تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ثورة يونيو والجمهورية الجديدة
على مدى عام كامل راهنت الجماعة الإرهابية على ضياع هذا البلد وانهياره وتفتيته، فكانت مصرعلى حافة الهاوية، تعانى انقساما مدمرا بين الشعب المصرى من جهة وانصار الجماعة الإرهابية من جهة أخرى، حتى كانت على شفا حرب أهلية تقضى على الأخضر واليابس.
فهذا الصراع المحتدم، كانت نتيجته المحتومة هى أعداد لانهائية من الضحايا، فضلا عن التدخل الأجنبى فى الشأن المصرى وربما فقدان السيادة الكاملة على الأراضى المصرية، كما هو الحال فى العديد من بلدان المنطقة العربية والأفريقية التى تعيش غالبية دولها وسط حروب أهلية على مدى سنوات، بداية من العراق وسوريا واليمن والصومال وصولا إلى لبنان والسودان.
ولكن عندما نتحدث عن مصر، أم الدنيا، هبة النيل، أرض الكنانة، مهد الحضارة الانسانية والخير والنظام فى العالم القديم. مصر دون غيرها من البلاد تتفرد بالعديد من المعجزات، معجزة الموقع الجغرافى، فمصر ليست فقط قلب العالم العربى، بل قلب العالم كله.
أضف إلى ذلك معجزة الحضارة المصرية القديمة؛ فالمصرى القديم أول من عرف الكتابة، والمصريون القدماء أول من قام بتدوين وتسجيل تاريخهم، فمصر أول دولة فى العالم لها تاريخ مكتوب. وأول من قام بتقنيات استغلال المحاجر والبناء فكان بناء الأهرامات والمعابد والمسلات الضخمة. وأول من وضع نظاما للرياضيات، وعلوم الطب، وفنون التحنيط، وأنظمة الرى وتقنيات الزراعة.
فمصر القديمة هى أول كل شىء، أخذ منها اليونانيون القدماء الكثير وتلاهم الرومان ما جعلها حاضنة للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية فتتابعت على أرض مصر الحضارات.
وأثرت حضارتها القديمة وفنونها وعمارتها وألهمت المبدعين والكتاب حول العالم لآلاف السنين. كما أدت الاكتشافات الأثرية فى مطلع العصر الحديث إلى البحث العلمى فى الحضارة المصرية حتى اصبح هناك علم خاص بهذه الحضارة، علم المصريات، التى لاتزال ممتلئة بالأسرار والمعجزات التى لا يستطيع تفسيرها العلماء حتى الآن.
إضافة إلى دور مصرالجغرافى والتاريخى والحضارى، فإن لمصر دورها الدينى، والمعجزات الدينية التى اختصها بها الخالق سبحانه وتعالى.
فمصر البلد الذى احتضن الأنبياء، والأرض التى سارت خطواتهم عليها، فجاء إليها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وتزوج من السيدة هاجر، وجاء إليها يوسف عليه السلام وأصبح فيها وزيرا وتبعه إليها أبوه يعقوب. وعلى أرض مصر كانت معجزات الانبياء، حيث دارعلى أرضها أعظم حوار بين الله عز وجل وموسى عليه السلام. وإلى مصر لجأت العائلة المقدسة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح ويوسف النجار وقاموا برحلة تاريخية مباركة.
فمصر هى الملجأ الحصين الذى شاءت السماء أن يكون واحة السلام والأمان على الدوام. فقال الحق سبحانه وتعالى: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. وتميز الشعب المصرى على طول التاريخ بالحب والتسامح والود والكرم، حيث امتزج أبناء مصر فى نسيج واحد متين.
كما أن الجيش المصرى هو أقدم جيش نظامى ثابت فى العالم، لم يكن أبداً جيش عدوان؛ بل كان دائما قوة من أجل إرساء السلام وفرضه إذا تطلب الأمر. فالجيش المصرى طوال تاريخه مدرسة للقيم الإنسانية النبيلة فى أوقات السلم والحرب على السواء.
خاض أول حروبه من أجل توحيد مصر على يد الملك مينا عام 3425 قبل الميلاد .ثم جاء أحمس الأول الذى حرر مصر وحقق استقلالها فى العهد القديم وطارد الهكسوس حتى طردهم من وادى النيل. مرورا بتحتمس الثالث مؤسس الإمبراطورية المصرية الحديثة آنذاك؛ الذى قاد المعارك العسكرية لإرساء سلطان مصر ونفوذها فى كل أنحاء المعمورة، والذى لم يعرف جيش مصر خلال حكمه طعم الهزيمة ، ومن أشهر المعارك التى ارتبط بها اسمه معركة « مجدو» .كما نذكرمعركة قادش فى عهد رمسيس الثانى مؤسس الإمبراطورية الثانية فى تاريخ مصر القديمة. وصولا إلى سحق التتار فى عين جالوت. ففى مثل هذه الأخطار الجلل يرسل الله دائماً البطل الذى اختاره وأعده لهذه المهمة.
فالبطل هو إنسان متميز، يتمتع برسوخ العقيدة؛ التى تنيرفكره وتمده بالعزيمة، وتحميه عند المحن، وتمنحه القدرة على الصبر على الشدائد، وتملؤه بالإطمئنان فى أوقات الأزمات. كما يتميز البطل بوعى عميق وإدراك دقيق لما يحيط به وبمجتمعه، ذو جرأة وإقدام وشجاعة استثنائية ونبل أخلاق و قوة من طراز متميز، يسمو هدفه على حاجاته ورغباته؛ فهو كائن استثنائى يمتلك الرغبة الجامحة فى مساعدة الآخرين وحين يحارب من أجل قضية فإنها تكون قضية ذات أبعاد حقيقية؛ يؤمن الناس بالقضية ويثقون به ويسيرون وراءه..
فتفرد مصر؛ فى الجغرافيا، والتاريخ، والحضارة، والمعجزات الدينية، والشعب الأصيل، والجيش العظيم، ولأنها أول كل شيء ونهايته، و كونها رمانة الميزان التى بدونها يختل ميزان العالم.
كل هذا جعل مصر محاطة بالعناية الإلهية؛ كلما اشتدت الأزمات والمحن كان هناك البطل الذى ينقذها من الاقتتال والخراب والدمار. فكانت معجزة 30 يونيو حيث أوجد الله لها البطل الذى حقق الإرادة الشعبية الجارفة، فكانت لها فجراً بعد ليل حالك الظلام ومصير لا يعلمه إلا الله. وأثمرت لنا ميلاد الجمهورية الجديدة التى غيرت واقع المنطقة، بل وتجاوز تأثيرها ليمتد فى المساهمة فى تشكيل النظام العالمى الجديد، وترسم الآن مستقبلا جديدا يحمل الأمل ليس فقط للشعب المصرى ولكن لشعوب المنطقة والقارة السمراء.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية