تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. سامح فوزى > عقوبة الإعدام..نقاش متجدد

عقوبة الإعدام..نقاش متجدد

يشهد المجتمع المصرى نقاشا متسعا للتطوير التشريعى فى مجالات عديدة، من بينها قانون الإجراءات الجنائية، وقانون العقوبات، وغيرهما. يعد ذلك نتيجة للحراك السائد المتمثل فى إصدار الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021، والحوار الوطنى، ونشاط منظمات المجتمع المدنى. فى هذا السياق نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ورشة عمل مهمة الأيام الماضية بعنوان «الحد من عقوبة الإعدام». قضية شائكة، ومعقدة، لها أبعاد متعددة، ويعبر عنوان الورشة عن حصافة فى اختيار الصياغة، لأن الحديث عن إلغاء عقوبة الإعدام يرتطم بإشكاليات عديدة دينية وثقافية ومجتمعية، وبالتالى يصبح الحديث عن الحد من هذه العقوبة أكثر معقولية، ويمثل خطوة مهمة على طريق ترشيد تنفيذ عقوبة الإعدام، رغم أن مصر ليست ضمن أكثر الدول أخذا بهذه العقوبة، حيث يظل عدد الحالات التى يطبق فيها الإعدام شديد المحدودية إذا قورن بعدد السكان.

هناك عدد من النقاط المهمة فى هذا السياق:

أولا: يطالب الاتجاه الحقوقى العالمى بإلغاء عقوبة الإعدام، وهو ما تطالب به المنظمات الحقوقية المصرية، وهناك اتجاه عام للحد من عقوبة الإعدام فى سياق تعزيز حقوق الإنسان من ناحية، ومواجهة الانتقادات التى توجه إلى مصر على الصعيد الدولى.

ثانيا: مواجهة محاولات جماعات الإسلام السياسى تسييس أحكام الإعدام التى صدرت بحق أعضاء لها ارتكبوا جرائم مشينة فى حق الشعب المصرى من قتل وتفجير وتخريب، ولم تكن دعاوى منظمات حقوقية فى الخارج لتعليق أحكام الإعدام فى حق اتباعها سوى واجهات للإسلام السياسى بهدف تقويض أحكام القضاء المصرى، والإساءة للدولة المصرية.

ثالثا: يجب أن نلاحظ أن هناك قبولا مجتمعيا واسعا للتوسع فى عقوبة الإعدام، حيث نلحظ فى كثير من الجرائم التى تهز وجدان الرأى العام ان قطاعات واسعة من الجمهور تطالب بإعدام الجناة فى جرائم لا تشمل العقوبة بها حكم الإعدام، وأحيانا المطالبة بأن ينفذ الحكم فى ميادين عامة، وهو ما يجعل من الضرورى التوسع فى التوعية المجتمعية إذا أردنا المضى قدما على طريق الحد من عقوبة الإعدام. فلا يزال حتى الآن الحوار نخبويا لم يصل بعد إلى النقاش المجتمعى العام، وهو ما لفت إليه الباحث د. أكرم خميس، الذى تتبع جذور النقاش حول عقوبة الإعدام، والذى ظل لأكثر من قرن مجالا للحوار والسجال بين المثقفين، وبالطبع يختلف رأى المثقف تبعا لموقفه الفكرى من قضايا حقوق الإنسان.

رابعا: من الضرورى التماس نظرة المؤسسة القضائية. بالطبع القاضى، وفق مبدأ الفصل بين السلطات، يطبق النص القانونى الذى بين يديه، ويصبح تغيير القانون فى عهدة المؤسسة التشريعية. ولكن هذا لا يحول دون وجود توجهات لدى بعض القضاة، كما ظهر فى أحكام فى قضايا اضطرب لها المجتمع بأسره، فى مطالبة المؤسسة التشريعية بإعادة النظر فى بعض العقوبات فى اتجاه التشديد والتغليظ. ومن الضرورى النقاش والحوار مع السلطة القضائية بهدف بناء افكار وتوافقات حول هذه المسألة.

خامسا: من الضرورى الحوار مع المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية فى سبيل تجديد الخطاب الدينى، وتقديم اجتهادات تصب فى اتجاه الحد من عقوبة الإعدام، فى ضوء ما تؤكده الأديان على احترام الكرامة الإنسانية والحق فى الحياة، وايضا القصاص الذى يحقق العدالة فى المجتمع.

هذه بعض النقاط التى تحيط بالسجال حول الحد من عقوبة الإعدام، ولكن تبقى إشكالية تتصل باختلاف السياق الثقافى والاجتماعى من دولة لأخرى، حيث إن العديد من دول العالم التى أخذت بنظام العقوبات البديلة لها أوضاع تختلف عما هو سائد فى المجتمع المصرى. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهناك جرس إنذار يدق فى المجتمع منذ سنوات، ويتمثل فى ظهور أنماط مقلقة من الجرائم التى لم نكن نعرفها بهذه الكيفية والاتساع فى السابق.

صفوة القول إن النقاش حول الحد من عقوبة الإعدام وقضايا حقوق الإنسان مهم، ويدعم توجه الدولة فى تعزيز حقوق الإنسان فى ظل الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى، مما يجعل خلاصة النقاش فى أروقة المجتمع المدنى يمثل فى ذاته مقترح سياسات للحكومة فى ظل حوار صحى بناء بين الجانبين.

فى الواقع هناك مناخ إيجابى تعمل فى ظله منظمات حقوق الإنسان فى علاقتها بالحكومة فى الفترة الراهنة، وهو مناخ لم يكن سائدا فى عقود سابقة، وهو ما يوفر إمكانا لتطوير حقوق الإنسان ثقافة وممارسة بعد أن تغيرت النظرة السلبية للعمل الحقوقى، وزال كثير من التشوش الذى أُحيط به.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية