تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بعد قطر ومن قبل سيناء .. ما العمل؟
لايزال الغموض يسيطر على بعض ما حدث فى ضرب الدوحة، على العكس هناك وضوح، فيما يتعلق بالأهداف الإسرائيلية والرغبة المستمرة فى التوسع، اليوم قطر، الحليف المتميز للولايات المتحدة، ومع مصر الوسيط الدولى، السؤال إذن: من غدا؟ وما العمل؟.
بعد أكثر من أسبوع من هجوم الصواريخ والطائرات الإسرائيلية على الدوحة، لايزال الموضوع محاطا بالغموض على المستوى العام، بل يبدو هذا أيضا فى قطاعات فى قطر، وفى واشنطن نفسها، بداية لم يكن هذا الهجوم محتملا بالمرة، فمعظم دول الخليج تبنى على الاتفاقات الإبراهيمية، وتقيم علاقات أوثق وأوثق مع إسرائيل، اقتصاديا وسياسيا، وحتى عسكريا، فيما يتعلق بالتنسيق ضد إيران، كما أن قطر تتمتع بمكانة خاصة، فهى مقر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة، ولذلك فالمعروف، والذى يتكرر رسميا أن قطر أكبر حلفاء واشنطن خارج حلف الأطلنطى، عسكريا، وسياسيا هناك المستوى نفسه من التقارب والتنسيق، فهى مع مصر والولايات المتحدة تقوم بعملية الوساطة للهدنة فى غزة، ويعتمد عليها الجميع فى التواصل مع قادة حماس.
الغموض أيضا يحيط بمعرفة واشنطن بالهجوم، وهى الحليف الأقوى لإسرائيل، وفى هذا الصدد، نحن أمام أنباء متعارضة، نبأ يقول إن تل أبيب لم تبلغ واشنطن بالهجوم إلا عندما كانت الطائرات الإسرائيلية فى الطريق فعلا لضرب الدوحة، بينما يقول نبأ آخر إن ترامب علم بالهجوم عن طريق رئيس أركانه، ومصادره العسكرية فى المنطقة التى رصدت الصواريخ والطائرات الإسرائيلية، الحقيقة الوحيدة فى هذا الغموض هو ما قاله وزير خارجية قطر، إن ترامب أبلغ بلاده بالهجوم الإسرائيلى بعد فوات الأوان، أى بعد وقوع الهجوم.
قد تتضح هذه المعلومات الغامضة، فيما بعد، ولكن يجب أن نواجه تساؤلا مهما، فيما يتعلق بالناحية العسكرية :
أولا: كيف يتم اختراق أجواء الدوحة دون رصد، وفيها أهم قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة، كما تنتشر حاملة طائرات أمريكية بأجهزتها التكنولوجية المتقدمة؟، التساؤل لايتعلق أيضا بالناحية السياسية : يبدو أنه تم سابقا التأكيد للدوحة بطريق غير مباشر من إسرائيل، ومباشرة من الحليف الأمريكى أن قطر ليست معرضة لخطر عسكرى، حيث هى فى الواقع فى حماية الحليف الأمريكى، بل كان هناك بين الحين والآخر تقدير من واشنطن للوساطة القطرية فى الحرب الدائرة فى غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، إذن لا يمكن تجنب استنتاج منطقى : الحادث هو تخطيط وتنفيذ عملية خداع وتمويه وغش لإفشال أى هدنة، لكى تستمر الحرب، فقد كان هدف الضربة العسكرية الإسرائيلية هو اغتيال قادة حماس الذين اختارتهم المنظمة للتفاوض من أجل وقف النار، بل وهم يتشاورون بينهم للموافقة على المقترحات الأمريكية للوصول إلى وقف إطلاق النار، وتحقيق الهدنة، السؤال المحورى إذن لماذا يود نيتانياهو وزمرته مواصلة ما يسميه بعض المحللين الإسرائيليين والأمريكيين far even war أو الحرب إلى الأبد؟ نقتصر فى هذا المقال القصير على سببين رئيسيين،
1ـ هناك مصلحة شخصية لدى نيتانياهو فى استمرار الحرب لأن توقفها يعنى استنئاف محاكمته بتهمة الفساد، فى الواقع غداة الهجوم تم تأجيل هذه المحاكمة بسبب ظروف الطوارئ الناتجة عن هذا الهجوم على قطر، والتى استخدمها محاميه لطلب التأجيل.
2ـ هناك سبب أكبر وأعم لسياسة «الحرب الدائمة» هذه أولا وهو تحقيق هدف «إسرائيل الدولة الكبرى»، والتى يشترك فيها معه زملاؤه المتطرفون من المستوطين والوزراء، أمثال بن غفير وزير الأمن الداخلى، وسموتريتش وزير المالية، والذين يستخدمون قوات الأمن والمصادر المالية فى وزارات لتقوية المستوطنات وزيادة عددها، ألم يعترف نيتانياهو أخيرا صراحة بأنه ليس هناك مكان لدولة فلسطينية، فى الوقت الذى توافق فيه الأمم المتحدة بأغلبية 142 عضوا على إقامة هذه الدولة، بل يعلن سموتريتش كرد فعل «فلتطنتن الأمم المتحدة كلاما، ولكن نحن نرسى حقائق على الأرض»، تتعدى سياسة هذه الزمرة الإبادة الجماعية والتطهير العرقى فى غزة، وضم الضفة الغربية لتمارس سياسة «الدولة الأعظم» فى المنطقة، كما نرى ذلك ليس فقط فى التصريحات، ولكن فى الأعمال العسكرية ضد سوريا، لبنان، إيران، ثم قطر، وستزداد القائمة، ألم يطالب نيتانياهو مصر بفتح معبر رفح لاستيعاب الفلسطينيين، ويستمر فى الضغط والتهديد؟ ألم يقترح أن تقوم السعودية بإقامة الدولة الفلسطينية على أراضيها؟ النتيجة المنطقية التى يجب استخلاصها أن ضرب قطر جزء من سياسة توسعية، وتهديد عسكرى مستمر، ما العمل إذن؟ كلمة واحدة، ولكنها حاسمة وتجهز لأجندة عمل: الردع، أو كما يقول التعبير الشعبى: نُوَقَّف الخصم عند حده، ويكون هذا بإظهار تكاليف سياسته، هناك بعض التكاليف حاليا السياسية الداخلية فى إسرائيل مثل زيادة عدد العسكريين الذين ينتحرون مثلا، ولكن لا يبدو هذا كافيا لوقف تعنت هذه الزمرة المتعصبة الحاكمة، الردع يُحتِّم على العرب تجاوز الإدانة السياسية، وتنشيط التوجه العسكرى فى مواجهة التهديد الإسرائيلى العسكرى المتزايد، مثلا تطبيق اتفاقية الدفاع العسكرى المشترك بعقد اجتماع فورى لأركان حرب الدول العربية، وإنشاء خلية أزمة تكون فى اجتماع مستمر استعدادا لأى طارئ، وكذلك إيصال الرسالة أن ضرب أى دولة عربية مثل ما حدث فى قطر سيكون له ثمن وفورى، وتكون الخطط معدة لفرض هذا الثمن، ولنتذكر أن الردع لا يعنى الحرب، بل هو فى الحقيقة وسيلة لمنع الحرب، كما هو الحال فى العلاقة بين الدول النووية التى تعلن بعض الاستعدادات النووية لكبح جماح أى حسابات خاطئة من جانب المتطرفين والتوسعيين.
فلنر إذن أنه ليس فقط أمان العرب فى خطر، بل ومصداقيتهم أيضا فى وقت ينظر إليهم بقية العالم، ومستعد للوقوف بجانبهم للدفاع عن أبسط قواعد الشرعية الدولية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية