تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

تحت الوصاية وأريد حلًا

وسط الزخم الكبير من الدراما الرمضانية أطلت علينا فى اليوم السادس عشر من الشهر الفضيل الفنانة منى زكى بوجهها المصرى البسيط والتلقائى لتجسد شخصية حنان الزوجة التى غيب الموت زوجها تاركًا لها طفلين لتبدأ رحلة من المعاناة مع قوانين تجحف المرأة حقها مثل قانون الولاية على المال، والذى تم وضعه سنة 1975 أى منذ 48 سنة والذى ينص على أن ولاية الأبناء للأب ثم الجد.

 

وتدور أحداث المسلسل فى إطار درامى محبوك ويتمتع بعناصر فنية شديدة التمييز بداية من السيناريو لخالد وشيرين دياب مرورًا بالتصوير والموسيقى التصويرية والمونتاج والإخراج لمايسترو العمل محمد شاكر خضير الذى يعى الدور الاجتماعى للدراما وتأثيرها المجتمعى.

والحقيقة أن هذا المسلسل تحديدًا كانت تهفو النفوس إلى مشاهدته قبل أن يبدأ الشهر الفضيل وسجلت محركات البحث معدلا كبيرا للبحث عن مواعيده ومكان إذاعته، وذلك بسبب الدعاية غير المباشرة التى حققها رواد مواقع التواصل الاجتماعى الباحثون عن ترند حين ظهر البانر الدعائى لهذا المسلسل، ويحوى صورة الفنانة منى زكى وهى ترتدى الحجاب ويحمل وجهها علامات الإرهاق والتعب وتحمل عينها نظرات الحزن والهم, وقتها ردد هؤلاء النشطاء أن هذا المسلسل يسىء للمرأة المحجبة ويظهرها بشكل ردىء دون أن يرى أى منهم حلقة واحدة من هذا المسلسل. والحقيقة أن هذا الدور يعد تطورا جديدا لشخصية الفنانة منى زكى التى جسدت هذه الشخصية ببراعة واحتراف تعكس قدرات فنية غير عادية وموهبة فطرية متفردة وتتضح هذه الموهبة المتفردة فى مواجهة شخصية حنان للعديد من مستويات الصراع بداية من صراعها مع أهل زوجها الذين يرغبون فى السطو على تركة الأبناء عن أبيهم والمتمثلة فى مركب صيد ومرورًا بإتهامهم لها بسرقة هذا المركب، وكذلك صراعها مع التجار الذين أشعلوا عليها حرب المنافسة خوفًا على تجارتهم، ووصولًا لخوفها الداخلى من واجهة مجتمع الصيادين وهى أنثى دون خبرة فى هذا العمل أو التعامل مع هذا المجتمع ....ووسط كل هذا كيف تظهر الشخصية فى مظهر الأنثى الجميلة التى تملك رفاهية الملبس الشيك والإكسسوارات الفخمة ومن خلال تحليلى لبعض حلقات المسلسل تبين أن مظهر منى زكى هو إحدى أدوات مصداقية العمل، بالإضافة إلى المكياج والديكور والمفردات المستخدمة فى الحوار والمستمدة من مجتمع الصيادين.

ولم يترك المسلسل تفصيلة فى حياة حنان إلا وتطرق لها فى مشاهد منسوجة كسيمفونية جذابة تدفع الجمهور إلى الحرص على المتابعة, فمشاهد حنان الأم وعلاقتها القوية بابنها ياسين وحرصها على اللعب معه ومشاركته أفكاره وألعابه رغم الهموم الكثيرة التى تعيشها تعد دروسًا فى تربية الأبناء. وحنان الأخت التى تحرص على التواصل مع أختها لتستمد منها الدعم والأمان . وحنان الجارة التى تقدم هدايا لجيرانها من تجارتها.

تمتد قوة هذا العمل ليصل من وجهة نظرى إلى قوة فيلم أريد حلا الذى يعد أحد الأعمال الدرامية التى ساهمت فى تغيير قوانين الأحوال الشخصية، هذا الفيلم الذى عرض سنة 1975ويحتل المركز 21 ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصرى وهو عن قصة للكاتبة المتميزة حسن شاه وسيناريو وحوار سعد الدين وهبة والإخراج لسعيد مرزوق والبطولة لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والفنان العبقرى رشدى أباظة.

ويشترك العملان أريد حلًا وتحت الوصاية فى تناولهما لموضوعات قوية وجريئة تمس المرأة المصرية بشكل جاد مع محاولة إبرازهم للظروف القمعية التى تعيش بعض النساء فى ظل القوانين الوضعية وأتوقع بانتهاء عرض المسلسل سوف تتبارى البرامج والمواقع الإخبارية لمناقشة هذه القضية المهمة جدًا وفتح الحديث حول قوانين وضعت من عشرات السنوات نتمنى أن تحدث وقفة مع هذه القوانين كما أحدث فيلم أريد حلًا وقفة أدت إلى تغيير قانون الأحوال الشخصية سنة 1987 لأن هذا الفيلم له أسبقية فى تقديم قضية الخلع حيث تناول دور درية فاتن حمامة التى تطلب الطلاق من زوجها الدبلوماسى رشدى أباظة، ولكنه يرفض فترفع دعوى طلاق وتواجه العديد من المشكلات والعقبات التى تحول دون الحصول على حقها.

يرى بعض المشاهدين أن المسلسل ينتصر للمرأة وهناك دعوات على مواقع التواصل الاجتماعى بضرورة إعادة النظر فى نص هذه القوانين، فهل من المعقول أن تكافح الأم وتتحمل كل الأعباء وتواجه صراعات لا طاقة لها بها من أجل مصلحة أبنائها ويمنعها القانون من التقديم لابنها فى المدرسة، ولا تملك سلطة إدارة أمواله التى ورثها عن والده وهو طفل لا يعى شيئا. فالدراما الهادفة هى التى تحدث تأثيرًا مجتمعيًا وصحوة لإعادة تصحيح نصوص هذه القوانين المصيرية جدًا.

تحت الوصاية دراما اجتماعية هادفة مصنوعة بحرفية وتميز شديدين، وتعالج واحدة من القضايا التى تؤرق الأسرة المصرية بعد فقد عائلها، خاصة فى وجود أطفال قصر وتتساوى فى عناصرها الفنية المتميزة مع فيلم أريد حلًا، الفيلم الرائد الذى استطاع بجدارة تغيير قوانين الأحوال الشخصية.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية