تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الأهرام فى 150 عامًا
صرح التنوير وحارس الكلمة.. إنها صاحبة الجلالة، تتربع على عرش الصحافة، وتمضى شامخة فى مسيرتها الطويلة كـملكة للتنوير، حاضنة للرواد والمفكرين، وشاهدة على تحول المجتمعات وتبدل العصور. «الأهرام» ليست مجرد صحيفة، بل صرح إعلامى وثقافى وحضارى عظيم، رسّخ وجوده فى وجدان الأمة وذاكرتها الجمعية، وكانت وما زالت دائمًا فى قلب الحدث.
فى هذا العام، تحتفل الأهرام بمرور 150 عامًا على تأسيسها، لتكون شاهدة حية على تاريخ مصر والمنطقة العربية وتحولاتهما الكبري.
صدرت جريدة الأهرام فى 5 أغسطس 1876، على يد الشقيقين اللبنانيين سليم وبشارة تقلا، حيث صدر عددها الأول من مدينة الإسكندرية. ولم تمضِ سنوات قليلة حتى انتقلت إلى القاهرة، لتصبح منبرًا وطنيًا يصدح بصوت الحق، وركنًا ثابتًا فى حياة المصريين.
منذ لحظاتها الأولي، لم تكن الأهرام مجرد صحيفة يومية تنقل الأخبار، بل وُلدت كمؤسسة فكرية وثقافية كبري، لعبت دورًا جوهريًا فى تشكيل الوعى المصرى والعربى على مدى قرن ونصف القرن. وفى وقتٍ كانت فيه مصر تمر بتحولات سياسية واقتصادية وثقافية جسيمة، لبّت الأهرام الحاجة إلى وسيلة إعلامية تجمع بين المهنية، والموضوعية، والتحليل العميق.
لم تكن «الأهرام» منبرًا إخباريًا فحسب، بل كانت البيت الأول لعمالقة الأدب والفكر والسياسة، فقد احتضنت عبر تاريخها نخبة من الكتّاب والمثقفين الذين سطّروا أنصع الصفحات فى تاريخ الصحافة العربية.
كتب فيها طه حسين، عميد الأدب العربي، ونجيب محفوظ، الأديب العالمى الحائز نوبل، ومحمد حسنين هيكل، أحد أعمدة الصحافة السياسية، وأنيس منصور، وموسى صبري، وغيرهم الكثير. كانوا جميعًا أعمدة شكلت وجدان الأمة، وأسهمت فى بناء وعيها، ويعجز القلم عن حصر تلك الكوكبة التى أنارت العقول بالكلمة الصادقة.
اشتهرت الأهرام بتحقيقاتها المتعمقة، وتحليلاتها السياسية والاقتصادية الدقيقة، ملاحقها الثقافية والأدبية التى أثرت الحياة الفكرية فى مصر والمنطقة العربية والعالم.
تملك الأهرام واحدًا من أكبر وأغنى الأرشيفات الصحفية فى العالم العربي، يوثق الأحداث الكبرى منذ عام 1876 حتى اليوم. بين طياته تجد أخبار الحربين العالميتين، وثورة 1919، وتأميم قناة السويس، وحروب مصر، واتفاقيات السلام، وثورتى يناير ويونيو، والانتخابات، ومولد الزعماء والأزمات. كل شيء موثق ومحفوظ بدقة، يؤرخ لحياة أمة بأكملها.
ورغم التحديات التى تواجه الصحافة الورقية حول العالم، فإن الأهرام لم تقف مكتوفة الأيدي، بل واكبت العصر وانطلقت فى مسيرة التحول الرقمى بإطلاق منصات إلكترونية متعددة، وتقديم محتوى عصرى يناسب تطلعات الأجيال الجديدة، دون أن تتخلى عن ثوابتها المهنية، أو تفقد هويتها العريقة.
مرور 150 عامًا على تأسيس الأهرام لا يمثل مجرد رقم زمني، بل هو سجل ناصع من الريادة الإعلامية والمهنية، وهو احتفال بتاريخ لا ينضب من العطاء، وبقدرة الكلمة على إحداث التغيير. لقد آمنت الأهرام، منذ نشأتها، بأن سلاح القلم أبلغ من كل أسلحة الدمار، وأن الكلمة باقية، تتوارثها الأجيال، وتُخلّد مهما تغير الزمن.
إلى الأهرام صاحبة الجلالة، أقول: تحية من القلب لكل من أسهم فى هذا الكيان العظيم، من المؤسسين الأوائل إلى رؤساء التحرير، إلى الكُتّاب والمحررين، إلى عمّال الطباعة، والمراسلين، والإداريين، وكل من حمل شعلة التنوير وأسهم فى بقاء هذه المؤسسة حيّة نابضة.
الأهرام لا ولن تشيخ، بل تزداد توهجًا مع كل صباح. إنها ليست مجرد صحيفة… إنها ذاكرة وطن، ورسالة حضارة، وصوت شعب.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية