تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
التعليم فى أجندة الحكومة الجديدة
مع الإعلان عن التشكيل الوزارى الجديد وفى إطار مخرجات الحوار الوطنى المهمة على جميع المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تبرز هناك عدة تحديات ليست بالجديدة يجب على الحكومة الجديدة أن تتعامل معها بمهارة وجدية، صحيح أن الحكومات السابقة منذ ثورة 30 يونيو حتى يومنا هذا قد أنجزت الكثير فى عدة مجالات وعلى رأسها البنية التحتية وتحديث منظومة الخدمات الحكومية عبر الميكنة أو الرقمنة، وكذلك توفير بيئة مناسبة لتشجيع الاستثمار، فضلا عما شهده قطاع الخدمات الصحية من تطور تدريجى لاسيما بعد صدور قانون التأمين الصحى الشامل رقم 2 لسنة 2018، وبدء تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل على بعض المحافظات، لكن يظل قطاع التعليم - وعلى وجه الخصوص التعليم ما قبل الجامعى - يحتاج إلى ثورة فى الأداء والتعامل الحكومى مع هذا القطاع المهم والاستراتيجي.
وفى إطار توصيات ومخرجات الحوار الوطنى، ومن ابرزها ضرورة الاهتمام بالتعليم باعتباره قاطرة التنمية، فمن المهم أن تولى الحكومة الجديدة التعليم كأولوية قصوى، فهو المدخل الأساسى للتقدم والنهضة.
فمما لا شك فيه أن التعليم بمراحله المختلفة يعد من أهمّ القطاعات الاجتماعية الخدمية فى الدول المتقدمة، فهو أساس تقدّمها وازدهارها، وعلى هذا الأساس يجب أن يصبح التعليم فى المرحلة المقبلة على رأس أولويات الدولة المصرية سواء مع الحكومة الجديدة أو أى حكومة تعقبها، وهذا الأمر يتطلب تطوير ورفع مستوى التعليم وتشجيع الأبحاث التى من شأنها النهوض بالوطن، فالعلم والعمل هما متلازمتان لأى نهضة، فالعمل وحده دون علم ودون رؤية وتخطيط قصير وطويل الأمد لا يصنع نهضة، فكما لا يمكن أن تقوم نهضة صناعية فى بلد ينظر أفراده إلى العمل اليدوى نظرة دونية - فلا يمكن أيضا بأى حال من الأحوال أن تقوم تنمية حقيقية فى مجتمع لا يدرك أهمية التعليم كاستثمار بشرى، أو فى مجتمع ينظر أبناؤه إلى التعليم على أنه خسارة ومضيعة للوقت، أو فى مجتمع يترك هذه الخدمة الاجتماعية الاستراتيجية فى مهب الريح أو يجعلها بمثابة حقل تجارب دون رؤية سياسية واضحة .
وإدراكا لأهمية التعليم كركيزة من ركائز التنمية بل للأمن القومى تكفى الإشارة إلى الأمر الإلزامى الذى أصدره الرئيس الأمريكى رونالد ريجان عام 1983بشأن إصلاح التعليم، بعنوان «أمة فى خطر أمر إلزامى لإصلاح التعليم»، وقد ساهم نشر هذا لاحقا فى تحسين الخدمات التعليمية بموجب جهود بذلت فى هذا الشأن من السلطات المحلية والفيدرالية. ويلاحظ أن الأمر الالزامى الذى أصدره ريجان قد اتخذ نفس الشعار الذى أطلقه الرئيس كيندى عام 1961 بعد نجاح السوفيت فى إطلاق أول مركبة فضائية يرتادها إنسان، لينبه إلى تراجع مستوى التعليم فى أمريكا الذى جعل السوفيت يصلون إلى القمر قبل الأمريكان، وبموجبه تم تشكيل لجنة رئاسية للتعليم تحت مسمى «فرقة العمل المعنية بالتعليم Task Force on Education» التى وضعت برنامجا اصلاحيا للتعليم أسهم بعد ذلك فى تقدم الولايات المتحدة فى مجال الفضاء.
فى هذا السياق فإن أردنا المعالجة السليمة لقضية التعليم فى مصر فإن علينا أن نصارح أنفسنا بأن مستوى جودة التعليم ومخرجاته فى مصر قد تراجعت حتى مقارنة بمثيلاتها فى الدول العربية التى كانت بمثابة المتلقى للمهارات والعقول المصرية.
صحيح أن الإحصائيات تشير إلى أن مصر حققت معدلات مرتفعة فى نسب الالتحاق بالتعليم قبل الجامعى، حيث تبلغ نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائى فوق نسبة 90%، ونسبة الالتحاق بالتعليم الثانوى تتجاوز نسبة 80% فإن جودة مخرجات التعليم هى الأساس، فلا شك فى أن جودة مخرجات التعليم تحتاج إلى معالجة حتمية (إن لم تكن ثورة فى التعامل) سواء من حيث البنية التحتية أو المناهج.
أما من حيث التعليم الجامعى ورغم تقدم جامعات بعينها ودخولها فى التصنيفات الدولية، فإنه وبحسب مؤشر المعرفة العالمى لعام 2023 - الذى يُنظمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائى - فقد أفاد التقرير حصول مصر على المركز الـ 90 للتعليم الجامعى على مستوى العالم. علماً بأن التقرير قد سجل 133 دولة حول العالم والباقى خارج التصنيف.
فى هذا الصدد أيضا يجب أن نذكر بأن هنا فى مصر هيئة أنشئت عام 2008 تسمى «الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد» وهى مفترض أنها معنية بضمان جودة التعليم الجامعى وما قبل الجامعى، إلا أنها مازالت تمارس دورا استرشاديا دون إعطائها صلاحيات أعلى من ذلك، رغم أنها هيئة مستقلة عن وزارتى التعليم والتعليم العالى وتتبع مباشرة رئاسة مجلس الوزراء.
إذن فمن الضرورة أن تكون لدى الحكومة الجديدة رؤية سياسية واضحة تحدد ما هى الأهداف وما هى الخطط المرحلية للنهوض بالعملية التعليمية، وهذا الأمر بالطبع يصطف جنبا إلى جنب مع قائمة الأولويات والتحديات التى يجب أن تتعامل معها الحكومة الجديدة بمهارة وفعالية.
> أستاذ العلوم السياسية ، جامعة السويس
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية