تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مؤتمر القاهرة لتسوية الأزمة السودانية
بادرت القاهرة بعقد وتنظيم مؤتمر فى 6 يوليو 2024 للقوى السياسية والمدنية السودانية، تحت شعار معا لوقف الحرب، مستهدفة فى إطار تواصل الجهود المصرية الحثيثة العمل على تجاوز الأزمة السودانية وتسويتها. وهو الأمر الذى تجسد فى لقاء الرئيس السيسى وفدا من القوى السياسية والمدنية التى شاركت فى المؤتمر حيث أكد سيادته سعى مصر الدءوب نحو رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية وضمان عودة الامن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السودانى، وضرورة تكاتف المساعى للتوصل الى حل سياسى شامل يحقق تطلعات الشعب السودانى وينهى الأزمة العميقة المتعددة الأبعاد التى يعيشها السودان.
جاء المؤتمر فى إطار مقاربة مصرية مستحدثة، تأسست أولا، على مجموعة من المبادئ المتوافق عليها صراحة وضمنا خاصة من جانب الشعب السودانى، ومن أبرزها تأكيد وحدة السودان وسيادته وسلامته الإقليمية، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية، خاصة وحدة المؤسسة العسكرية. وثانيا، تسوية جوانب الأزمة سودانيا بأن تتم التسوية عبر حوار سودانى - سودانى لمكونات المجتمع السودانى دون إقصاء، مع الأخذ بمبدأ الشمولية أسلوبا ومنهجا، سواء من حيث شمولية مشاركة مكونات المجتمع السودانى من قوى سياسية ومجتمع مدنى، ومن حيث شمولية معالجة الأزمة السودانية ثلاثية الأبعاد.
وقد تجسدت تلك المعالجة الثلاثية فى بعد أمنى عسكرى، يتعلق بوقف الحرب، وبعد إنسانى، يتعلق بمعالجة الأوضاع الإنسانية وبعد سياسى، يتعلق بمعالجة الأوضاع السياسية المتأزمة .
كما امتد مبدأ الشمولية فى مشاركة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالشأن السودانى وهى دول الجوار، الجامعة العربية، الاتحاد الإفريقى والاتحاد الاوروبى، الأمم المتحدة.
واتصالا بما تقدم عقدت ثلاث لجان تولت كل منها بعدا من الأبعاد الثلاثة، وليصدرعن أعمالهما بيان ختامى، يستوجب ـ فى التقدير ـ الاحترام، وله قوة الالزام، بما تم التوافق عليه فى مواجهة كل الفرقاء السودانيين، والشركاء الاقليميين والدوليين، وذلك من منطلق أنه صادر عن المجتمع السودانى ممثلا فى قواه السياسية والمدنية الفاعلة.
لقد جاءت مخرجات المؤتمر بصدد كل من الأبعاد الثلاثة على نحو غير مسبوق تأسس على مبدأ التوافق بين القوى السياسية والمدنية المشاركة.
ففى البعد الأمنى العسكرى، لم يقف عند حد المطالبة بضرورة الوقف الفورى للحرب الدائرة بين طرفى الصراع، واتخاذ الترتيبات اللازمة لاستدامته ووقف العدائيات، بل وأدان الانتهاكات التى ارتكبت فى تلك الحرب ـ بتوافق على تجنب تسمية أى طرف ـ، وناشد الدول الداعمة للحرب بوقف أى دعم ـ بتوافق على تجنب تسمية أى دولة ـ، والالتزام بتنفيذ إعلان منبر جدة وما تضمنه من قرارات خاصة ما ورد بها تجاه أحد طرفى الصراع المسلح . وهو أمر فى المجمل يؤكد التوافق على اهمية تواصل الدور المقدر لمنبر جدة.
وفى البعد الانسانى، فواقع الأمر أن الأزمة الانسانية هى المأساة الاكبر، وهى نتاج تلك الحرب الضروس بين طرفى المكون العسكرى، وقد أكد المجتمعون رؤية لمعالجة شاملة تستوجب التصدى للأزمة من جانب السودانيين والمجتمع المدنى والمنظمات الانسانية، وضرورة دعم جهود المجتمع الدولى ممثلا فى منظومة الأمم المتحدة فى هذا الصدد، وايضا استقطاب الدعم من المانحين ـ دولا ومنظمات ـ مع ضمان وصوله للمحتاجين . مع مناشدة المجتمع الاقليمى والدولى الايفاء بالتزاماته التى سبق وتم الاعلان عنها من قبل .
وفى البعد السياسى، توافق الفرقاء السودانيون على مبادئ أساسية أبرزها المحافظة على السودان وطنا موحدا على أساس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفيدرالية، وعلى ضرورة وقف الحرب، وأكدوا تجنيب المرحلة التأسيسية لما بعد الحرب الاسباب التى أدت الى إفشال المرحلة الانتقالية السابقة وصولا الى تأسيس الدولة السودانية.
وتم التوافق على تشكيل لجنة لتطوير الحوار ومتابعة هذا المجهود من أجل الوصول الى سلام دائم .
فى المجمل، طرحت مصر مقاربة جديدة وغير مسبوقة فى التعامل مع الأزمة السودانية شكلت خريطة طريق نحو السودان الجديد، إذ بموجب المقاربة يمتلك السودانيون فى إطارها إدارة الازمة بأنفسهم، والتوصل الى تسوية بشأنها عبرالقوى السياسية والمدنية السودانية .
وتأسست المقاربة على مبدأ الشمولية وصولا الى توافق على رؤى الفرقاء السودانيين حول الابعاد الثلاثة للأزمة المشار اليهم .
وجدير بالذكر وهو أمر يعد نجاحا لمصر، أن هذه أول مبادرة يشارك فيها فرقاء سودانيون معا من مختلف أرجاء السودان، ويمكن تصنيفهم فى كتل ثلاث، الكتلة الديمقراطية (كتلة تقدم) المستقلون وقد شهد المؤتمر توافقا بينهم، وما يعد نجاحا آخر، مشاركة قوى وحركات لم تشارك فى مؤتمرات سابقة مثل حركة تحرير السودان عبدالواحد نور والحركة الشعبية لتحرير السودان عبدالعزيز الحلو.
وإذا كان المؤتمر قد أصاب نجاحا مقدرا فى البعدين العسكرى، والانسانى، فان البعد السياسى قد حقق نجاحا أيضا بما تم التوافق عليه بتشكيل لجنة تجسد فى تكوينها الفرقاء الثلاثة لمتابعة المناقشات وتطويرها بهدف الوصول الى حلول دائمة، عبر بلورة خطة عمل محددة يتم التوافق عليها.
ويقينى أن من أبرز مهام تلك اللجنة وضع رؤية لتكوين حكومة كفاءات انتقالية يتم التوافق عليها لإدارة الفترة الانتقالية، والتمهيد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة لاقامة نظام حكم مدنى ديمقراطى.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية