تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. سامح فوزى > دروس عام يمضى فى الشرق الأوسط

دروس عام يمضى فى الشرق الأوسط

دروس فى الشرق الأوسط يحملها عام 2023 الذى يوشك على الرحيل، ترتبط فى مجملها بالحرب فى غزة، التى استمرت حتى الآن أكثر من ثمانين يومًا، ولا توجد فى الأفق نهاية لها. وإذا لم يع المجتمع الدولى، وبالأخص الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل هذه الدروس لن يتحقق استقرار حقيقى فى المنطقة.

 

الدرس الأول: أن الاستخدام المفرط للقوة العسكرية لا يغير الواقع، حيث تقود إسرائيل فى غزة أكبر عملية قصف مكثف فى التاريخ الحديث، أوقعت أكثر من عشرين ألف قتيل، بخلاف آلاف الجرحى والمصابين، وتدمير البنية الأساسية، والمنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة، بما يمثل عقابًا جماعيًا للفلسطينيين، ورغم ذلك لم تحقق أيا من الأهداف التى أعلنتها فى البداية وهى القضاء على حماس، وتحرير الرهائن، ومنع أية تهديدات مستقبلية من قطاع غزة. ويبدو أن اسرائيل، وخلفها الغرب المؤيد لها يتناسى دروس الحرب العالمية الثانية، حيث لم يؤد القصف الشديد للمدن الألمانية إلى ثورة على هتلر، ولم يؤد قصف لندن إلى احتجاجات عارمة ضد تشرشل، بل زاد الناس تمسكا بمجتمعاتهم، مثلما هو الحال فى الأراضى الفلسطينية الآن، فلا توجد مؤشرات على تمرد واسع من أهالى قطاع غزة ـ الذى هُجر بالكامل ـ ضد حماس، وما تخسره حماس فى قطاع غزة تكسبه فى الضفة الغربية.

الدرس الثانى: أن إسرائيل كيان ضعيف، صنع الغرب أساطير حوله،هزمت فى معركتها، ولا تريد الاعتراف بهزيمتها، وإنها لا تستطيع البقاء دون دعم الولايات المتحدة، وحلفائها الأوروبيين. يكفى أن نطالع الصحافة الاسرائيلية حتى نرى كيف يرى الاسرائيليون أنفسهم ضعفاء ومهزومين. فقد تكبدت تل أبيب خسائر كبيرة فى الأفراد والمعدات العسكرية فى حربها البرية، وتعانى تمزقات داخلية شديدة، وخلافات فى هيكل السلطة، ونزوح بالآلاف من الشمال فى اتجاه وسط اسرائيل، وبات الاسرائيليون يخشون على بلادهم من الانزلاق فى حرب أهلية وسط تصاعد الاتجاهات المتطرفة المسلحة، ويكفى ما ذكره أحد أساتذة التاريخ اليهود من خشيته أن تلقى اسرائيل مصير ممالك بنى إسرائيل فى التوراة، التى تلاشت فى العقد السابع من عمرها، وهو نفس عمر اسرائيل الآن.

الدرس الثالث:أن اتفاقات السلام التى عقدتها اسرائيل مع بعض الدول العربية، فيما عُرف بالاتفاقات الابراهيمية، لم تجلب لها الأمن والسلام لأنها تجاوزت القضية الفلسطينية، وراهنت على التطبيع فحسب، فإذ بها تواجه موقفا مركبا يتعثر فيه جواد التطبيع من ناحية، وتطل القضية الفلسطينية بكامل ثقلها من ناحية أخرى. اليوم، رغم اتفاقات التطبيع، تتحدث القيادات الاسرائيلية عن وجود ست جبهات تحارب عليها: غزة، الضفة الغربية، حزب الله، الحوثيين، الميليشيات الشيعية فى العراق، وسوريا، وهى حالة مركبة تفتقر فيها اسرائيل إلى السلام والأمن.

الدرس الرابع:أن تلكؤ مشروع السلام الذى بدأ فى أوسلو منذ ثلاثين عامًا، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية بالاستيطان، وإضعاف السلطة الفلسطينية، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية أدى إلى تصاعد دور الميليشيات المسلحة، بتنوعها وتعددها، وتباين أهدافها. وبعد أن أعطت اسرائيل ظهرها إلى حل الدولتين، وجدت نفسها وجها لوجه أمام الميليشيات المسلحة التى تطورت قدراتها، وزاد تهديدها من غزة إلى لبنان إلى اليمن وسوريا والعراق، وتتقاطع عندها المشروعات الإقليمية.

الدرس الخامس: ابتعاد اسرائيل عن الشرعية الدولية وسط دعم غربى واسع النطاق لها، يزيد مخاطر استخدام القوة، وتطور استخدامها على الأرض. فقد حدث على مدار السنوات الماضية العديد من جولات النزاع بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة، وبالأخص حماس، إلا أن الولايات المتحدة، لم يكن يشغلها سوى إيقاف الحرب وتحقيق التهدئة. هذه المرة، ومع إرتفاع مستوى المخاطر التى تحدق باسرائيل، واتساع الدمار الانسانى فى غزة، عاد الحديث عن حل الدولتين الذى لا تزال ترفضه اسرائيل. أين كانت هذه الأصوات قبل أن تقوم حماس بعملية 7 أكتوبر الماضي؟ وأين مبادئ الشرعية الدولية، التى أجهضت فى مجلس الأمن بصورة سافرة؟ ألا يعطى ذلك حجة للمنادين باستخدام القوة فحسب لإنهاء الاحتلال؟

الدرس السادس:إن الالتفاف على القضية الفلسطينية يمهد الطريق أمام انفجار أوسع، لا نعرف طبيعته، ولكن ندرك أن الأمور لن تستقيم على ما هى عليه لشهور وسنوات قادمة. فلا يمثل إعادة احتلال اسرائيل لقطاع غزة أو تمركز قوات دولية هناك، أو تهجير الفلسطينيين قسرا أو طوعا تسوية مستدامة، بل سوف تتفجر الأوضاع مرات قادمة ما لم تحل القضية فى إطار سياسى، وهو ما تسعى إليه مصر عبر طرح أفكار ومبادرات لإيقاف العدوان بالتلازم مع طرح ترتيبات مستقبلية لإدارة القطاع.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية