تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
وصمة عار أمريكية
قرار الولايات المتحدة بإلغاء تأشيرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ومعه نحو ثمانين من أعضاء الوفد الفلسطيني، لا يمكن أن يُفهم إلا كخطوة عدائية صريحة، تكشف عمق الانحياز الأميركي للاحتلال الإسرائيلي وانسلاخها التام عن أبسط معايير القانون الدولي.
لم تكتفِ واشنطن بإمداد إسرائيل بالسلاح والغطاء السياسي، بل انتقلت إلى مرحلة أكثر فجاجة: منع القيادة الفلسطينية من الوصول إلى الأمم المتحدة، المؤسسة التي يفترض أن تكون منبر الشعوب المقهورة الباحثة عن كرامتها وحريتها.
هذا القرار ليس مجرد إجراء إداري، بل رسالة إذلال واضحة مفادها أن الفلسطيني غير مرحّب به حتى على أرض المنظمة الدولية التي هو عضو مراقب فيها. وكأن الولايات المتحدة تقول للعالم: "نحن نملك حق تقرير من يتحدث ومن يُسكت صوته". إنها محاولة بائسة لتكميم أفواه الفلسطينيين ومنعهم من طرح قضيتهم في المحافل الأممية، لكن صدى الظلم لا يحتاج إلى تأشيرة كي يُسمع.
واشنطن تعلم جيداً أن اتفاقية استضافة الأمم المتحدة تُلزمها بالسماح لكل الوفود بالحضور، لكنها قررت تقويض التزاماتها الدولية في سبيل إرضاء إسرائيل. أي نزاهة ومصداقية تبقى لدولة تفرض نفسها "راعية للسلام" وهي تمنع الطرف المعتدى عليه من مجرد دخول قاعة النقاش؟ إنها قمة النفاق السياسي، أن تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان بينما تمارس أبشع صور الكبت والقمع والامتهان الدبلوماسي.
الأكثر خطورة أن القرار لم يطل فقط أبو مازن وقيادته، بل جاء امتداداً لسياسة أميركية أوسع تشمل وقف منح التأشيرات للطلاب والمرضى الفلسطينيين وحتى الجرحى. إنها عقلية العقاب الجماعي ذاتها التي يمارسها الاحتلال، لكن هذه المرة بأختام السفارات الأميركية. يريدون أن يحوّلوا الفلسطيني إلى سجين حتى وهو خارج وطنه.
ما فعلته واشنطن وصمة عار لن تُمحى. فكل ما كسبته هو إظهار نفسها أمام العالم كقوة متغطرسة، عاجزة عن تحمل كلمة حق قد تُقال على منصة الأمم المتحدة. لقد منح القرار للفلسطينيين دعماً إضافياً من المجتمع الدولي، وأظهر أن المعركة لم تعد مع إسرائيل وحدها، بل مع الولايات المتحدة التي اختارت أن تكون شريكاً كاملاً في هذه الجريمة البشعة.
إن إلغاء التأشيرات لن يُسكت الفلسطينيين، ولن يمنع صوتهم من الوصول. بل على العكس، سيبقى دليلاً دامغاً على أن واشنطن فقدت شرعية ادعائها الوساطة، وأنها لا ترى في فلسطين إلا ملفاً يجب دفنه خدمةً للاحتلال. هذا القرار العدواني سيظل نقطة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة، وصفعة لضميرها المزعوم، ولطخة خزي ستطاردها إلى الأبد.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية