تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ملامح التعليم فى الجمهورية الجديدة
التعليم من الركائز الأساسية للتنمية وحجر الزاوية للقوة الاجتماعية للدول، ولذلك وضعت الدولة المصرية بناء الإنسان على قمة أولوياتها، من أجل ترسيخ مفهوم الجمهورية الوطنية الحديثة؛ فبالتعليم تتحقق التنمية المستدامة وتنهض بالشعوب.
وفى ضوء الاتجاهات العالمية الجديدة فى التعليم، خاصة ذات الصلة بالتحول الرقمى باعتباره مكونا رئيسيا فى بناء الوعى وثقافة المجتمع، هناك حاجة ماسة لدراسة ورسم سياسات تعليمية موائمة لتلك التطورات بما يساهم فى تحقيق رؤية وغايات الجمهورية الجديدة ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التى فرضها الواقع الإقليمى والدولى خاصًة فى أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة ولبنان ووصولا للتطورات فى سوريا والتى امتدت فى الإقليم لتصل إلى اليمن وإيران.
إن التعليم قضية مصيرية فى حياة الشعوب، فالتعليم والثقافة وجهان لعملة واحدة ألا وهى التنوير، فالتعليم هو الذى يقود نهضة الأمم وعماد التنمية وهناك تجارب ناجحة يجب أن ننظر إليها أكدت ذلك، فعلى سبيل المثال إذا نظرنا لتجربة دول شرق آسيا نجد أن لديهم تجربة فريدة فى التنمية ومكافحة الفقر, فبرغم اختلاف هذه البلدان من حيث عدد السكان والموارد الطبيعية والنظم السياسية، هناك قواسم مشتركة حولت الكثير من دول شرق آسيا من الفقر المدقع إلى أقطاب اقتصادية كبرى،
فنجد أن شعار اليابان كان: التعليم من أجل التنمية المستدامة، ومن ثم خصصوا نحو 80% من إجمالى الإنفاق على التعليم الابتدائى والثانوى، واهتموا بتطوير المناهج وتدريب الكوادر التعليمية والتدريب المهنى، كما قاموا بتطوير التعليم الفنى كأحد أهم أدوات التنمية الصناعية لتطوير وخلق مجتمع منتج. ويؤمنون فى الصين بأنك لا تستطيع الخروج من الفقر إلا بأن تحرر نفسك من الفقر الفكرى، ولهذا استثمروا فى زيادة الوعى بأهمية التحسين الذاتى وغرس قيمة «أنك تستطيع» فى وجدان المواطن، وعدم الاعتماد على الدعم المالى من الحكومة،
فالمجتمع المدنى والقطاع الخاص شركاء للدولة فى عجلة التنمية، ولاسيما إذا نظرنا تاريخيًا فى مصر، نجد أن المجتمع المدنى كان دائمًا يعى مدى أهمية التعليم، فجامعة القاهرة هى أول جامعة مصرية تم إنشاؤها فى 1908 وكانت قد تبرعت بالأرض آنذاك الأميرة فوزية.
وحول الحديث عن التعليم والجمهورية الجديدة، هناك تساؤلات عديدة تطفو بأذهان الكثير، خاصًة فى ضوء التطور التكنولوجى المتسارع وغزو الذكاء الاصطناعى لكل المجالات، والاتجاه العالمى نحو تدويل التعليم والادماج العالمى من أجل تعزيز التبادل الثقافى وقيم التسامح وقبول الآخر والعيش المشترك،
فعقب 10 سنوات من تطبيق خطة الدولة للنهوض بالتعليم الجامعى، أصبح لدينا نحو 108 جامعات ما بين حكومية وأهلية وخاصة وتكنولوجية واتفاقيات إطارية ودولية مقابل 49 جامعة عام 2014 تتضمن 27 جامعة حكومية بدلاً من 23 جامعة حكومية، و32 جامعة خاصة بدلاً من 23 جامعة خاصة، و20 جامعة أهلية، و10 جامعات تكنولوجية، و9 أفرع لجامعات أجنبية، و6 جامعات باتفاقيات دولية، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الكليات والمعاهد الخاصة بنسبة تعددت 60% لتصل إلى 402 كلية ومعهد عام 2024، مقابل 251 عام 2014،
وأشار البيان الصادر عن مجلس الوزراء فى 2024 إلى تقدم مصر فى المؤشرات الدولية المرتبطة بالتعليم العالى، حيث تقدمت 14 مركزًا بمؤشر جودة التعليم الصادر عن «U.S. NEWS» لتحتل المركز 37 عام 2023، مقابل 51 فى 2019، ليعكس مدى تطور النظام التعليمى، وفيما يتعلق بمؤشر جودة التعليم الجامعى الصادر عنWORLDECONOMIC FORUM قفزت مصر 29 مركزًا لتصل للمركز 87 عام 2024، مقارنةً بالمركز 116 فى 2019، وهذا المؤشر مرتبط بمدى قدرة النظام التعليمى الجامعى على تلبية احتياجات الاقتصاد، وغيرها من المؤشرات الدولية التى رصدت إنجازا غير مسبوق فى تطور قطاع التعليم الجامعى.
هيكل متزايد ومتنوع يتطلب صياغة رؤية جديدة تعمل فى إطارها كل هذه المؤسسات التعليمية التى يحتاج عدد منها إلى إصلاحات هيكلية لتطوير أدائها من أجل تلبية احتياجات سوق العمل المحلى والدولى بما تعكسه من مستجدات فرضتها استحداث الوظائف الجديدة المرتبطة بالتكنولوجيا والرقمنة، مثل؛ إخصائى أخلاقيات الربوت، محلل بيانات، مهندس مكاترونيكس، خبير ذكاء اصطناعى، مدير تسويق رقمى وغيرها، وتراجع الطلب على الكثير من الوظائف التقليدية أو اندثار بعضها، أدى عالميًا إلى صعود برامج تعليمية بينية جديدة نحتاج إليها فى طريق التأسيس لجمهورية حديثة، كما تتطلب استدامة هذا التطور فى قطاع التعليم العالى إصلاحات تشريعية وسياسات جديدة؛
فهناك قوانين تعدى تاريخ إصدارها يوبيلها الذهبى، مما يستدعى العمل على إصدار قانون موحد يتواءم مع المتغيرات العالمية فى هذا المجال، وعلى نحو أخر يجب العمل على آلية لتحويل رأس المال البشرى من تحد إلى عامل نجاح من خلال بناء قدرات الكوادر الأكاديمية، فهم ربان سفينة نهضة التعليم،
ومازالت هناك تساؤلات عديدة فى هذا الإطار:
هل نحتاج إلى خطة وطنية لنشر الثقافة الرقمية؟
كيف نطوع التكنولوجيا فى ظل انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعى التى فى بعض الأحيان تنشر بيانات ومعلومات غير حقيقية أو غير موثقة قد تؤدى إلى تزييف الوعى؟
هل نحتاج إلى فتح المجال العام أمام الأنشطة الأكاديمية داخل المؤسسات التعليمية لفتح آفاق الحوار مع الشباب ونقل الخبرات العملية لهم لتوحيد الرؤى ونشر الوعي؟
هل ربط التعليم العالى بالصناعة ليس كافيًا فى ظل تحديات جمة لضعف منظومة التعليم الفني؟ تساؤلات عديدة يجب أن يدور حولها حوار مجتمعى واسع ليس فقط لكى نظل فى السباق ولكن لكى نحقق الحلم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية