نريد إعادة اكتشاف العجلة، وهناك العديد من الدول التى كانت أوضاعها مماثلة لنا- وأحيانا أقل- ونجحت فى تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي. وبدراسة خبرات هذه الدول، يتضح أنه توفر لديها خمسة عناصر: قيادة سياسية لديها رؤية إستراتيجية للأهداف، ونخبة اقتصادية متماسكة تتوافق على السياسات والخطط لتحقيق هذه الأهداف، وجهاز إدارى كفء قادر على تحويل السياسات إلى خطط وبرامج، وقادر أيضا على المتابعة من خلال مؤشرات محددة والقيام بالتدخلات السريعة فى مواجهة أخطاء أو قصور التنفيذ، وتكامل أدوات التنفيذ من سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية، والاستمرار فى سياسات الإصلاح لفترة معقولة من الوقت حتى تتضح آثارها. هناك اتفاق عام على أن لكل دولة ظروفها، وأنه لا توجد صيغة أو «روشتة» واحدة تطبق بحذافيرها فى كل الدول دون تمييز،وهناك اتفاق عام أيضا على أن هناك دورا للدولة فى الحياة الاقتصادية فى دول الجنوب. ولكن السؤال هو، كيف يتم هذا التدخل وما هو مداه؟ وبعيدا عن أى أهواء أيديولوجية، فإن المحك فى الإجابة على هذا السؤال هو كفاءة وفاعلية هذا التدخل، أى إلى أى مدى يكون من شأنه إيجاد البيئة المحبذة للنمو، وتحديدا تشجيع بيئة الاستثمار وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، وفى أى الحالات يكون عقبة أمام ذلك؟

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية