تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الحوار الوطنى.. إشارات افتتاحية
نجح القائمون على تنظيم الحوار الوطنى فى حشد كل أطياف المجتمع، من مثقفين واعلاميين واكاديميين وساسة وتكوينات حزبية ونقابية وأهلية، فى الجلسة الافتتاحية يوم الاربعاء الماضى فى وقت لم تعد الساحة المصرية تحفل بنقاشات متسعة الأرجاء مثل ذلك منذ فترة طويلة، ويكفى تأمل وجوه الحاضرين لنرى حالة شديدة التنوع، والاختلاف، بين أجيال متعددة، وشخصيات ذات مواقع سياسية وثقافية متباينة، وهو ما يمثل فى ذاته إشارة مهمة على استيعاب الحوار لكل الاتجاهات، ويواجه بصورة مبدئية أى دعاوى تشكك فى مصداقيته. وقد عكس التنوع فى الحضور، والاقبال على المشاركة، وارتفاع سقف الحديث شعورا مهما لدى مختلف الأطراف بأن التحديات التى تواجه مصر حاليا غير مسبوقة، وهناك ضرورة اساسية لتعزيز التكاتف، والتضامن، والالتقاء حول غايات مشتركة.
فمن ناحية أولى شكلت النخبة الحاضرة أجيالا سياسية متباينة، بعضها يعود إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، وبعضها ظهر، ونشط بعد عام ٢٠١١، بين مؤيد ومعارض فى تجاور غير مسبوق، ورغم ان السنوات الماضية لم تمر هادئة على العلاقة بين هذه الأجيال السياسية، إلا أن مناسبة الحوار الوطنى جعلت هناك إمكانية لبناء جسور بينها حول مشتركات أساسية، أبرزها ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته، وهو بناء دولة ديمقراطية حديثة، لها غاياتها التنموية، وتعزز المشاركة السياسية، وقيم المواطنة واحترام حقوق الإنسان.
من ناحية ثانية كان لافتا تجاور شخصيات ظلت لسنوات فى مربع النقد السياسى العنيف فى مواجهة بعضها بعضا، ولاسيما بعض الساسة والإعلاميين والمثقفين من جانب، ونشطاء شباب وحقوقيين من جانب اخر، وسط حضور لجيل السبعينيات بما يحمل من روح نقدية، ومزاج معارض، لا يزال يثرى فى أوصاله رغم تقدم العمر به، ويمثل الفيلم التسجيلى القصير الذى عرض فى بداية الافتتاح تجسيدا لهذه الحالة، حيث ظهر تجاور بين شخصيات تمثل حالة تنوع فى المواقع السياسية، والشرائح العمرية، وبعضهم اطل علينا بعد سنوات من الغياب، فى إشارة مهمة ان هناك فرصة لترجمة التوافق الذى ظهر على الشاشة حول غايات ومشتركات الحوار على أرض الواقع. ومن ناحية ثالثة قدمت بعض الكلمات التى ذكرت فى الافتتاح مؤشرا لافتا على ما ذكره المنسق العام للحوار الأستاذ ضياء رشوان من غياب الخطوط الحمراء، وهى مسألة تكاد تكون محورية لضمان جدية ومصداقية الحوار، فقد تطرق الحديث إلى قضايا الساعة الملحة، ومخاوف الواقع، وهواجس الرأى العام، دون أن يغفل ذكر إنجازات تحققت فى المجتمع طيلة الفترة الماضية. هذا التوازن فى النظرة مطلوب..
وأخيرا، فإنه مهما قيل ويقال بشأن أهمية الحوار الوطنى، سيظل هناك متشككون، بعضهم عن هوى سياسى وكراهية للدولة، وبعضهم الآخر عن شعور بأن مردود الحوار لن يكون مجديا، وكلا الفريقين رغم الاختلاف بينهما يمارسان ما يمكن تسميته المصادرة على المطلوب، أحدهما عن عمد، والآخر عن يأس، وهو ما يضع تحديا مهما أمام الحوار الوطنى فى الوصول إلى نتائج تصب فى تغيير الواقع، سياسيا واجتماعيا وثقافيا، ويظل الضمانة الأساسية لنجاح الحوار هو إعلان الرئيس السيسى إنه سوف يشارك فى المراحل النهائية للحوار، ويتلقى مخرجاته، وينظر فيها، ويوجه بشأنها مؤسسات الدولة، ويمثل ذلك حجر الزاوية فى جدية الحوار، وتنفيذ نتائجه، وإخراجه من دائرة التجاذبات داخل اروقة الدولة المصرية. واظن ان المؤشر الرئيسى فى نجاح الحوار الوطنى هو تحويل المناسبة الحوارية إلى حالة تفاعل تمتد إلى مختلف مؤسسات وهيئات المجتمع، خاصة بعد ان تضافرت عوامل مختلفة فى خفض مستويات التفاعل والنقاش فى الفترة الماضية. وتظل هناك أصوات ترى ان الوقت الراهن، بما يشهد من تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية ليس توقيتا ملائما للحوار، فى حين ان التحدى يقتضى الحوار، والفرص تولد من رحم الأزمات، وأثبتت التجربة أن البوح أفضل كثيرا من الصمت، ولاسيما ان الحوار يمثل فى ذاته مجالا لتنظيم الحديث، والوصول إلى مشتركات، بدلا من ترك الناس فريسة للشائعات والأحاديث المغرضة والغايات غير الوطنية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية