تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
العلاقات المصرية السعودية: تاريخ ومستقبل
توجد أهمية قصوى للروابط القوية والعلاقات المتينة بين مصر والمملكة العربية السعودية سواء من الناحية التاريخية، أو السياسية، أو الاقتصادية، وتزداد أهمية هذه الروابط فى ظل التطورات والأزمات الحالية التى يشهدها العالم، ويمكن فى هذا الإطار الإشارة إلى المتغيرات التالية:
أولا: الروابط التاريخية :ترتبط مصر والمملكة العربية السعودية بروابط وعلاقات وثيقة وذات جذور قوية، وكانت مصر والسعودية تقفان معا على الدوام لمواجهة التحديات المشتركة، وتم توقيع معاهدة صداقة بين مصر والسعودية فى عام 1926 وتوافقت آراء الدولتين فى مختلف المحافل والمنظمات الاقليمية والدولية، كما حدث تنسيق فى المواقف بين مصر والسعودية فى مختلف الأزمات التى تعرضت لها المنطقة ، كما حدث على سبيل المثال خلال العدوان الثلاثى فى عام 1956، وفى حرب 1967، وأيضا فى حرب 1973 حيث تم استخدام سلاح البترول كأداة مؤثرة للدفاع عن الحقوق العربية، وقد تزايدت قوة ومتانة العلاقات المصرية السعودية سواء على المستوى الرسمى، أو على المستوى الشعبى بصفة خاصة فى السنوات الأخيرة بدعم وتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، ووصلت العلاقات بين الدولتين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية والتى عبرت عن نفسها فى إقامة مجلس التنسيق المصرى السعودى وإبرام العديد من الاتفاقات والبروتوكولات بين الجانبين.
ثانيا: الروابط السياسية: ترجع أهمية العلاقات المصرية –السعودية إلى ما تمثلانه من أهمية وثقل سواء على المستوى العربى أو الإقليمى أو الدولى، حيث يمكن النظر إلى مصر والمملكة العربية السعودية باعتبارهما من القوى المهمة والمؤثرة فى المنطقة العربية ولذلك يقال إنه اذا توافقت مصر والسعودية فقد توافق العرب، وهو ما يعبر عن قوة وتأثير الدولتين فى المنطقة، وانعكاس ذلك على الأمن القومى العربى، كذلك فإن للدولتين تأثيرهما فى إطار العالم الإسلامى، وعلى المستوى الدولى فى القضايا المهمة التى ينشغل بها العالم والتحديات التى تواجهه مثل الإرهاب والفكر المتطرف ، كما تتشابه وتتوافق وجهتا النظر المصرية والسعودية إزاء العديد من القضايا والملفات المعاصرة سواء فى العالم أو فى الإقليم، كما يمكن الإشارة إلى نقطة تشابه أخرى بين مصر والسعودية فى تأثير وثقل كل منهما فى منطقته، فالسعودية لها وزن وثقل كبيران فى منطقة الخليج، كما يعد التوجه نحو الخليج من المحاور المهمة فى السياسة الخارجية المصرية مما يعطى المزيد من الأهمية للعلاقات المتميزة بين الدولتين، وتتشابه وتتوافق مواقف الدولتين بالنسبة لقضايا المنطقة والعالم، والتى تتلخص فى العمل على حل المشكلات المختلفة سواء على المستوى الإقليمى أو على المستوى الدولى من خلال الطرق والوسائل السلمية والسياسية باعتبار ذلك الخيار الأفضل والذى يحقق مصلحة جميع الأطراف
ثالثا: الروابط الاقتصادية: يعُد التعاون فى المجال الاقتصادى من المحاور المهمة فى العلاقات المصرية –السعودية، حيث توجد بالمملكة العربية السعودية جالية مصرية كبيرة تقدر بقرابة 3 ملايين مصرى وتعد بذلك أكبر جالية لمصر بالخارج، وتعمل بمختلف المهن والوظائف سواء كانت مهنا متخصصة وذات مهارات مرتفعة كالأطباء، والمهندسين، وأساتذة الجامعات، أو عمالة مدربة فى مختلف المجالات، ومن شأن هذه العمالة بطبيعة الحال تقوية العلاقات بين مصر والسعودية على المستوى الشعبى، وبالإضافة إلى ذلك أنه توجد إمكانية التعاون فى مجال المشروعات المشتركة، والفرص الواعدة للاستثمار فى مصر فى مجالات مختلفة وقطاعات متعددة وخصوصا فى المشروعات القومية العملاقة وفى المنطقة الصناعية فى قناة السويس، خصوصا أن مصر قامت بإزالة الصعوبات والتعقيدات البيروقراطية التى تواجه المستثمرين وإصدار التشريعات المحققة لذلك.
رابعا: أثر التطورات المعاصرة على العلاقات المصرية-السعودية: يمكن الإشارة أيضا إلى بعد آخر مهم يجعل للعلاقات المصرية –السعودية أهمية خاصة وهو بعد التوقيت أو الزمن حيث شهد العالم فى السنوات القليلة الماضية العديد من التحديات التى تطرح آثارها السياسية والاقتصادية والأمنية على الجميع، وتحتاج إلى تضافر الجهود لمواجهتها، وتنسيق الجهود والتعاون المشترك لقهر هذه التحديات، حيث عرف العالم أزمة صحية عالمية متمثلة فى وباء كورونا، كما عرف أيضا الحرب الأوكرانية والتى مازالت تدور رحاها منذ قرابة عام ودون وجود سقف زمنى لانتهاء هذه الحرب، اضافة إلى التوترات الشديدة بين القوى الكبرى فى العالم وما يشهده النظام الدولى من تغيرات فى الأصول والمرتكزات التى يستند إليها، اضافة إلى تصاعد التيارات والاتجاهات اليمينية فى عديد من دول العالم، فضلا عن التوترات المختلفة التى تشهدها المنطقة والتى تنعكس على الأمن القومى العربى وما تمثله من تهديدات وتدخلات فى الشأن الداخلى للدول العربية، كما تصاعدت أيضا حدة الأزمات الاقتصادية والمتمثلة فى تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى، وأزمات فى الحبوب الغذائية, وارتفاع نفقات الشحن، ومشاكل السلاسل الغذائية وانعكاس ذلك على المنطقة العربية، وهو ما يتطلب تضافر جهود الدول العربية لمواجهة هذه الأزمات وتخفيف حدتها، ومن المؤكد أن محور القاهرة - الرياض والتنسيق المشترك بين الدولتين سيساعد على مواجهة هذه التحديات التى تتعرض لها المنطقة العربية والتى تهدد الأمن القومى العربى، فالتنسيق المتبادل بين الدولتين يحقق المصلحة المصرية – السعودية، كما يحقق المصلحة العربية وهذه عبرة التاريخ، بمعنى أن توافق مصر والسعودية يعنى توافق العرب وحماية الأمن القومى العربى من أخطار إقليمية ودولية.
- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية