تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«الكهرباء» بين المحنة والمنحة!
خرجت مصر من العوز الكهربائى إلى الوفرة خلال فترة السنوات العشر الماضية. تمكنت مصر خلال عشر سنوات من مضاعفة قدراتها الكهربائية التى توافرت خلال العقود السبعة الماضية فى إنجاز شهد له القاصى والدانى بالداخل والخارج إلا هؤلاء الذين يسوؤهم أن تحقق مصر إنجازا فى أى مجال.
لم يكن أكثر المتفائلين يتصور أنه يمكن لنظام ما فى مثل تلك الظروف التى مرت بها مصر أن يفكر ناهيك عن أن ينفذ حلا جذريا لتلك المشكلة، وإن حدث فإنه سيكون بحاجة إلى عدة عقود.
وحده الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل التحدى وتحلى بشجاعة مارسها علانية فى الثالث من يوليو 2013 رافضا سياسة المسكنات وترحيل المشكلة أو التهرب منها. فكان المشروع القومى للكهرباء بل ومشروع تحويل مصر لمركز إقليمى للطاقة فى الشرق الأوسط. احتل مشروع الكهرباء أولوية قصوى فى مشروع السيسى لتغيير وجه مصر، بينما كان هناك وما زال من تستهويه اسطوانة فقه الأولويات، مدعين أن كل ما قام به الرئيس ليس أولوية، فتمنعوا عن الإشادة او حتى الترحيب بأى أولوية اختارها الرئيس.
ترقبوا اللحظة التى يتعرض فيها أى انجاز نجحت فيه الدولة لمحنة لينهشوا فيه وفى لحم هذا الشعب والرئيس الذى حمله المصريون على أكتافهم بعدما شاركهم فى مهمة إنقاذ وطن بحجم مصر من الهلاك المحقق على أيدى الاحتلال الإخواني، الذى كاد يقضى على مصر أرضا وشعبا وهوية كما عرفها المصريون منذ آلاف السنين.
ادعوا زورا وكذبا أن مصر ثارت على الإخوان نتيجة فشل الإخوان الاقتصادى فقط حيث مشكلات الحياة اليومية ورغيف الخبز والكهرباء وخلافه من الخدمات، بينما الحقيقة التى ينكرونها هى أن المصريين لفظوا الإخوان منهجا وتنظيما وحكما.
الآن يدعى أيضا كارهو مصر وشعبها من دراويش الإخوان وجماعة فقه الأولويات، أن أزمة الكهرباء الراهنة هى نفسها الأزمة التى عانى منها المصريون قبل عشر سنوات على يد الإخوان محاولين تأليب المواطنين على الدولة. التحدى الذى يواجهه المصريون حاليا ليس أزمة ولا علاقة له من قريب أو بعيد بما كان أيام حكم الإخوان.
فاليوم نواجه تحديا صعبا من زاوية آثاره فى ظل درجات حرارة غير مسبوقة، تتحمل الحكومة المسئولية عنه، ولكن لا يوجد فى مصر أو خارجها، محبا كان أو كارها، من يجرؤ على إنكار أن الخروج بسلام من تلك الكبوة هو أمر محسوم والمسألة مسألة أيام وينتهى الموضوع تماما. أما أيام الإخوان فلم يكن هناك من يجرؤ فى مصر أو خارجها، محبا كان أو كارها للإخوان، أن يقول إن مصر فى طريقها للخروج من الأزمة على الأقل فى الأمد القريب أو المتوسط، ومن هنا كان الموضوع أزمة خانقة لا أمل فى النجاة منها، خاصة فى ظل أن موضوع الكهرباء وتحسين حياة المواطنين لم يكن ليس فقط من أولويات الإخوان بل إن ذلك لم يكن مطروحا على أجندة اهتماماتهم من الأساس.
من يتابع، بتجرد وبعيدا عن الضباب الذى يملأ الساحة حاليا، رد الفعل الشعبى إزاء ما يحدث من غضب بسبب ما سمته وزارة الكهرباء تخفيف الأحمال، يتأكد أنه لم يعد أمام ذلك البلد الذى كان انقطاع الكهرباء فيه مسألة طبيعية قبل نحو عشر سنوات فقط. رد الفعل الشعبى الغاضب من كل الطبقات فى مصر حاليا هو فى حقيقة الأمر شهادة لحجم وأهمية الإنجاز الذى تحقق فى مجال الكهرباء.
فمن يتعود مثل هكذا وضع للكهرباء أنساه تماما فكرة انقطاع الكهرباء يمكن توقع رد فعله على النحو الحادث الآن تجاه عودة انقطاع التيار ليس لساعات أو أيام ولكن لمجرد دقائق. وهنا لابد من الإشارة إلى حقيقة أن التعود على شىء ربما ينسى الشخص أهمية ذلك الشىء والمجهود الذى يبذل لتأمين استمرار ذلك الشىء. وبما أن آفة حارتنا النسيان كما قال طيب الذكر نجيب محفوظ، فقد نسى كثير منا أو تناسى أنه كان هناك مشروع قومى للكهرباء تم إنجازه بتكلفة باهظة، بينما كان هناك من يدعى أنه لم يكن يستحق أن يكون على تلك الدرجة من الأهمية فى قائمة أولويات الدولة.
ما حدث مع انجاز الكهرباء حدث بحذافيره ويحدث مع بقية الإنجازات الأخرى التى حققتها الدولة. ألم يدعوا ليل نهار أن مشروع الطرق والكبارى لم يكن أولوية. ألم يدعوا ليل نهار أن التوسع العمرانى وبناء مدن جديدة لم يكن أولوية. ألم يدعوا أن مشروع إنهاء العشوائيات لم يكن أولوية. ألم يدعوا أن ما أنفق فى مواجهة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار وتدعيم قدرة مصر لتكون جاهزة لمواجهة أى تحد خارجى لم يكن أولوية. ألم يدعوا أن ما فعلته الدولة خلال عشر سنوات هو سبب وحيد لما يمر به الاقتصاد المصرى وكأن ما تم كان يمكن ان يحدث بالمجان.
بناء دولة حقيقية بحجم مصر هو مشروع مكلف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لن يمر دون تحديات وتشويه واختلاق الأزمات للقضاء على المشروع او على الأقل إبطاء وتيرته. إذن لن يكتمل المشروع إلا بالإصرار والعمل والاحتفاظ بالقدرة على تحويل كل المحن إلى منح تؤمن مسيرة ذلك البناء. كبوة الكهرباء تقول بوضوح ان ما تم انجازه فى الكهرباء وكل الملفات صار حقيقة لا يتصور المصريون الحياة بدونه. فما بالنا بما تحقق فى مجال الأمن والاستقرار،والذى بدونه ما كان انجاز قد تحقق، فهل يكون عاقلا من ينتظر فوضى جديدة ستأكل الاخضر واليابس ليتأكد من أهمية وأولوية الأمن والاستقرار.
ورب ضارة نافعة ليس للشعب فقط ولكن للحكومة قبله.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية