تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
علامات تعجب!
لم يعد من الممكن التنبؤ بطبيعة التغيرات التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط، فهي ليست كرقعة الشطرنج يمكن أن تدرس تحركات لاعبيها أو على الأقل أن تتوقعها، لكنها أشبه فعليا بالأعاصير والزوابع التي يصعب معرفة توقيتاتها واتجاهاتها.. هكذا أصبحنا!
خطورة الفراغ السياسي والعسكرى الناتج عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، ليس في توقيته فقط، ولكن في سرعته وتداعياته حتى علي القوي الإقليمية المشاركة فيه. المشهد السوري خلال الأيام القليلة الماضية وحتى الآن حمل العديد من التناقضات، بدرجة يصعب فهمها او تبريرها.. فبينما وسائل الاعلام العالمية تنقل صور لفرحة الشعب لسقوط النظام، يدك الطيران الاسرائيلي كل ما له علاقة بالجيش السوري من معدات واسلحة ومختبرات ومعامل، في كل يوم تشن إسرائيل أكثر من ٣٥٠ غارة على ما تبقي من معدات الجيش الوطني، وفي نهاية كل يوم تعلن عن تفاصيل الهجمات وما الذي استهدفته بكل شفافية!
وفي الوقت الذي مازال فيه يحتفل الشعب السوري، يتوغل جيش الاحتلال الي كامل هضبة الجولان بما في ذلك جبل الشيخ ويسيطر على ٢٥٠ كيلومتر مربع إضافية، مع اعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجولان أصبحت إسرائيلية بالكامل وإلى الأبد مع وعد منه بمضاعفة الاستيطان في الهضبة!
احمد الشرع، الشهير بمحمد الجولاني، القائد العام لهيئة تحرير الشام التي اسقطت النظام، يبدو أن جولاني يتبنى استراتيجية ذكية. لقد فهم أن السلوك على غرار داعش لن يخدمه. لم يذهب إلى دمشق لقتل شعبه أو حرقه أو اغتصابه. قام بحملة إعلامية ممتازة، وعرض على الجميع وضع أسلحتهم والانضمام إليه. قال: "أنا سوري، أنت سوري، أنا ذاهب ضد الأسد، لن أذهب ضد البلاد أو ضدك". وظهر قبل أيام ليعلن لقناة "العربية" انه سيتم الغاء التجنيد الاجباري وسيكتفي بالمتطوعين لديه، بمعني ان السوريين غير معنيين بحمل السلاح للدفاع عن وطنهم بعد الآن!
على الجبهة الشرقية، قامت القوات الامريكية برفع العلم علي مدينة كوباني الكردية لتأمينها، فيما استمرت بالسيطرة على حقول النفط. وجاءت المحصلة النهائية في سوريا كالتالي: سقط نظام بشار الأسد، تم تدمير الجيش السوري بالكامل لأول مرة في التاريخ الحديث حتى انه لم يحدث ذلك في حرب عام ١٩٦٧، تم حل الجيش وتسريح عناصره، سيطرت إسرائيل عل هضبة الجولان وجبل الشيخ الي الأبد!
سوريا مثلها مثل العراق ولبنان مجتمع فسيفسائى من طوائف وجماعات دينية وعرقية ومذهبية وسياسية تشكلت اما عبر التاريخ او الجغرافيا، لذلك لن يكون سيناريوهات مستقبلها في النهاية بعيدا عن محيطها الإقليمي، لكن الخطورة ان التيارات الجهادية المتطرفة هي الآن في قلب الصورة وأيضا في قلب الجغرافيا السورية، وهي التي تتحكم في المشهد وتنبئ بان القادم طائفي مسيس بما يتوافق مع مصالح القوي الإقليمية الموجودة على الأرض.. والمؤسف ان هذه الصيغة غير قابلة للاستمرار!
الوضع الذي وصلت إليه سوريا هو نتيجة أكثر من سبع سنوات من الإخفاقات. تسببت الهجمات الإسرائيلية، التي كانت في معظمها تكتيكية، في تداعيات استراتيجية كبيرة، مع الضعف التدريجي لمحور المقاومة وفقدان شخصيات رئيسية في حركات المقاومة. كما ساهمت الولايات المتحدة في الوضع من خلال فرض عقوبات شديدة ودعم الجماعات المسلحة، لكن استراتيجية النظام الإيراني المضللة والصراعات الداخلية في سوريا جعلت المقاومة أضعف. بعد اغتيال قاسم سليماني، ساءت الحالة، وتصرفت إسرائيل في سوريا دون رد من المحور. إن سقوط سوريا يجعل التهديد أقرب إلى قلب إيران.!
الآن رحل الأسد. يحتفل السوريون في شوارع دمشق، وتحاول جماعات المعارضة تنظيم انتقال سياسي، لكن السجل الفشل الاداري لجماعات المتمردين السوريين عندما حكموا مساحات كبيرة من الأراضي كبير ومثبت يجعل من الصعب أيضا أن تكون متفائلا. ومن الواضح أن الكثيرين في وسائل الإعلام الغربية ودوائر السياسة يفترضون الآن أن هيئة تحرير الشام ستحكم سوريا. ومع ذلك، هناك أسباب للشك في أن الأمور ستكون بهذه البساطة. حتى قبل بضعة أسابيع، سيطرت الهيئة على ثلثي محافظة ادلب فقط لكنها فشلت في ادارتها تماما ولم تظهر المجموعة أي التزام حقيقي بالتعددية السياسية. كما انه لا يوجد أي أرضية مشتركة بين الفصائل المسلحة حتى عندما استولت جماعات المعارضة السورية في السابق على أجزاء أخرى من البلاد - بما في ذلك جنوب سوريا، والريف حول دمشق، وفي أجزاء من شمال سوريا التي استولت عليها جماعات مدعومة - كانت النتيجة عادة حكما تعسفيا للميليشيا والاقتتال الداخلي. وفشلت محاولات توحيد الفصائل المحلية وبناء مؤسسات موحدة مرارا وتكرارا.!
الخطر الأكثر إلحاحا على سوريا ليس التطرف الإسلامي فقط، بل الفوضى التي قد يطلقها انتصار المعارضة. ومهما كان شكل الإدارة او الحكومة القادمة في سوريا، فإن التحديات أكبر بمراحل، والمخاطر أقرب مما يتخيل بعض الحالمين، والأزمة الاجتماعية والاقتصادية الساحقة بالفعل في سوريا من المرجح أن تتعمق أكثر. وفقا للأمم المتحدة، يحتاج 16.7 مليون سوري إلى المساعدة الإنسانية وحوالي 12.9 مليون سوري يعاني من انعدام الأمن الغذائي. وحتى بعد ان ينتهي الصراع او يتحقق أي سيناريو ستحتاج سوريا إلى 200 مليار دولار، وربما 400 مليار دولار لإعادة بناء نفسها لتصبح بلدا طبيعيا. من يستطيع دفع ثمنها؟ بالطبع لا أمريكا ولا الغرب ينويان المساعدة.!
خطورة الفراغ السياسي والعسكرى الناتج عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، ليس في توقيته فقط، ولكن في سرعته وتداعياته حتى علي القوي الإقليمية المشاركة فيه. المشهد السوري خلال الأيام القليلة الماضية وحتى الآن حمل العديد من التناقضات، بدرجة يصعب فهمها او تبريرها.. فبينما وسائل الاعلام العالمية تنقل صور لفرحة الشعب لسقوط النظام، يدك الطيران الاسرائيلي كل ما له علاقة بالجيش السوري من معدات واسلحة ومختبرات ومعامل، في كل يوم تشن إسرائيل أكثر من ٣٥٠ غارة على ما تبقي من معدات الجيش الوطني، وفي نهاية كل يوم تعلن عن تفاصيل الهجمات وما الذي استهدفته بكل شفافية!
وفي الوقت الذي مازال فيه يحتفل الشعب السوري، يتوغل جيش الاحتلال الي كامل هضبة الجولان بما في ذلك جبل الشيخ ويسيطر على ٢٥٠ كيلومتر مربع إضافية، مع اعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجولان أصبحت إسرائيلية بالكامل وإلى الأبد مع وعد منه بمضاعفة الاستيطان في الهضبة!
احمد الشرع، الشهير بمحمد الجولاني، القائد العام لهيئة تحرير الشام التي اسقطت النظام، يبدو أن جولاني يتبنى استراتيجية ذكية. لقد فهم أن السلوك على غرار داعش لن يخدمه. لم يذهب إلى دمشق لقتل شعبه أو حرقه أو اغتصابه. قام بحملة إعلامية ممتازة، وعرض على الجميع وضع أسلحتهم والانضمام إليه. قال: "أنا سوري، أنت سوري، أنا ذاهب ضد الأسد، لن أذهب ضد البلاد أو ضدك". وظهر قبل أيام ليعلن لقناة "العربية" انه سيتم الغاء التجنيد الاجباري وسيكتفي بالمتطوعين لديه، بمعني ان السوريين غير معنيين بحمل السلاح للدفاع عن وطنهم بعد الآن!
على الجبهة الشرقية، قامت القوات الامريكية برفع العلم علي مدينة كوباني الكردية لتأمينها، فيما استمرت بالسيطرة على حقول النفط. وجاءت المحصلة النهائية في سوريا كالتالي: سقط نظام بشار الأسد، تم تدمير الجيش السوري بالكامل لأول مرة في التاريخ الحديث حتى انه لم يحدث ذلك في حرب عام ١٩٦٧، تم حل الجيش وتسريح عناصره، سيطرت إسرائيل عل هضبة الجولان وجبل الشيخ الي الأبد!
سوريا مثلها مثل العراق ولبنان مجتمع فسيفسائى من طوائف وجماعات دينية وعرقية ومذهبية وسياسية تشكلت اما عبر التاريخ او الجغرافيا، لذلك لن يكون سيناريوهات مستقبلها في النهاية بعيدا عن محيطها الإقليمي، لكن الخطورة ان التيارات الجهادية المتطرفة هي الآن في قلب الصورة وأيضا في قلب الجغرافيا السورية، وهي التي تتحكم في المشهد وتنبئ بان القادم طائفي مسيس بما يتوافق مع مصالح القوي الإقليمية الموجودة على الأرض.. والمؤسف ان هذه الصيغة غير قابلة للاستمرار!
الوضع الذي وصلت إليه سوريا هو نتيجة أكثر من سبع سنوات من الإخفاقات. تسببت الهجمات الإسرائيلية، التي كانت في معظمها تكتيكية، في تداعيات استراتيجية كبيرة، مع الضعف التدريجي لمحور المقاومة وفقدان شخصيات رئيسية في حركات المقاومة. كما ساهمت الولايات المتحدة في الوضع من خلال فرض عقوبات شديدة ودعم الجماعات المسلحة، لكن استراتيجية النظام الإيراني المضللة والصراعات الداخلية في سوريا جعلت المقاومة أضعف. بعد اغتيال قاسم سليماني، ساءت الحالة، وتصرفت إسرائيل في سوريا دون رد من المحور. إن سقوط سوريا يجعل التهديد أقرب إلى قلب إيران.!
الآن رحل الأسد. يحتفل السوريون في شوارع دمشق، وتحاول جماعات المعارضة تنظيم انتقال سياسي، لكن السجل الفشل الاداري لجماعات المتمردين السوريين عندما حكموا مساحات كبيرة من الأراضي كبير ومثبت يجعل من الصعب أيضا أن تكون متفائلا. ومن الواضح أن الكثيرين في وسائل الإعلام الغربية ودوائر السياسة يفترضون الآن أن هيئة تحرير الشام ستحكم سوريا. ومع ذلك، هناك أسباب للشك في أن الأمور ستكون بهذه البساطة. حتى قبل بضعة أسابيع، سيطرت الهيئة على ثلثي محافظة ادلب فقط لكنها فشلت في ادارتها تماما ولم تظهر المجموعة أي التزام حقيقي بالتعددية السياسية. كما انه لا يوجد أي أرضية مشتركة بين الفصائل المسلحة حتى عندما استولت جماعات المعارضة السورية في السابق على أجزاء أخرى من البلاد - بما في ذلك جنوب سوريا، والريف حول دمشق، وفي أجزاء من شمال سوريا التي استولت عليها جماعات مدعومة - كانت النتيجة عادة حكما تعسفيا للميليشيا والاقتتال الداخلي. وفشلت محاولات توحيد الفصائل المحلية وبناء مؤسسات موحدة مرارا وتكرارا.!
الخطر الأكثر إلحاحا على سوريا ليس التطرف الإسلامي فقط، بل الفوضى التي قد يطلقها انتصار المعارضة. ومهما كان شكل الإدارة او الحكومة القادمة في سوريا، فإن التحديات أكبر بمراحل، والمخاطر أقرب مما يتخيل بعض الحالمين، والأزمة الاجتماعية والاقتصادية الساحقة بالفعل في سوريا من المرجح أن تتعمق أكثر. وفقا للأمم المتحدة، يحتاج 16.7 مليون سوري إلى المساعدة الإنسانية وحوالي 12.9 مليون سوري يعاني من انعدام الأمن الغذائي. وحتى بعد ان ينتهي الصراع او يتحقق أي سيناريو ستحتاج سوريا إلى 200 مليار دولار، وربما 400 مليار دولار لإعادة بناء نفسها لتصبح بلدا طبيعيا. من يستطيع دفع ثمنها؟ بالطبع لا أمريكا ولا الغرب ينويان المساعدة.!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية