تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الموت الكبير في غزة

سلوك حكومة نتنياهو تجاه المفاوضات, بشأن الحرب في غزة عبارة عن منظومة ممنهجة من التضليل والعرقلة، وكأن نتنياهو ورفاقة من اليمين المتطرف قد رسموا دائرة لا يريدون الخروج منها, وهذا بالطبع لم يكن ليمر من دون موافقة أمريكية أو في أضعف الأحوال صمت متعمد,
و إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليقها جاهز وهو إلقاء اللوم على حركة حماس رغم علمها بالحقيقة.

المراقب لتاريخ المفاوضات على مدار ما يقترب من العامين بإمكانه توثيق عرقلة نتنياهو ووزرائه من اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش خمس فرص على الأقل للتوصل إلى اتفاق، كان من شأنها إنقاذ الأسرى الإسرائيليين وإنهاء الحرب على قطاع غزة في مراحل مبكرة.

العالم كله الآن يعرف من يعرقل المفاوضات حتى في الداخل الإسرائيلي نفسه هناك شهادات موثقة لأعضاء سابقين في مجلس الحرب الإسرائيلي، منهم غادي آيزنكوت ونائب رئيس فريق المفاوضات الإسرائيلي السابق، يؤكدون تعمد نتنياهو الكذب على الجمهور بشأن الصفقات ونشر أخبار مضللة عن المفاوضات حتى قبل إجرائها في بعض الأحيان في محاولة لتهدئة أسر الرهائن.

الولايات المتحدة التي تتبنى السردية الإسرائيلية حول هذه الحرب منذ السابع من أكتوبر تعرف من الذي يعرقل المفاوضات منذ ولاية الرئيس السابق بايدن وحتى الآن,

وليس هناك دليل على ذلك أقوى من اعترافات ماثيو ميلر المتحدث السابق باسم الخارجية الأمريكية بأن واشنطن كانت تتابع محاولات حكومة نتنياهو عرقلة المفاوضات وبحثها المستمر عن وسائل لفرض مزيد من الشروط من أجل إجهاضها المفاوضات، لكنها اختارت الصمت إزاء ذلك حتى لا تستفيد حماس!

و أضيف أنا ما لم يجرؤ ماثيو ميلر على قوله وهو حتى تستفيد الولايات المتحدة أيضا وأتحدث هنا عن إدارة الرئيس دونالد ترامب التي قدمت تصورا "امتلاكيا " لغزة تحت مسمى "ريفيرا الشرق الأوسط" يقوم على تهجير سكان القطاع لتضع الولايات المتحدة يدها عليه و تطوره لحسابها كمشروع عقاري على البحر ولا مكان هنا لسيادة شعب على أرضه أو قانون دولي, وهذا بلا شك يوفر رؤية دقيقة لطبيعة منظومة التضليل السياسي حول المفاوضات التي تتبعها حكومة الاحتلال بالشراكة مع الإدارات الأمريكية,

يكفي أن تتابع سلوك وتحركات السفير الأمريكي لدى الاحتلال مايك هاكابي الذي يتصرف كأنه سفير إسرائيلي في فلسطين.

حكومة نتنياهو كانت ولا تزال معنية باستدامة الحرب وإطالة أمدها، وكل حديث من جانبها عن مفاوضات وشروط ووعود كان مجرد مراوغات لواقع يريد استدامة حرب التجويع والإبادة الوحشية بحق الشعب الفلسطيني في غزة وصولا إلى مشهد النهاية المنتظر بتهجير الفلسطينيين وتسليم غزة لمن يريد تطويرها
نتنياهو حاول قدر الإمكان الاستفادة من التعاطي الأمريكي مع أزمة غزة للبقاء السياسي والهروب من الضغوط والمحاكمات وتحويل الساحة الداخلية الإسرائيلية لحديث آخر غير خطايا نتنياهو فمن جانب استغل ضعف موقف إدارة الرئيس بايدن التي كانت تتجنب أي نقد علني له،

والآن يستفيد من تقاطع رؤيته مع إدارة الرئيس ترامب بالظهور كأنه عراب المشروع الترامبي في غزة وهذا بالطبع لتمكين مساره السياسي, ونجح نتنياهو مع الإدارتين في جعل وجهة النظر الأمريكية المعتمدة هي أن حركة حماس السبب في عدم التوصل إلى صفقة 

ما يلفت النظر في حرب غزة والتي توشك أن تتم عامها الثاني أن القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني لا مكان لهما في هذه المعاناة الإنسانية الكبرى رغم الاعتراف الأممي بالمجاعة في غزة, ورغم الموت الكبير وعشرات الآلاف من القتلى والمصابين, وهذا مرده إلى أن الفاعلين السياسيين في العالم الآن وعلى رأسهم الولايات المتحدة لديهم نظرة للقانون الدولي ترى أن مصدر القوة عسكري وليس قانونيا.

كعادته نتنياهو لم يفوت الفرص فبدأ يغازل اليمين المتطرف ودعاة الدولة الدينية بحلم إسرائيل الكبرى ويمضي قدما في إبادة جماعية للشعب الفلسطيني في غزة وبالتوازي يشن حملة ضارية تشبه التطهيرالعرقي في الضفة الغربية، إضافة إلى التوسع الاستيطاني ومحاولة تغيير الحقائق في المنطقة, و هذه معطيات تشير إلى تمكين الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين عموماً وعلى حساب الشعب الفلسطيني، و الولايات المتحدة تبدو هنا في دور المتفرج الذي يعجبه العرض وقد يصفق للبطل في صالة العرض.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية