تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

ماهية الجمهورية الجديدة!

مازال البعض يتساءل عن مفهوم الجمهورية الجديدة وما تحمله من رؤى وغايات وديناميكية هذا المفهوم الذى خرج إلى النور من رحم الثورة الفرنسية عام 1789، بيد أن تطور المفهوم يعكس أفكارا وممارسات سياسية عبر الزمن، إلا أنه كان هناك تأكيد دائم على أهمية حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتمثيل الديمقراطى وهى تلك القيم الأساسية التى لم تتغير.

فهذا المفهوم يتشكل بناء على ظروف ومقاصد كل دولة لكنه يرتبط بشكل عام بفكرة تجديد العقد الاجتماعى والإصلاح الهيكلى للدولة من أجل تحقيق طموحات مستقبلية فى مواجهة التحديات فى عالم متغير ومتسارع.

والدول التى تسعى إلى الحداثة وتجديد بنيتها السياسية وتطوير سياساتها الداخلية والخارجية، كالدولة المصرية، تتبنى مفهوم الجمهورية الجديدة برؤية شمولية تستهدف:

أولاً: التنمية الشاملة التى تحقق التوازن والتكامل بين التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية مما يحقق جودة الحياة للمواطن.

وثانيًا: الإصلاح السياسى وفتح المجال العام لتعزيز الديمقراطية والمشاركة المجتمعية من خلال توسيع مساحة المشاركة وفتح آفاق للحوارالمجتمعى،

وثالثًا: العدالة الاجتماعية حيث تسعى الجمهورية الجديدة إلى العمل على ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز.

ورابعًا: دعم التطور التكنولوجى والابتكار كعوامل رئيسية للنهوض بالمجتمع وتحقيق التقدم العلمى والصناعى والتحول إلى مجتمعات منتجة، وخامسًا: تحقيق الإستدامة البيئية من خلال تبنى سياسات جديدة تضمن حماية البيئة للأجيال القادمة ومواجهة تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

وسادسًا: تعزيز الدور والمكانة الإقليمية والدولية للدولة من خلال سياساتها الخارجية ودورها فى المنظمات الدولية،

 وأخيرًا وليس آخرًا: الإصلاح الإدارى لضمان فاعلية حكم إدارة الدولة من خلال دعم وزيادة الشفافية والمساءلة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وأهمية الإدارة العامة تكمن داخل كل هذه المحاور وتفاعلها مع بعضها البعض لتحقيق أهداف وغايات الدولة.

وجاء إطلاق الرئيس السيسى للجمهورية الجديدة فى أغسطس 2021 بفكر إستراتيجى وإصلاحى شامل وتأكيد البعد الوطنى الخالص من خلال تعزيز قوى الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والدبلوماسية التى تتسم بالديناميكية وفى حاجة دائمة للمراجعة من أجل تحقيق التنمية والاستقرار فى كل ربوع الوطن من ناحية وتأكيد الأبعاد الإستراتيجية الثلاثة: العربى والإفريقى والإسلامي؛

بلا شك أن موقع مصر على البحر الأحمر يضيف للبعد العربى كما أن تفرد مصر بنهر النيل يعزز من قيمة البعد الإفريقى، ولا سيما وجود الأزهر الشريف فى مصر بمنزلة حجر زاوية للبعد الإسلامى،

وتتقابل كل هذه الأبعاد مع قيمة وخصوصية موقع مصر على البحر الأبيض المتوسط ليتبلور البعد الوطنى الخالص للجمهورية الجديدة، الأمر الذى استلزم إعادة صياغة تعريف قوى الدولة لكى تتمكن الدولة المصرية من تحقيق غايتها وتعزيز دورها فى الأمن والسلم الدوليين.

لا شك أن من أهم القيم والمبادئ التى استند عليها دستور 2014 هى تحقيق الاستقرار الديمقراطى والعدالة الاجتماعية والمواطنة والمساواة وحقوق الإنسان ولا سيما الالتزام بالمواثيق الدولية التى وقعت وصادقت عليها الدولة المصرية لكى تصبح جزءا أصيلا من القانون، هذه القيم تمثل المبادئ الأساسية التى تستهدف بناء دولة حديثة عمادها الأساسى الديمقراطية والمساواة وسيادة القانون، وكان هذا العقد الاجتماعى الجديد حجر الأساس لإطلاق وتطبيق العديد من الاستراتيجيات والسياسات من أجل إعادة صياغة تلك القوى، كتدشين أول إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وتنفيذ مشروعات ومبادرات قومية غير مسبوقة مثل حياة كريمة و100 مليون صحة،

تلك المبادرات التى تستهدف بالأساس الإعمار بكل أبعاده، ليس فقط البنية الأساسية بل بناء الإنسان ثقافيًا ومهنيًا وصحيًا، فهو الثروة الحقيقية وجودة حياته هى مقصد التنمية؛ فالقوة الاجتماعية أساسها الصحة والتعليم، كما دأبت الدولة على تعظيم قوتها العسكرية المتطورة تكنولوجيًا لضمان الفعالية والجاهزية للدفاع عن الأمن القومى المصرى بمفهومه الواسع،

وفى العقد الأخير شهد دور مصر الدبلوماسى تطورا ملحوظا فيما يتعلق بتعزيز العلاقات الإقليمية والدولية والوساطة فى فض النزاعات الإقليمية، والعودة إلى الساحة الإفريقية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والدبلوماسية الاقتصادية والتنموية، وقضايا المياه والتغير المناخى،

كما تلعب الدولة المصرية دورا محوريا فى الشرق الأوسط وإفريقيا ونجحت فى تعزيز مكانتها كقوة إقليمية تدافع عن مصالحها وتسعى لتحقيق الاستقرار الإقليمى والدولي؛ الجمهورية الجديدة بالبعد الوطنى الخالص أعمق بكثير مما قد يدركه البعض، الأمر الذى يحتاج المزيد من الدراسة والبحث ونشر الوعى لما يحمله هذا المفهوم من رؤية وفكر إستراتيجى إصلاحى شامل وضعته الإرادة السياسية بما يليق بأهمية دور الدولة المصرية إقليميًا ودوليًا.

> أستاذ العلوم السياسية

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية