تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. أمانى قنديل > إحصاءات الطلاق والثقة فى أجهزتنا القومية

إحصاءات الطلاق والثقة فى أجهزتنا القومية

أزعجنى للغاية التشكيك فى إحصاءات وبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، خاصة ما تعلق باحصاءات الزواج والطلاق، وما فجرته من قضايا تمس استقرار الأسرة المصرية. شكك البعض فيها، عن غير فهم أو غيره من الأسباب، ولم يقرأ ويراجع البيانات بدقة. ونتيجة لان بعض الكتابات الصحفية والبرامج التلفزيونية، قد دقت ناقوس الخطر بقوة ومبالغة، استنادا على رقم قومى تراكمى للطلاق، وليس العام الاخير فقط، تم الإعلان رسميا عن تصحيح هذا الخطأ فى الفهم، وذلك فى احتفالية تكريم المرأة المصرية ٢٠مارس, ولكن للأسف وجدنا قيادات كثيرة تثير اللغط والجدل للتشكيك فى إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، حول قضية حيوية وجوهرية، دون ان يكلفوا أنفسهم بمراجعة البيانات المحترمة للجهاز للتأكد من الفهم الصحيح.

إن بيان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حين يعلن فى اغسطس ٢٠٢٢ رسميا، ان هناك زيادة فى عقود الزواج (عام ٢٠٢١) الى نحو ٨٨٠ الف عقد، وكان فى العام الذى سبقه 867 ألف عقد ، فإن هذه زيادة غير مشكوك فيها فى عقود الزواج. وفى المقابل يعلن الجهاز الاحصائى الرسمى عن ارتفاع عدد حالات الطلاق عام ٢٠٢١ نحو 254 ألف حالة فى مقابل نحو ٢٢٢ الف حالة طلاق العام الذى سبقه، اى نسبة زيادة فى عدد حالات الطلاق فى عام واحد أكثر من ١٤٪. ومن هنا كان الخلط الناتج عن عدم فهم أن عدد حالات الطلاق وعدد حالات الزواج تراكمية، لا تتعلق بعام واحد فقط لكنها عبر سنوات مذكورة فى التقرير الرسمى، لكن زيادة عدد حالات الطلاق فى أحدث الأرقام هى ما يقترب من ٣٠ الفا على العام الأسبق.

ان الرجوع الى تفاصيل الجداول التى تضمنها التقرير الأخير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ،مهم للغاية لأنها تتحدث عن عدد حالات الطلاق بعد اقل من عام واحد من الزواج (نحو ٢٧ الفا) ثم العدد بعد اقل من عامين، ثم ثلاثة وهكذا.. وهى احد أهم نتائج التقرير وغير مشكوك فيها، لتحدد للباحثين والمجتمع ككل ارتفاع حالات الطلاق بعد اقل من خمس سنوات زواج، اى ظاهرة طلاق الشباب، الزواج السريع دون معايير وفهم للمسئوليات ثم الطلاق السريع دون صبر ودون تفاهم او حوار.

وهكذا يتدرج التقرير الاحصائى الرسمى فى تناوله لظاهرة الطلاق بعد خمس سنوات وبعد عشر سنوات، وبعد عشرين عاما، وهو ما يؤكده حديث وزير العدل فى احتفالية تكريم المرأة المصرية، بان هذه الأرقام تراكمية، وليست نتاج عام واحد فقط، فهو يصحح فهما خاطئا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، نتج عن تسرع البعض والمبالغة فى الحديث عن كارثة تهدم استقرار المجتمع. وفى الوقت نفسه يجب ان نحلل الأرقام الرسمية والبيانات بكل دقة وجدية، سواء عن عام واحد أخير أو بمقارنتها فى أعوام سابقة ، وكذلك الحرص على مقارنة الريف والحضر، وتحليل الاختلافات بين المحافظات (خاصة بين الوجهين القبلى والبحرى والقاهرة والاسكندرية ).

لدينا نتائج مهمة للغاية تكشف عن العلاقة بين ظاهرة الطلاق والتعليم (ارتفاع نسبة الطلاق بين الحاصلين على شهادة متوسطة سواء فى العام الأخير او فى الأعوام السابقة) وتكشف ايضا البيانات عن العلاقة بين ظاهرة الطلاق والانتماء الطبقى من منظور المهنة والدخل والبيئة الاجتماعية والثقافية.

ان التشكيك فى إحصاءات قومية رسمية، وفى غياب الدقة والقراءة النقدية للإحصاءات والبيانات هو امر خطير يجعلنا ننصرف عن الواقع المجتمعي، ونتخيل ان كل شيء تمام وان الأسرة المصرية بكل خير، وهو ما يخالف الواقع.

كل الاحترام والتقدير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، لدقتهم وحرصهم على إصدار تقارير سنوية، نفهم منها ما الذى حدث للمصريين، مع رجاء للمسئولين والرأى العام والإعلاميين، لعدم التسرع فى فهم قضايا كبرى دون دقة ومعرفة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية