تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

ما يحدث بين طهران وتل ابيب اشبه بالدخول في دائرة مفرغة من الفعل ورد فعل غير مساو له في القوة أو المقدار، وبين هجوم إسرائيلي علي ايران جاء خجولا تحسبا لمعادلات سياسية متأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين في الانتخابات الرئاسية واستعداد من الجانب الاخر للرد على الضربة، ينتظر الجميع تدخل اطراف دولية وإقليمية لوقف هذا السقوط الحر الذي يصعب التنبؤ بنتائجه أو تداعياته.

ربما هناك شك في أن الهجوم الإسرائيلي على إيران كان ناجحا من الناحية الفعليه وسيؤثر في قدرات طهران على اطلاق صواريخها الباليستية وقرارها بشأن ما إذا كانت ستهاجم إسرائيل للمرة الثالثة في المستقبل القريب.

لكن .. في الداخل الإسرائيلي هناك من يرى هذا النجاح على المدى القصير يخفي حقيقة أن إسرائيل ربما فاتتها فرصة ذهبية لتراجع البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.

على كل الأحوال ، هذه الضربة الأخيرة كانت إلى حد بعيد أفضل فرصة أتيحت لإسرائيل حتى الآن لإضعاف أو تحجيم البرنامج النووي الإيراني، وربما كانت أفضل فرصة أتيحت لها على الإطلاق.

أولا، كان لإسرائيل شرعية من نوع ما اكتسبتها بعد هجوم السابع من أكتوبر وما تلاه كل ما هو متعلق بايران بداية من أذرعتها في المنطقة وصولا لمهاجمة البرنامج النووي او حتى رموزها السياسية والدينية.

ثانيا، على الرغم من الضغوط الأمريكية والاتحاد الأوروبي للامتناع عن ضرب إيران أو الحد من أي هجوم، كان حلفاء إسرائيل سيكونون أكثر تعاطفا مع رغبة إسرائيل في مهاجمة البرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد أن أمر خامنئي بهجومين مباشرين على إسرائيل في أبريل ومرة أخرى في أكتوبر.

في الواقع، قيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رده على الهجوم الإيراني في أبريل بضربة واحدة كبيرة ولكنها محدودة على نظام صاروخ S-300 مضاد للطائرات.

بالنظر إلى أنه بعد رد إسرائيل المحدود، قرر خامنئي الهجوم مرة أخرى في وقت سابق من هذا الشهر، لذا كان لدى إسرائيل حجة أقوى من أي وقت مضى بأن الهجوم المحدود لن يكون كافيا لردع الجمهورية الإسلامية عن الهجوم الثالث ، بالتالي يجب ان يكون الهجوم الإسرائيلي حاسما هذه المرة.

ثالثا، كان يمكن لنتنياهو أن يجادل بأن خامنئي مصمم على عبور إيران العتبة النووية، بالتالي فانه يكون كل استثمارات إسرائيل في امتلاك سلاح الرد النووي الوحيد في المنطقة قد تبخر وذهب سدى. 

لكن السبب الوحيد الذى قيد رد الفعل الإسرائيلي تجاه طهران وبرنامجها النووي كان يتمثل في محدودية قدرة وفاعلية وسائل الدفاع الجوى في مواجهة صواريخ ايران وأذرعتها في المنطقة.

وتحدثت تقارير إخبارية انه اذا هاجمت تل ابيب المنشآت النووية الإيرانية فإن خامنئي سيأمر كلا الوكلاء بإمطار إسرائيل بآلاف الصواريخ من مختلف العيارات والاحجام بما تعجز عن مواجهته ليس فقط وسائل الدفاع الإسرائيلي ولكن أيضا القواعد الامريكية او حتى سفنها في المنطقة، وكان من الممكن أن يعني ذلك الآلاف من القتلى الإسرائيليين، فضلا عن المنشآت العسكرية.

الجانب السلبي في الأزمة الحالية ، هو ان القوي الوحيدة وهي الولايات المتحدة الامريكية التي من المفترض ان تضبط إيقاع الاحداث أصبحت معطلة أو شبه غائبة او مغيبة سواء بفعل العنصر السياسي الضاغط وهو الانتخابات الامريكية، او بفعل العنصر الزمني الذي اخرج جو بايدن نفسه من المعادلة السياسية.

وهذا ما جعل اطراف أي نزاع سواء في الشرق الأوسط او حتي خارجه يشعرون بانهم قادرون علي تنفيذ أجندتهم الخاصة في ظل هذا التراجع والضعف الأمريكيين، واكثر تلك الأطراف هي إسرائيل التي تلهث لتحقيق العديد من أهدافها المسكوت عنها لفترة طويلة خاصة في لبنان أو ايران بعد أن اتضح بالتجربة العملية ان الحسم العسكري او بالاغتيالات لن يعيد سكانها الي مستوطنات الشمال.

أما الجانب الإيجابي الذى تابعناه بعد الهجوم الإسرائيلي هو قيام ايران بفتح الباب أمام التهدئة، معلنة ان صفقة في غزة ولبنان من شأنها ان تعيد الاستقرار في المنطقة ووقف التصعيد مع إسرائيل..

رغم تراجع معدلات التصعيد في المنطقة ، بعد الهجوم الإسرائيلي والرد الايرانى ، الا انه مازلنا جميعا نعيش في هاجس السقوط في ازمة الحسابات الخاطئة التى يمكن أن تحدث في أي لحظة.

ويبقي الأمل في يتحدث الجميع لغة السياسية وتطبيق مبدأ أن "فن السياسة هو أن تقدم تنازلا قبل أن تضطر لذلك ، وأن تفعل اليوم ما سيكون أقل مما ستفعله غدا."

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية