تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
اليونسكو والفلسفة
عندما اقترح وزير الثقافة المغربى عام 2004 على سكرتير عام اليونسكو تخصيص يوم يكون يوما عالميا للفلسفة، لم يكن يعبر سوى عن بعد نظر وحب لنشر قيم التسامح والسلام وارتقاء الإنسانية بنفسها على النحو الأمثل.
ذلك أن اليوم العالمى للفلسفة يعنى أن ترتب كل الدول الأعضاء فى اليونسكو- أى كل دول العالم- فى يوم محدد من كل عام وعلى كل المستويات: على المستوى القومى وعلى مستوى المؤسسات الثقافية والإعلام والجامعات والمدارس ندوات وورش عمل ومحاضرات وحلقات نقاشية تناقش فيها قضايا مجتمعية أو إنسانية تستخدم فيها الفكر الفلسفى أى الاستخدام النقدى للعقل رفضا للدجماطيقية وفرض الرأى الواحد وبالتالى نشر منهج التسامح وقبول الرأى والرأى الآخر.
فإذا ما تكرر هذا النهج كل عام فى كل أنحاء العالم، فلن يعنى ذلك سوى ترسيخ ثقافة التسامح نتيجة الاستماع للرأى الآخر، وبالتالى زرع قيمة مناقشة القضايا والوصول لحلول لها من خلال النقاش وليس بالعنف أو فرض الرأي.
على هذا النحو لن تجنى الإنسانية سوى حلول راعت منظورات مختلفة وبالتالى يتحقق التقدم لا بفرض أيديولوجية معينة نفسها على العالم وتجنيد إعلام يستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، الصدق والكذب، لإقناع العالم بها ولكن يتحقق التقدم نتاجاً لحوار ينتهى باختيار شكل التقدم من قبل الجميع.
يفسر لنا هذا النهج رفض الكثيرين التقدم الذى يزعم الغرب بأنه قد تحقق فى ظل الحضارة الحالية التى نحياها. المهم أن قبول اليونسكو والدول الأعضاء هذه المبادرة منذ ذلك الوقت يعد أحد إنجازاتها على الإطلاق فى إطار محاولتها نشر ثقافة السلم والتسامح بين الشعوب وهو الهدف الذى قامت فى الأساس اليونسكو من أجل تحقيقه.
إذا كانت هيئات كثيرة فى مصر قد اعتادت الاحتفال بهذا اليوم العالمى للفلسفة فى الخميس الثالث من شهر نوفمبر، فمازال هذا اليوم لا يأخذ حقه بشكل صحيح فى الاحتفال، وبالتالى لا نلمس العائد من هذه الاحتفاليات بشكل واضح.
فما زال الإعلام على سبيل المثال لا يحتفل به، ولا تعقد المدارس فى المرحلة ماقبل الجامعية وبعض الجامعات فى هذا اليوم أى نشاطات باستخدام النهج الفلسفى لتزرع فى الطلاب استخدام التفكير الناقد فى مناقشة قضايانا. هذا ينسحب أيضاً على المؤسسات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة.
لنا أن نتخيل العائد الذى سيعود على المجتمع بأسره إذا ما تبنت كل مؤسسات وهيئات الدولة مناقشة قضايا المجتمع أو قضايا إنسانية باستخدام النهج الفلسفى فى ذلك اليوم.
أى مكان سيبقى للتطرف أو النزعات الطائفية فى مجتمع تبنى الفكر العقلانى ولم يترك فرصة لأى طائفة من طوائف المجتمع أن تخرج عن هذا النهج؟
مجتمع تأسس عقله الجمعى على الحوار وقبول الآخر؟ هذه دعوة لكل مؤسسات الدولة أن تعطى أهمية لليوم العالمى للفلسفة، ذلك أن فهم أبعاد الاحتفال به يستحق أن تكرس الدولة له كل طاقاتها كل عام.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية