تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

البقاء للأقدر

تتعرض دول العالم فى السنوات الأخيرة للعديد من التحديات والأزمات المتعاقبة، دون تفرقة بين دولة عظمى وأخرى ناشئة، بدءا من الهجمات الإرهابية التى طالت دول العالم كافة لعقود طويلة. استهدفت هذه العمليات الإرهابية تدمير البنية الأساسـية للـدول سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، ما أدى إلى تهديد المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والتنمية الشاملة والاستقرار المجتمعى. فتهديد الاستقرار السياسى والأمنى لأى دولة هو تهديد مباشر لأمنها القومى وهوعقبة رئيسة تعوق وتمنع عملية التنمية والتطوير.

 

استوجب ذلك من الدول، عدم الاعتماد على المعالجات والحلول الأمنية فقط، بل وضع استراتيجيات متكاملة وفعالة من شأنها معالجة أسباب الخلل الثقافى والاجتماعى والاقتصادى والسياسى والتى تمثل الروافد الأساسية المغذية للإرهاب.

تطلب ذلك جهودا كثيفة وتكاليف بشرية واقتصادية ضخمة من قبل الدول والحكومات للتصدى للكيانات الإرهابية، واحتواء التهديد الذى يمثله الإرهاب على الأمن القومى للدولة. بالإضافة إلى السيطرة على التكلفة الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التى تتحملها الدولة بسبب الإرهاب، حتى أصبح هناك مؤشر عالمى لقياس قدرة الدولة على احتواء تأثير الإرهاب. فيما يعد اختبارا وتحديا صعبا لقدرة إدارة الدول على التصدى للإرهاب و تجفيف منابعه.

ثم هاجمنا وباء كورونا، حيث استهدفت الجائحة تدمير البنية الأساسية للدول أيضا بما فرضته على الشعوب والدول من تحديات صحية ونفسية واجتماعية، بالإضافة للتحديات الاقتصادية أيضا وما تلاها من أزمات طاحنة، فنتجت عن الجائحة أكبر أزمة فى الاقتصاد العالمى لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، بل ونتج عنها حالة من الركود الاقتصادى ما يعد أشد انكماش اقتصادى عالمى منذ الكساد العظيم فى ثلاثينيات القرن العشرين.

أدت إجراءات الإغلاق، نتيجة التدابير التى اتخذتها الدول للتخفيف من آثار الوباء على الصحة العامة، إلى التأثير على العديد من قطاعات الاقتصاد كالسياحة والطيران والصناعة، مما أدى إلى الانخفاض الكبير فى الناتج المحلى الإجمالى ونقص المعروض من السلع و فقدان الوظائف، نتج عن ذلك ارتفاع معدلات الفقر، ما ألزم الحكومات بتقديم الدعم لكل من الشركات والأفراد، وتقديم الإعانات الفورية للطبقات الفقيرة. نتج عن ذلك ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة عجز الموازنة ومن ثم زيادة الدين العام لمعظم الدول.فكان للجائحة أشد الأثر على الدول كافة وعلى الدول النامية بصفة خاصة، فهذه الدول كانت تحاول الخروج من دائرة الفقر.

وبينما العالم فى سبيله للتعافى من تداعيات الجائحة، وقبل أن ترجع الشعوب لحياتها الطبيعية وتستأنف أنشطتها الاقتصادية المتوقفة،استيقظنا على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بتحديات سياسية وإقتصادية عالمية إضافية جديدة.

فرغم ان الحرب الروسية الاوكرانية محدودة الرقعة الجغرافية، الا إنها غير محدودة التأثير، امتد ثأثيرها لكل دول العالم. فالدولتان تشكلان النسبة الأكبر من إنتاج القمح والحبوب عالميا، إضافة إلى كون روسيا المصدر الرئيسى للغاز الطبيعى لدول أوروبا. فكان من تبعات الحرب، النقص فى إمدادات الغذاء والطاقة، وتهديد الأمن الغذائى لشعوب العالم.

كل هذا فى ظل أزمة التغيرات المناخية العالمية ذات التأثيرات البيئية المتفاقمة، من ارتفاع فى درجات الحرارة وفقر مائى وزيادة معدلات التصحر، بما يؤثر على إنتاج المحاصيل الزراعية، ويمثل تهديدا مضاعفا للأمن الغذائى العالمى.

وفى خضم هذه الأزمات المتتالية، ومع نقص المعروض من السلع، وتزايد الطلب على الدولار، شهد الدولار الأمريكى موجة صعود. فانخفضت أسعار عدد هائل من العملات مقابل الدولار، مُخلِّفة آثارا وتداعياتٍ كبيرة ومركبة على الدول والاقتصادات الناشئة. فمع ارتفاع قيمة الدولار ازدادت تكلفة الواردات، ما أدى إلى موجات من الغلاء عالمية غير مسبوقة.

فى ظل كل هذه الأزمات العالمية المتلاحقة، نجحت مصر فى التصدى للإرهاب، وتجفيف منابعه وكانت الدولة الناجية فى المنطقة، بل وحاربت مصرالإرهاب نيابة عن العالم كله. كما نجحت مصر أيضا فى التصدى والسيطرة على التداعيات الصحية والاقتصادية لوباء كورونا فلم تنهر المنظومة الصحية كما حدث فى دول العالم الكبرى، ولم تعان نقصا فى السلع، بل أرسلت مصر المساعدات للدول الشقيقة والصديقة، وكانت من الدول القليلة التى حققت نموا اقتصاديا رغم الجائحة.

والآن وفى ظل الحرب الأوكرانية لم تعان مصر من أى أزمات فى الطاقة، فمن قبل الحرب بسنوات، كانت مصر قد أصبحت مركزا عالميا للطاقة. ولم تعان مصر من نقص فى السلع الغذائية كما كان مقدرا لها، فمن قبل الحرب بسنوات ايضاً، أولت الدولة أهمية كبيرة للأمن الغذائى من خلال الاهتمام بقطاع الزراعة كمشروعات الدلتا الجديدة والريف المصرى الجديد. كما استضافت مصر وتسلمت رئاسة مؤتمر المناخ كوب 27 فى نوفمبر الماضى، فى حضور عالمى مشهود ونتائج تاريخية، وهو نتاج سنوات أيضا من العمل الدءوب. والآن وفى ظل التحولات التاريخية التى يشهدها الاقتصاد العالمى فى المرحلة الحالية، كإدراج البنك المركزى الروسى الجنيه المصرى ضمن العملات المعتمدة، واقتراب انضمام مصر لمجموعة دول البريكس ستعبر مصر تلك الأزمة الاقتصارية العالمية المركبة، كما نجحت فى عبور الأزمات التى سبقتها.

فى ظل اختبارات الصلابة التى تواجهها الدول، فالبقاء للأقدرعلى التنبؤ بالمخاطر والتهديدات قبل حدوثها، والأقدر على الاستعداد للأزمات الناتجة عنها، والأقدر على إدارة الأزمات عند وقوعها.

  •  

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية