تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
سر الغاز!
مرة أخرى، ولن تكون الأخيرة، يعود الغاز ليفتح ملف العلاقات الاقتصادية المصرية الإسرائيلية ومدى ارتباطه أو تأثره بالاعتبارات السياسية. المناسبة تلك المرة إعلان إسرائيل موافقتها على اتفاقية الغاز مع مصر بقيمة 35 مليار دولار، وهي اتفاقية يمتد أجلها لعام 2040. لا يستطيع عاقل ولا يمكنه الادعاء بأن الاتفاقية لا تحقق مصلحة اقتصادية لطرفيها، فقفز «آخرون» إلى الاعتبارات السياسية واستغلالها مدخلا جديدا للنيل من الدولة وتشويه ما تقوم به.
والحقيقة أن اللغط الذي يشيعه «الإخوان» ومواليهم حول الغاز تحركه محاولة استغلال حساسية العلاقة مع إسرائيل لدى الشارع المصري بهدف خلط الأوراق. يدعون أن للأمر علاقة بما يتم الترتيب له لتسوية القضية الفلسطينية، وأن الموضوع لا يخدم إلا المصالح الإسرائيلية، في محاولة للقفز على المصلحة المصرية في التحول إلى مركز إقليمي للطاقة بكل ما يقتضيه ذلك من تعامل مع منتجي ومصدري الغاز أيا كانوا عربا أو أجانب، مسلمين أو غيرهم باعتبارات تجارية خالصة تقتضي مصلحة لكل طرف.
المؤسف أن هؤلاء الذين يرفعون راية الاعتبارات السياسية اليوم لم يرفعوها ولم يعيروها اهتماما يوم كانت حاضرة وبقوة في تصدير مصر الغاز لإسرائيل قبيل عام 2011، وكان طعنهم في ملف الغاز يتركز في السعر، وبسببه ذهبوا بالأمر إلى القضاء. أما ما يثير الاستغراب فهو أن هؤلاء كانوا يرون في تصدير مصر للغاز إلى إسرائيل خدمة لإسرائيل، وإخلالا بأمن الطاقة في مصر، ولما تغير الوضع لتستورد مصر الغاز من إسرائيل فإنهم يدعون أيضا أن ذلك خدمة لإسرائيل وتهديد لأمن الطاقة بمصر!
أما ما يثير الشفقة فهو ادعاء هؤلاء أن الصفقة لم تملها الاعتبارات الاقتصادية البحتة وإنما فرضتها ترتيبات تستهدف ابتزاز مصر سياسيا بالتأثير على موقفها من القضية الفلسطينية، وكأن مصر التي رفضت منذ اليوم الأول كل الإغراءات التي تفوق قيمة صفقة الغاز، ليس لتغيير موقفها بل فقط لتليينه، يمكن أن تفعل ذلك اليوم بسبب صفقة غاز يرونها تخدم إسرائيل! يتناسى هؤلاء أن مصر عرفت عبر نحو خمسة عقود كيف تفصل بين علاقاتها السياسية مع إسرائيل وعلاقاتها الاقتصادية والثقافية معها، وكيف تضبط كلا منها على بوصلة المصلحة الوطنية العليا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية