ظهرت فى السنوات الأخيرة عدة ادعاءات يهودية تقول إن بنى إسرائيل هم بناة الأهرامات، وكما صرح بذلك مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل عندما وقف أمام الإعلاميين فى أمريكا بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، فقال عندما أقوم بزيارة مصر سأزور الأهرامات التى بناها أجدادي.

لقد حدد الله سبحانه وتعالى الجنس البشرى الذى سيعمر الأرض بعد حادثة الطوفان بنسل أبناء سيدنا نوح (عليه السلام) الثلاثة سام وحام ويافث طبقا لما ورد فى القرآن الكريم (وجعلنا ذريته هم الباقين) (سورة الصافات 77)، وما ورد فى الحديث الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم أن (سام ابو العرب ويافث ابو الروم وحام ابو الاحباش) وطبقا للنصوص التوراتية أن سام هو الابن الأكبر لسيدنا نوح، كان عمره 98سنة عند حدوث الطوفان وعاش 500 عام، ويعتقد ان العرب واليهود والاشوريين والاراميين انشقوا من سلالة سام.

تمركزت القبائل السامية فى شمال شبه الجزيرة العربية بما يعرف بالخزان البشرى للقبائل السامية، ونتيجة للجفاف المتكرر فى هذه المنطقة انطلقت منها موجات الهجرة الجماعية إلى منطقه الهلال الخصيب (إلى ارض العراق والشام وجزء من ارض مصر) فكان أولاها هجرة الكنعانيين إلى ارض فلسطين والثانية هجرة الاكاديين والكلدانيين اجداد سيدنا إبراهيم الى جنوب نهر الفرات بالعراق.

فمنذ عام 3000 قبل الميلاد حدثت الهجرة الكنعانية من شمال الجزيرة العربية إلى أرض فلسطين واستوطنوا هذه المنطقة، فهم أول من سكن أرض فلسطين وأول من بنى حضارة عليها وهم كلهم عرب، وكان الكنعانيون شعبا مسالما وكانوا مدافعين عن انفسهم ولم يكونوا مهاجمين واشتهروا بالزراعة وفى فن العمارة.

واليبوسيون هم الذين انشأوا مدينة القدس وهم احد بطون القبائل الكنعانية التى هاجرت إلى فلسطين عام 2500ق. م وقد سميت المدينة باسم (يبوس) والذى ورد اسمها فى التاريخ المصرى القديم باسم (يابيث) أو (يابيثي).

وفى عهد الملك اليبوسى الذى يعرف باسم (ملكى صادق) والذى حكم اليبوسيين خلال جزء من القرن العشرين ق. م تغير اسم المدينة إلى (اورشليم) اى مدينة السلام.

وهكذا نجد ان مدينه القدس قد بناها اليبوسيون الكنعانيون وسكنوها مدة طويلة قبل مجيء اليهود بل إن المصادر اليهودية نفسها تعترف بأن إبراهيم الخليل ــ عليه السلام ــ حينما وصل الى ارض كنعان (فلسطين) مهاجرا من موطنه (مدينة اور) بجنوب نهر الفرات (العراق حاليا) وبصحبة زوجته سارة وابن اخيه سيدنا لوط وهى بداية وجود اليهود بأرض كنعان، كان يدفع ضريبة العشر الى ملك القدس (ملكى صادق) نحو عام 1920 ق.م.

وذكر اسم (اورشليم) فيما يعرف بألواح تل العمارنة، وهى عبارة عن ست رسائل أرسلها حاكم اورسالم (عبدى هيبا) إلى فرعون مصر إخناتون فى القرن الرابع عشر قبل الميلاد يطلب منه العون العسكرى للدفاع عن مدينة أورسالم.

ويضاف على ذلك أن اسم اورشليم بالذات ليست يهودية وإنما هى تسمية كنعانية، حيث إن الألواح المكتشفة فى مدينة (ايبلا السورية) القديمة التى تم تخريبها على يد الأكاديين قبل وصول اليهود إلى المنطقة بوقت طويل ذكرت وجود مدينة أورشليم، بل إن التوراة نفسها تعترف بأن القدس غير يهودية، حيث ورد اسم القدس فى التوراة أحيانا باسم مدينة «اليبوسيين» شهدت مدينة القدس خلال الألفية الثانية قبل الميلاد أحداثا كثيرة، أولها وصول أبى الأنبياء وداعية التوحيد إبراهيم الخليل عليه السلام مهاجرا من مدينة (أور) بأرض بابل (العراق) وبصحبته زوجته سارة ونبى الله سيدنا لوط وبعض الذين أمنوا بدعوته، بعد أن رفض (الملك النمرود) ملك بابل دعوة التوحيد كما جاء فى القرآن الكريم (ونجيناه ولوطا إلى الأرض التى باركنا فيها للعالمين) الأنبياء/ 71، وكان ذلك نحو (1900 ق.م ) وبعد أن أصاب الجفاف ارض كنعان (فلسطين) رحل إلى مصر وأقام بها عدة سنوات، عاد بعدها إلى ارض كنعان وبصحبته زوجته (سارة) والمصرية السيدة (هاجر) التى تزوجها وأنجب منها نبى الله (إسماعيل) ــ عليه السلام ــ وأسكن زوجته هاجر وابنها إسماعيل فى ارض الحجاز، حيث أقام إبراهيم وإسماعيل بعد ذلك البيت العتيق أول بيت لله فى الأرض، ثم رزقت (سارة) بسيدنا (اسحق) والذى رزق بعد ذلك بولدين عيسو وسيدنا يعقوب (إسرائيل) عليه السلام الذى تزوج من أربع سيدات (ليئة ــ وراحيل ــ وزلفة ــ وبلهة) وأنجب منهن اثنى عشر ولدا عرفوا بـ(بنى إسرائيل).

فى نحو عام 1650 ق.م شهدت مدينة القدس هجرة سيدنا يعقوب وعائلته (بنى إسرائيل) إلى مصر بعد أن دعاهم سيدنا يوسف ــ عليه السلام ــ الذى شاءت الأقدار أن يستقر فى مصر ويصل إلى السلطة ويصبح مسئولا عن خزائن مصر، كما جاء فى القرآن الكريم (..ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين) وكان ذلك فى زمن حكم الهكسوس لمصر واستقر بنو إسرائيل فى شرق الدلتا (أرض جاسان) كما ذكرت التوراة فترة تصل الى نحو 350 عاما، وذلك حتى ظهور نبى الله موسى عليه السلام ــ الذى قاد بنى إسرائيل إلى ارض سيناء عام (1300 ق/م) !

والآن.. ما علاقة اليهود ببناء الأهرامات.. طبقا للوثائق التاريخية القديمة فلقد بنى الهرم الأكبر فى عصر الدولة القديمة فى عصر (الملك خوفو) نحو 2650 ق.م أى نحو ألف عام قبل هجرة بنى إسرائيل إلى مصر عام 1650 ق.م، وكان عددهم فى ذلك الوقت سبعين فردا فقط وهم سيدنا، يعقوب وأولاده وأحفاده وسيدنا يوسف وزوجته (آسنات) وولداه (منسى وافرايم) طبقا للنصوص التوراتية، مما يؤكد ان ليس لهم اى علاقة ببناء الأهرامات.

والجدير بالذكر اننى سألت عالم المصريات الشهير ووزير الآثار السابق دكتور زاهى حواس عن زيارة مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل الى الأهرامات قال إن مناحم بيجين زار الأهرامات بعد توقيع معاهدة السلام، وفى نهاية الزيارة سألته الصحفية هدى توفيق هل تعتقد الآن أن اليهود هم بناة الأهرامات؟ أجاب (أنا الآن متأكد ان اليهود ليس لهم اى صلة ببناء الأهرامات وان قدماء المصريين هم بناة الأهرامات).