شهدت مصر فى الفترة السابقة وفى الآونة الراهنة جهودا مكثفة وحثيثة لبناء الجمهورية الجديدة ولبناء الإنسان وبحيث تحتل الدولة المصرية مكانتها المتميزة بين دول العالم ، ويمكن القول إن الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة قد انطوت على عديد من المؤشرات الإيجابية والمعبرة عن ذلك ولعل من أهم هذه المؤشرات والسمات ما يلى:

-تزايد درجة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية وبصورة غير مألوفة فى النظام المصرى حيث تجاوزت المشاركة نسبة 60% من المواطنين الذين لهم حق الانتخاب ويمكن تفسير ذلك بالتسهيلات التى أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات لتمكين المواطنين من الإدلاء بأصواتهم بيسر وسهولة مثل التسهيلات لذوى القدرات الخاصة ولكبار السن، ووجود أعداد كبيرة من اللجان الموزعة جغرافيا فى مختلف أنحاء المحافظات المصرية، كذلك يمكن تفسير الارتفاع فى درجة المشاركة بالإشراف القضائى الكامل على العملية الانتخابية منذ بدايتها وحتى اعلان النتيجة النهائية ، ولعملية المشاركة بصفة عامة أهميتها فى بناء الجمهورية الجديدة حيث يتطلب ذلك تضافر جهود الجميع أى الشعب ، والقيادة، والحكومة، والمؤسسات لتحقيق نفس الهدف ، وبمعنى آخر فإن عملية بناء الجمهورية الجديدة وتحقيق الأهداف المرجوة والطموحات فى مختلف الجوانب الاقتصادية والتنموية ، والثقافية تتطلب مشاركة الجميع فى تحقيق ذلك ، وهو ما يعبر عن أهمية المشاركة ودورها ، فالمشاركة لا تقتصر أهميتها على الجوانب السياسية بل تمتد أيضا إلى الجوانب الاقتصادية والتنموية ، ويمكن تفسير ذلك بأن الإنسان هو أداة التنمية وهو الهدف من التنمية، فالتنمية تحدث بجهود البشر أو المواطنين ومشاركتهم فى تحقيق ذلك، كما أن ثمار التنمية تتساقط على الجميع، باعتبار أن البشر هم الهدف من العملية التنموية ويعكس ذلك أهمية كبرى لعملية المشاركة سواء فى بناء الجمهورية الجديدة أو فى عملية التنمية.

-ارتفاع درجة الوعى لدى المواطنين: حيث تعتبر قضية الوعى من أهم القضايا المرتبطة بالتحديات التى تواجهها مصر، حيث يموج الإقليم بعديد من التحديات ومن مختلف المناطق الإستراتيجية والتى تعكس آثارها على مصر، اضافة إلى التحديات الناتجة عن التطورات الدولية والتى تعكس تداعياتها المختلفة والمتعددة، ولعل من أخطر هذه التحديات ما يتعلق بحروب الجيل الرابع وهو ذلك النمط المستورد من الحروب الذى لا يعتمد على المواجهة العسكرية المباشرة من خلال الجيوش النظامية بل يعتمد على الحرب النفسية، والتشكيك فى الذات، وفى القدرة على تحقيق الإنجازات بل وحملات اعلامية شرسة لتشويه كل ما يحدث من إنجازات ، والهدف من ذلك أن تأتى الهزيمة من الداخل ، وتحقيق التآكل الذاتى، ويلاحظ أنه على الرغم من أن هذا النمط من الحروب لا يعتمد على القدرات العسكرية إلا أن نتائجه يمكن اذا لم تتحقق المواجهة الناجحة له أن يترتب عليه تداعيات خطيرة ، وتظهر فى هذا الإطار أهمية ارتفاع الوعى لدى المواطنين باعتباره خط الدفاع الأول أو الحصن الذى يحمى الدولة والمجتمع من هذا النمط المستحدث من الحروب .

-التعددية والتنمية السياسية: ففى ظل الجمهورية الجديدة تم تعزيز التعددية خصوصا التعددية الحزبية، فالأحزاب السياسية من المؤسسات المهمة المرتبطة بالتحول الديمقراطى مع ملاحظة أن أهمية الأحزاب لا تتعلق فقط بعامل الكم أى ارتفاع أعداد الأحزاب بل ترتبط أهمية الأحزاب أكثر بعامل الكيف أى تأثير الأحزاب ودورها فى حل مشاكل المواطنين، ووجودها فى الشارع ، وكذلك من المتوقع فى ظل الجمهورية الجديدة تنشيط وتدعيم التجربة الحزبية وقد يكون من المفيد فى ذلك اتجاه الأحزاب ذات الأيديولوجية الواحدة إلى التكتل معا وبحيث نكون إزاء عدد من الاتجاهات السياسية، أو الأيديولوجيات التى تنتمى إليها الأحزاب وتكون معروفة للمواطن وتسهل من عملية الاختيار والانتخاب وتدعم عملية المشاركة .

وتأسيسا على ذلك يمكن القول إن الجمهورية الجديدة تهدف إلى تحقيق آمال وطموحات الشعب المصرى فى مختلف المجالات الاقتصادية، والتنموية، والاجتماعية، والسياسية، وتحقيق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 والتى تتطلب بالضرورة وجود درجة مرتفعة من المشاركة والوعى وتضافر جهود الجميع لتحقيق الأهداف المرجوة والمحاولات الجادة لتحسين جودة الحياة ولرفع المعاناة عن المواطنين، وتتحقق هذه الأهداف من خلال التركيز على الجوانب المادية، والتنموية، والمؤسسية فى بناء الجمهورية الجديدة بالإضافة إلى التركيز على بناء الإنسان الجديد الذى يقوم بأداء الدور الإيجابى فى عملية التنموية لتحقيق أهدافها المرجوة، ويتمتع أيضا بثمار التنمية باعتباره الهدف الأصيل للعملية التنموية وبحيث يرتبط بناء وتأسيس الجمهورية الجديدة ببناء الإنسان الجديد تعبيرا عن الارتباط والتكامل بين الجوانب المادية والبشرية فى ظل الجمهورية الجديدة.