يعد تخصص جراحة المخ والأعصاب من التخصصات الطبية المهمة والمطلوبة فى مجال الطب. فهو يهتم بدراسة وتشخيص وعلاج الاضطرابات المتعلقة بالجهاز العصبى والدماغ. وكذلك علاج أورام المخ، وأمراض وإصابات الأعصاب الطرفية والعمود الفقري.

شهد هذا التخصص نهضة غير مسبوقة خلال النصف الثانى من القرن الماضى، كانت البدايه عندما قرر الاستاذ الدكتور صمويل بقطر الأستاذ بكلية الطب بجامعة الإسكندرية إنشاء وحدة جراحة الأعصاب، كوحدة تتبع قسم الجراحة العامة، وذلك عام 1949 ثم الأستاذ الدكتور عثمان سرور بكلية طب القاهرة عام 1951 ثم الأستاذ الدكتور إبراهيم حجازى ثم أ.د. أحمد البنهاوى ثم أد.حسنين الشريف بكلية طب عين شمس اعتبارا من عام 1952.

وفى عام 1991 تحولت الوحدة بكلية طب عين شمس إلى قسم جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقرى برئاسة الأستاذ الدكتور ممدوح سلامة،

وكانت بداية د. ممدوح سلامة بوحدة جراحة الأعصاب بكلية طب عين شمس كأول طبيب مقيم جراحة أعصاب ثم أول معيد جراحة أعصاب انتهاء بأول رئيس لقسم جراحة الأعصاب وخلال هذا المشوار حصل على دبلوم الأمراض العصبية والنفسية و دبلوم الجراحة العامة وزمالة الجراحين الملكية بالمملكة المتحدة (لندن وأدنبرة) ودكتوراه الجراحة العامة وعمل فى الفترة من عام 1967 إلى 1970 بمستشفيات انجلترا فى لندن وأدنبرة.

ومع بداية حرب أكتوبر المجيدة تم تكليفه بمستشفى المعادى العسكرى للمرة الثانية ليقوم بعلاج مصابى العمليات الحربية ولمدة ثلاثة أشهر، كما عمل أيضا استشارى المجالس المتخصصة لوزارة الصحة والقوات المسلحة ووحدة أبحاث البحرية الأمريكية بالقاهرة لعدة سنوات.

وخلال مشواره الأكاديمى اشرف د.ممدوح على أكثر من مائة رسالة دكتوراه وقام بتدريب العديد من جراحى الأعصاب بمصر والوطن العربى وإفريقيا.

وقد ساهم بالمال والفكر فى تطوير القسم بكلية طب عين شمس وتوسعاته، كما ساهم فى إنشاء الجمعية المصرية لجراحى الأعصاب وكان أول أمين صندوق لها ثم سكرتيرا ووكيلا ورئيسا للجمعية المصرية لجراحة المخ والأعصاب، وعين عضوا بالمحكمة العليا للقيم عام 1987، ورئيس شرف الجمعية المصرية للأخلاقيات الطبية. وفى عام 2001 انتخب رئيسا فخريا للجمعية المصرية لألام الظهر مدى الحياة.

كان الأستاذ الدكتور ممدوح سلامة يمتاز بالبراعة الجراحية والفكر الثاقب فى التشخيص والعلاج والتبرع بكل الوقت والجهد والصبر فى سبيل علاج المرضى ودون مقابل مادى فى كثير من الأحوال.

والآن يضم القسم الذى أنشأه مجموعة من أمهر جراحى المخ والأعصاب والعمود الفقرى ذوى الخبرات الهائلة فى مختلف الجراحات المتخصصة مثل جراحات التدخل المحدود للعمود الفقرى، وجراحات المخ الميكروسكوبية للأورام والتمدد الشريانى وتشوهات الأوعية الدموية المخية، بالإضافة إلى تدخلات القسطرة المخية لشرايين المخ.

كما توجد نخبة من الجراحين فى تخصصات دقيقة أخرى مثل جراحة المخ والأعصاب للأطفال وجراحات المخ الوظيفية لعلاج حالات الصرع واضطراب الحركة. واليوم يوجد فى جميع كليات الطب والمستشفيات التعليمية بوزارة الصحة ومستشفيات الشرطة ومستشفيات الهيئات الأخرى، أقسام متخصصة وأساتذة واستشاريون متميزون فى جراحات المخ والأعصاب.

كما يوجد أيضا مراكز خاصة فى تخصص جراحات المخ والأعصاب وبها متخصصون مهرة. وفى القوات المسلحة بدأ الاهتمام بهذا التخصص منذ بداية الستينيات من القرن الماضى بإنشاء أول قسم لهذا التخصص بمستشفى القوات الجوية بالعباسية برئاسة د عزت توفيق ومعه الخبير العالمى اولف كرونا ود. أحمد البنهاوى ود. سيد الجندى ود. ممدوح سلامة كطبيب مكلف بالقوات المسلحة، ثم انتقل القسم بعد ذلك الى مستشفى المعادى العسكرى بعد إنشائه عام 1965. وكان للدكتور سيد الجندى وتلميذه د.محمد توفيق دور كبير فى تطوير هذا التخصص بالقوات المسلحة وتخرج على يديه مجموعة من الأطباء المهرة فى هذا التخصص الذين أصبحوا رؤساء لأقسام هذا التخصص فى مستشفيات القوات المسلحة. وفى عام 2011 تم إنشاء المركز التخصصى للعمود الفقرى بالعجوزة تحت إشراف د.رضا عوض داخل مركز الطب الطبيعى والتأهيل وعلاج الروماتيزم للقوات المسلحة وهو أول مركز متكامل للتعامل مع أمراض وإصابات العمود الفقرى وبه كل الإمكانات الحديثة فى التشخيص والعلاج غير الجراحى والجراحى وقسم خاص لتأهيل مرضى ومصابى العمود الفقرى ويعتبر الأول من نوعه فى مصروقام بافتتاحه المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى ووزير الدفاع فى ذلك الوقت، وحضر الافتتاح أيضا د ممدوح سلامة ونخبه من اساتذة هذا التخصص. وفى شهر فبراير من عام 2025 توفى أد.ممدوح سلامة الى رحمه الله بعد أن ساهم فى إرساء قواعد هذا التخصص وتخرج على يديه مئات الأساتذة والاستشاريين فى تخصص جراحات المخ والأعصاب فى مصر والوطن العربى.