تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. صبحي عسيلة > المصريون والرئيس.. كلاكيت ثالث مرة!

المصريون والرئيس.. كلاكيت ثالث مرة!

للمرة الثالثة على التوالى يصر المصريون على إعلان تأكيد إصرارهم على قرارهم الذى اتخذوه فى 30 يونيو 2013 بلفظ الإخوان المسلمين والاصطفاف خلف قائد رحلة تحرير مصر من تلك الجماعة، ومنقذ الدولة التى وضعها الإخوان على حافة الانهيار خلال الفترة من بداية 2011 إلى منتصف 2013. استدعى المصريون المشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع ليتولى رئاسة الجمهورية فى عام 2014 ووقفوا خلفه لإزالة آثار العدوان الإخوانى على مقدرات الدولة المصرية وهويتها، ثم أكدوا اختيارهم له ثانية فى انتخابات 2018، وها هم يعودون اليوم مجددا لتأكيد القرار نفسه فى انتخابات فاجأ بها المصريون أنفسهم قبل أن يفاجئوا بها متابعيها المحليين والدوليين.

 

الانتخابات الرئاسية المصرية التى جرت فى الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر الحالى ستدخل تاريخ الانتخابات المصرية باعتبارها الانتخابات الأولى فى تاريخ مصر التى تجرى فى ظل ظروف داخلية وإقليمية ودولية شديدة التعقيد ألقت بالكثير من التحديات أمام الدولة المصرية.

فالأوضاع العالمية، وما أفرزته من أزمة اقتصادية غير مسبوقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، ألقت بثقلها على الاقتصاد المصرى بما انعكس فى مظاهر كثيرة لعل أهمها من وجهة نظر الرأى العام المصرى ارتفاع الأسعار، وهو الملف الذى استخدمته القوى المعادية للدولة المصرية للنيل منها ومن سياساتها بل الإنجازات التى تحققت منذ ثورة 30 يونيو. وبينما تسعى الدولة للخروج من تلك الأزمة الاقتصادية والتعافى من آثارها اندلع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة بكل ما يحمله من مخاطر تتعلق بالأمن القومى المصرى نتيجة المخطط الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء.

وانطلاقا من أن المصريين يعتبرون القضية الفلسطينية إحدى قضاياه الداخلية على نحو ما أظهرت استطلاعات الرأى العام قبل سنوات عديدة، فقد حازت تطورات الأوضاع فى القطاع أولوية اهتمام المصريين والمرشحين للانتخابات الرئاسية. إذ فرض ملف التطورات فى غزة نفسه على ما عداه من ملفات على أجندة الرأى العام والدولة والمرشحين للرئاسة، وكذلك على وسائل الإعلام المنوط بها دور كبير فى أثناء الانتخابات فى توعية المواطنين وتمكين المرشحين من الوصول إلى الناخبين لعرض رؤاهم وبرامجهم.

كما طرح موضوع المشاركة المتوقعة فى الانتخابات نفسه على أجندة النقاش العام فى مصر، خاصة فى ظل محاولات جماعة الإخوان ومن يدور فى فلكهم لدفع المصريين نحو عدم المشاركة فى الانتخابات، تمهيدا لاستغلال نسبة المشاركة وتصويرها باعتبارها دليلا على تراجع شرعية الرئيس عبدالفتاح السيسى ومشروعه التنموى غير المسبوق لتغيير نمط حياة المصريين.

وعلى الرغم من أن مصر تعانى منذ بدء تجربة التحول نحو التعددية السياسية والحزبية فى نوفمبر عام 1976 مشكلة الضعف الشديد فى نسبة المشاركين فى العملية الانتخابية بل المهتمين بها أصلا. حيث بدا الأمر وكأن الانتخابات لا تخص إلا القائمين عليها، بل بدت اللعبة السياسية كلها وكأنها تدور بين أقليات، على الرغم من ذلك فإن علاقة المصريين بالانتخابات تغيرت إلى حد بعيد منذ عام 2011 وما أفرزته من تداعيات كادت تعصف بالدولة المصرية. فشهدت الانتخابات البرلمانية وكذلك الرئاسية نسبًا مرتفعة من المشاركة مقارنة بانتخابات ما قبل 2011. وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فإن تعدد المرشحين فى الانتخابات الرئاسية منذ انتخابات عام 2005 كان عاملا مهما فى تحريك نسب المشاركة فى الانتخابات، وإن كانت لم تتجاوز ربع من لهم حق التصويت. ولكن منذ عام 2011 حتى انتخابات عام 2018 يمكن القول إن نسب المشاركة ارتفعت فى الانتخابات أولا كلما كان التهديد الذى تتعرض له الدولة من الخطورة بما يهدد بقاء الدولة على نحو ما حدث فى انتخابات الرئاسة عام 2014، وثانيا درجة وطبيعة الاستقطاب السياسى والاجتماعى فى المجتمع، فكلما زادت حدة ذلك الاستقطاب زادت المشاركة، على نحو ما حدث فى انتخابات عام 2012. فى انتخابات الرئاسة 2018 لم تكن الدولة المصرية تواجه أيا من ذلك الموقفين فتراجعت نسبة المشاركة فى الانتخابات بنحو 15% مقارنة بانتخابات 2012 و2014.

لقد ارتبطت نسبة المشاركة غير المسبوقة (66.8%) فى انتخابات الرئاسة الأخيرة بل فى تاريخ الانتخابات المصرية عموما بشكل أساسى أولا بالتقدير العالى للمصريين لخطورة التحدى الذى تواجهه الدولة المصرية. وثانيا بنجاح حملات المرشحين الأربعة فى حشد المواطنين للمشاركة فى الانتخابات مقابل فشل حملات التشكيك فى الانتخابات وجدوى المشاركة فيها. إذ دارت آلة التشكيك فى الانتخابات ومدى نزاهتها حتى من قبل أن تبدأ عملية الانتخابات لتأكيد مزاعمهم المتعلقة بأن ثمة عدم رضاء من المصريين على تنفيذ المشروع الذى تبنته القوى الوطنية فى الثالث من يوليو 2013. وثالثا باعتقاد المصريين أن الانتخابات المقبلة تمثل كما انتخابات 2014 و2018 جولة جديدة من جولات الحرب والمواجهة مع القوى والدول الساعية لإفشال الدولة المصرية وإرجاعها مرة أخرى إلى حالة عدم الاستقرار والفوضى. ورابعا بإيمان المصريين بأهمية المشاركة، باعتبارها ليست دعما للرئيس السيسى أو لغيره من المرشحين، ولكن من أجل دعم الدولة فى مواجهة كل التحديات خاصة الخارجية. وأخيرا، الدور المهم الذى لعبه الإعلام المصرى فى توعية المواطنين وتحفيزهم على المشاركة.

باختصار، لقد حملت الانتخابات الرئاسية أبلغ رسالة دعم وتأييد للرئيس السيسى ومنهجه وللدولة المصرية نفسها فى مواجهة كل ما يعترى مسيرتها، بينما لا يزال الإخوان يتوهمون إمكان فض العلاقة الوثيقة بينه وبين المصريين، وإثنائهم عن مواصلة الطريق. ألا تكفى عشر سنوات ليفيق الإخوان من حالة الهذيان والإنكار؟

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية