خلال الأعوام الأخيرة بات التاريخ القديم جزءا من بناء الدولة الوطنية. جمع السعوديون ما بين اكتشاف تاريخهم ما قبل الإسلام، وما حدث بعده من تأسيس الدولة السعودية الأولى. جذور الحضارة قامت مع الممالك الدادانية والنبطية، الأولى سارت فى مسارات ممالك مصر وبلاد بين النهرين -العراق - وتتشابه معها في حجم التماثيل الضخمة التى تصل إلى المترين ونصف المتر.

وبالإضافة إلى مدافن الأسود وصلنا إلى مرقد لحيان بن كوز المسمى بالقصر الفريد، والذى ظهر فى صورة أربعة أعمدة وردية كاملة السلامة، ولكنها لم تكن محددة التاريخ. ما هو واضح كان وجود علاقة ما بين حضارات العالم القديم ذكرتني بذلك المعرض الضخم للآثار السعودية الذي زرته فى مدينة "هيوستون" لأجد فيه عددا من التماثيل الفرعونية.

كان العالم القديم متصلا؛ ويبدو أن العالم الحديث لديه قدرة أكبر على التواصل، سواء كان ذلك للسياحة أو التنمية عموما.

التجربة التى لا يمكن نسيانها كانت بعد العشاء الأنيق الذي جرى في مطعم يوجد وسط دائرة كبيرة من الشاليهات ذات البناء المتميز، وارتباطه بالبيئة الصحراوية الجبلية. كان المساء قد حل وسادت الظلمة التى تخترقها إضاءات تبعد الوحشة. طلب منا الذهاب إلى مساحة دائرية كبيرة وزع عليها وسادات ذات زخرف بدوى، وطلب منا مضيفنا إغلاق التليفونات صوتا وضوءا حتى نغرق فى الظلمة والصمت. كان المطلوب هو المتعة بحالة من الصفاء النفسي لم يقطعها إلا صوت قائدنا الذى راح يشرح لنا خريطة السماء. جاء المرشد من عالم البدوية الأول حينما كانت القوافل تسير فى رحلات الشتاء والصيف مستهديا بالنجوم اللامعة. كان صاحبنا مسلحا ببطارية يخرج منها شعاع ليزر يليق بالقرن الحادي والعشرين شارحا لنا الجغرافيا الكونية اللامعة.

وعندما تحول من اللغة العربية الفصحى إلى اللغة الإنجليزية كان فى نفس الحالة من الصفاء والكفاءة. فى الصباح علمت أن سيدة سعودية قد ذهبت إلى الفضاء.