تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. علي الدين هلال > 80 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وموسكو

80 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وموسكو

من ثمانين عامًا، وتحديدًا يوم 26 أغسطس عام 1943 تَم إعلان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المصرية والاتحاد السوفيتى. وبهذه المُناسبة، تَم تنظيم العديد من الأنشطة واللقاءات الثقافية للتذكير بأهم معالم تطور العلاقات الدولية بين البلدين، وأركز فى هذا المقال على الظروف التى تَمت فيها إقامة العلاقات الدبلوماسية. فى عام 1943 كانت الحرب سِجالًا بين قوات الحُلفاء (وهُم الولايات المُتحدة والاتحاد السوفيتى وبقية الدول الغربية) من ناحية، وقوات المحور (التى ضمت ألمانيا وإيطاليا واليابان) من ناحية أُخرى.

 

وكانت هُناك انتصارات وهزائم هُنا وهُناك مع ازدياد مؤشرات النصر للحُلفاء. ففى فبراير من هذا العام، نجح الهجوم المُضاد السوفيتى فى تحرير مدينة ستالينجراد من قبضة الألمان. وفى مايو، انهزمت قوات المِحور فى تونس وتمت سيطرة الحُلفاء على شمال إفريقيا. وفى يوليو تهاوى نظام موسولينى فى إيطاليا وأعلن الحُكام الجُدد الاستسلام وخروج إيطاليا من الحرب. وكرد فعل لذلك، استولت القوات الألمانية على روما وشمال إيطاليا. وفى نفس الشهر، سيطرت قوات أمريكية وبريطانية على جزيرة صقلية فى البحر المُتوسط، ومنها دخلت ميناء نابولى الإيطالى فى شهر سبتمبر. وفى نوفمبر، نجحت القوات السوفيتية فى تحرير مدينة «كييف» من سيطرة الألمان.

وفى هذا العام، حكمت مصر حكومة وفدية رأسها مصطفى النحاس باشا وتولى فيها منصب وزير الخارجية .وحسب المعلومات والوثائق الواردة فى الكِتاب الذى أصدرته دار أنباء روسيا عام 2013 بمُناسبة مرور 70 سنة على العلاقات بين البلدين، ورد أن المُبادرة جاءت من الحكومة السوفيتية التى بعثت بسفيرها فى بريطانيا العُظمى السيد ماييسكى لزيارة القاهرة لجس النبض والتعرف على مدى استعداد الحكومة المصرية لهذه الخُطوة. استمرت زيارة ماييسكى عدة أيام فى بداية شهر يوليو، والتقى فيها النحاس باشا. ولا يوجد فى الوثائق السوفيتية إشارة إلى مضمون ما دار فى هذا اللقاء.

ولكن من الواضح أن المُباحثات كانت إيجابية. فقد أرسل النحاس إلى ماييسكى خطابًا يوم السادس من يوليو أعرب عن سعادته بانتصارات الجيش الروسى فى الحرب، وأنه يتطلع إلى تبادل البعثات الدبلوماسية فى أقرب وقت. وحرص النحاس على تسجيل أن مصر استكملت سيادتها الدولية بموجب اتفاقية مونترى المُوقعة فى مايو 1937، وأنها لا تعتد بأى اتفاقات أبرمت بين الحكومة المصرية وحكومة القيصر الروسى قَبل عام 1917 تكون قد اعطت أى امتيازات خاصة للروس فى المحاكم المُختلطة أو فى تعاملاتهم التُجارية. وجاء رد ماييسكى فى نفس الشهر، الذى أشاد فيه بمشاعر الشعب المصرى تِجاه نِضال الجيش السوفيتى ضد النازية وأيد اقتراح النحاس بضرورة إقامة "علاقات دبلوماسية طبيعية بين البلدين"، مُشيرًا إلى أن موسكو تعرِفُ الوضع الدولى الجديد لمصر، وتعترف به، وأن الحكومة السوفيتية منُذ ثورة 1917 ألغت كُل الاتفاقيات غير العادلة التى أبرمتها حكومة القيصر مع البلاد الأُخرى.

وبناء على التفاهُم بين البلدين، الذى تبلور فى 26 أغسطس 1943، بدأت الإجراءات التنفيذية لإعادة العلاقات، فأرسل ميخائيل كالينين رئيس مجلس السوفييت الأعلى خِطابًا إلى الملك فاروق فى نوفمبر رشَح فيه السفير نيقلاى نوفيكوف ليكون سفيرًا للسوفييت فى القاهرة. وفى المُقابل، اقترح الملك فاروق فى رسالة إلى كالينين فى 27 ديسمبر 1943 ترشح السيد محمد كامل عبد الرحيم بك سفيرًا لمصر فى موسكو.

كان نوفيكوف دبلوماسيًا مُحترفًا وعمل بعدد من البلدان العربية وكتب مُذكراته بعنوان «يوميات دبلوماسى فى بلاد العرب» صدرت بالروسية عام 1987 وترجمها جلال الماشطة إلى اللغة العربية. والمُذكرات مليئة بالمواقف التى تعرض لها فى القاهرة والتى كان منها بعد وصوله إلى مصر أنه كان عليه أن ينتظر أربعة أسابيع لحين تقديم أوراق اعتماده إلى الملك الذى كان فى مرحلة الاستشفاء بعد حادثة القصاصين. كما كَتب عن الأخطاء التى وقعت فيها إحدى الصُحف المصرية عند تغطيتها لوصوله فيقول: لا أعرف لماذا سمتنى «نيقولا جودينوف»، وأنقصت من عُمرى عشر سنوات تقريبًا، وحرمتنى من ولدى لكنها رزقتنى بفتاة عُمرها سبعة أعوام...وقدمت وصفًا مفصلًا لطباعى وهيئتى وملابسى. وكل ذلك بالطبع كان مُخالفًا للحقيقة. وتحمل المُذكرات كثيراً من طرائف الأحداث التى تعرض لها، وهى مُتاحة على الإنترنت.

أما أول سفير مصرى فى الاتحاد السوفيتى وهو محمد كامل عبد الرحيم، الذى يُشار إليه عادة باسم كامل عبد الرحيم، فهو دبلوماسى مُحترف عمل فى سفارتى مصر بتركيا وبولندا حتى تعيينه سفيرًا فى الاتحاد السوفيتى فى 1943، ثُم عمل بعد ذلك سفيرًا لمصر فى الولايات المُتحدة خلال الفترة من 1949-1953. كان السفير كامل من الشخصيات المُتميزة فحصل على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، واستكمل دراسته فحصل على الماجستير فى السياسة والاقتصاد من جامعة كامبريدج البريطانية، والدكتوراه فى القانون من جامعة فلوريدا الأمريكية. ولخبرته المُتميزة، عمل سفيرًا فوق العادة ومفوضًا لجامعة الدول العربية فى الأمم المُتحدة. وجدير بالذكر أنه تزوج من السيدة أمنة،وهى نجلة محمد محمود باشا رئيس الوزراء ورئيس حزب الأحرار الدستوريين.وتعاقب على السفارة المصرية فى موسكو عدد من الشخصيات السياسية البارزة، فكان منهم الفريق عزيز المصرى، وحافظ إسماعيل، وتولى بعضهم منصب وزير الخارجية كمُراد غالب وأحمد ماهر.

وصحيح أن العلاقات الدبلوماسية فى القرن العشرين بين القاهرة وموسكو بدأت فى عام 1943، ولكن العلاقات السياسية والقُنصلية بين البلدين تعود إلى 160 سنة قبل هذا التاريخ. ففى 1784، تم تعيين أول قُنصل روسى بمدينة الإسكندرية.

وللحديث بقية إن شاء الله

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية