تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

قيــادة تليــق بمصــر

موقف الرئيس فرصة ورسالة فى الوقت ذاته أيضًا لجميع أطراف العملية السياسية بأن تسعى إلى تطوير أدواتها، وأن تغير من أساليب عملها لتواكب فكر ورؤية «الجمهورية الجديدة».
من يرجع إلى الخطاب السياسى للرئيس، حتى قبل أن يتولى زمام الحكم فى 2014، سيدرك أن فكرة الحفاظ على الحق واحترام إرادة الشعب تمثل يقينًا وعقيدة شخصية قبل أن تتحول إلى رؤية
أو فكر سياسى.

منذ اللحظة الأولى كان واضحًا أن الانحياز الوحيد لدى القيادة هو الانحياز للناس، وللقرار الصحيح أيًا كانت تبعاته، فلا مجال للالتفاف على الحق، أو التباطؤ فى الانتصار له.
الأوطان أشبه بسفينة هائلة تشق طريقها وسط أمواج متلاطمة، تتناوب عليها أنوار النهار وظلمات الليل، يبدو كل من على متن السفينة منشغلًا بنفسه، لديه هدفه الذى يسعى إليه ويعمل من أجل تحقيقه، لكن عندما تهب العواصف وتحتدم الأمور، يضطرب كل شىء ويرتبك، يتحول العدد إلى عبء، والثقل إلى ضغط، والموج الهادئ إلى أنواء قاتلة.
هنا تبرز أهمية القيادة، عندما يتولى القيادة ربّان يمتلك رؤية ثاقبة وقدرة على الإلهام، يوجه البوصلة نحو الاتجاه الصحيح، يجمع الطاقم حول هدف مشترك، ويحول الفوضى إلى حركة منظمة، هذا الربان لا هدف له سوى الوصول بالجميع إلى بر السلامة.
فى هذه اللحظة، تتحول دفة الأمور من الاتجاه نحو الخطر إلى بحث جاد عن شاطئ الأمان، وتحول واثق نحو الاتجاه الصحيح، إنها القيمة الحقيقية للقيادة، فهى ليست مجرد إدارة، بل هى البوصلة التى توجه المسار، والصوت الذى يبعث الأمل، والقوة التى تحول الإمكانات الكامنة إلى إنجازات ملموسة.
واليوم تستشعر مصر قيمة القيادة التى تتمتع بالرؤية، والتى لم تتخل لحظة واحدة عن إيمان عميق بالله، ومراقبة شديدة له، وإخلاص وتجرد تام فى الرؤية والعمل لوجه الله والوطن.
مع كل قرار يتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومع كل موقف ينحاز إليه، يدرك المصريون أن لديهم قيادة تليق بالوطن وبحضارته وقيمته ودوره. قيادة تسير بالوطن فى الاتجاه الصحيح، لأنها تتمتع بالتجرد والقدرة على تبصر الأمور بغير هوى يُعمى أو غرض ُيطغى، بوصلتها الوحيدة المصلحة العامة، وغايتها الأولى الحفاظ على مقدرات الوطن، ووسيلتها إلى ذلك ثقة تتعزز كل يوم وتزداد.
■ ■ ■ 
لم أستغرب الموقف الذى اتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسى وأعلنه أمس الأول فى تدوينة ستبقى علامة فارقة فى تاريخ الحياة السياسية المصرية، انتصر فيها لإرادة الشعب، وأعلن انحيازه الواضح والكامل للتعبير عن هذه الإرادة فى إطار من احترام القانون، وطالب بمراجعة الإجراءات المتعلقة بالتجاوزات التى شابت الانتخابات البرلمانية على المقاعد الفردية فى العديد من الدوائر بالجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب.
لم يتردد الرئيس فى إعلان موقفه بوضوح وقوة، انحاز لإرادة الشعب، ولاحترام أصوات الناخبين الذين نزلوا ليختاروا من يمثلهم، ودعا الهيئة الوطنية للانتخابات إلى اتخاذ القرار الصحيح حتى لو كان هذا القرار إلغاء الانتخابات كليًا أو جزئيًا، حسب ما تقتضيه عمليات فحص الطعون والتحقيق فى التجاوزات التى شهدتها بعض الدوائر.
وقد جاءت قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات أمس بإلغاء الانتخابات فى 19 دائرة من إجمالى 70 دائرة انتخابية، أى بنسبة تقترب من ثلث عدد الدوائر التى جرى فيها التنافس على المقاعد الفردية، ليؤكد صدق ما ذهب إليه الرئيس، تم إلغاء الانتخابات فى إحدى المحافظات بشكل كامل، بينما ألغيت الانتخابات فى معظم دوائر محافظة أخرى.
■ ■ ■ 
هذا الموقف الدى عبر عنه الرئيس  ينسجم مع الفكر السياسى للقيادة الوطنية التى يمثلها الرئيس السيسى، فهو منذ البداية حريص على أن يأخذ كل ذى حق حقه، وألا يتجاوز أحد حدود القانون أو يحصل على ما ليس له.
ومن يرجع إلى الخطاب السياسى للرئيس، حتى قبل أن يتولى زمام الحكم فى 2014، سيدرك أن فكرة الحفاظ على الحق واحترام إرادة الشعب تمثل يقينًا وعقيدة شخصية قبل أن تتحول إلى رؤية أو فكر سياسى.
ومنذ اللحظة الأولى كان واضحًا أن الانحياز الوحيد لدى القيادة هو الانحياز للناس، وللقرار الصحيح أيًا كانت تبعاته، فلا مجال للالتفاف على الحق، أو التباطؤ فى الانتصار له خوفًا من تأثير على الشعبية، أو خشية اعتراض فئة لديها مصلحة فى استمرار الوضع على ما هو عليه.
عندما يتصدى الرئيس السيسى للاختيار بين أمرين، لا يختار أسهلهما للسلطة التنفيذية أو أكثرهما جذبًا للشعبية، بل ينحاز لأصلحهما للوطن وللناس وللمستقبل، حتى لو كانت تبعات هذا الاختيار صعبة فى مراحلها الأولى، لكنها على الأقل تحمل العلاج الناجع، الذى عجزت عن تحقيقه الأيادى المرتعشة والحسابات الضيقة والنظرة المحدودة التى لا تتجاوز المصالح الشخصية.
■ ■ ■ 
هذا الموقف من جانب الرئيس فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية يأتى بعد أسابيع قليلة من موقف لا يقل انحيازًا للحق وللقانون، عندما قرر إعادة مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان، ليكون التشريع أكثر ضمانة للحريات، وأشد تمسكًا وحماية للحقوق الشخصية للمتهم وحرمة مسكنه.
وبالفعل جاءت الصيغة الأحدث للتشريع الذى يمثل عاملًا مهمًا فى إرساء منظومة العدالة وتنظيم حقوق التقاضى والتعامل بين جهات الضبط والتحقيق وبين المواطنين، أكثر انضباطًا واحترامًا للحقوق والحريات، ولا يزال الطموح أكبر فى هذا الصدد، لتلبية تطلعات المواطن المصرى فى الجمهورية الجديدة التى تُعلى من الحقوق وتحمى مكتسبات الإنسان المصرى.
 وتتوازن هذه المواقف الحاسمة توجيهات رئاسية بشأن تطوير الإعلام المصرى على اختلاف وتنوع روافده وأدواته، بما يعزز دور هذا الإعلام ويساهم فى انفتاح المجال العام أمام الأصوات الوطنية كافة، وبما يدعم القوة الناعمة لمصر، التى يمثل الإعلام قاطرة مهمة فى صناعتها، وبما يضاعف من قدرته على بناء وعى حقيقى لدى المواطن المصرى، ورسم صورة أكثر دقة تعكس الواقع.
■ ■ ■ 
ويمكننا أن نضيف الكثير من المواقف الرئاسية سواء المعلنة أو غير المعلنة، والتى تمثل جميعًا دليلًا ناصعًا على أن الانحياز للحق وحماية الحقوق وصيانة الدستور والقانون، يمثل التزامًا صارمًا من جانب القيادة التى تعى معنى المسئولية، وتُلزم نفسها قبل أن تُلزم غيرها باحترام الحق وإعلاء القانون.  
قبل عدة أسابيع تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن أن «القيادة مسئولية»، كان سياق الحديث عن الدور المصرى بالغ الحكمة والاحترافية فى التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب فى قطاع غزة، بعد عامين قاسيين، لكن ما لم يدركه كثيرون أن هذه الرؤية للقيادة وللمسئولية أعمق بكثير من مجرد موقف أعلن عنه أو قرار أتُخذ، أو جهد جرى بذله.
هذا الإحساس بالمسئولية يجعل من القيادة حريصة على التواصل مع نبض الناس والتجاوب مع أصواتهم الحقيقية، والتعامل بتجرد تام وكامل مع الإرادة الشعبية التى لا تبتغى سوى المصلحة العامة، وهو ما يجعل مواقف القيادة، التى لا تخشى فى الحق لومة لائم، أكثر تقدمًا فى التعبير عما يجيش فى صدور المواطنين، وربما يتردد مسئولون فى التعامل معها، لكن تحرك القيادة يوفر الدعم الكامل للحق والقانون، ويمنح من يسير على طريق خدمة المصلحة العامة القوة الكافية لمواصلة الخُطى فى هذا الاتجاه الصحيح.
■ ■ ■ 
 هذه الفلسفة النزيهة  فى الحكم والمسئولية فى القيادة لم تأت من فراغ، بل هى ثمرة لثورة 30 يونيو. الثورة التى صنعتها إرادة الشعب، وانحازت لها القوات المسلحة، وهيأ الله لمصر فيها من أمرها رشدًا، ومنحها قيادة استطاعت أن تحول تلك الثورة إلى تجربة تقود إلى جمهورية جديدة تُعلى من إرادة الشعب، ولا تضع فوق الحق والقانون سلطة.
دولة 30 يونيو قامت بإرادة الناس وانحيازهم لوطنهم، وخوفهم على مستقبله، واجتازت اختبارات صعبة ومنعطفات خطرة بفضل الله وتوفيقه، وبصبر شعب وثقته فى قيادته، وبحكمة قيادة آمنت بربها وأيقنت بقوة شعبها وسلامة رؤيتها، وبالتالى لم يكن مستغربًا أن تأتى مواقف تلك القيادة منحازة للأساس الذى قامت عليه ومن أجله تلك الدولة، وهو الإنسان المصرى، فهو الغاية، وهو أيضًا الوسيلة التى بها يُبنى مستقبل البلاد.
■ ■ ■ 
قبل أيام وخلال افتتاح عدد من المشروعات الكبرى فى ميناء شرق بورسعيد، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن أن مصر تستعد لجنى ثمار سنوات من العمل والجهد، وكرر ـ كما يحرص دائمًا - الشكر للشعب المصرى الذى تحمل وصبر من أجل بناء وطنه وصياغة مستقبله.
هذه الثمار التى نجنيها اليوم لا تقتصر فقط على إنجازات اقتصادية تُحسن من مستوى المعيشة، وتخفف من الضغوط الملقاة على كاهل المواطنين، وتوسع من الفرص المتاحة لهم ولأبنائهم فى حياة أفضل على كل المستويات، وتعزز من قدرة الدولة على التعامل مع التحديات التى لا يمكن لأى منصف أن يقول إنها ستختفى أو تتلاشى أو أن الحياة ستصبح فجأة وردية.
الثمار التى نجنيها ونستشعرها فى كل إنجاز تحققه الدولة المصرية على المستويين الداخلى والخارجى، تتضمن أيضًا تعزيز رصيد الثقة بين المواطن والدولة، وتحسين إحساس هذا المواطن بأن صوته يصل إلى مسامع أعلى مستويات القيادة، وأن إرادته لن تبددها ممارسات موروثة من ماضٍ لا يريد أحد أن يُعاد إنتاجه، بل نسعى جميعًا إلى الاستفادة من دروسه القاسية فى تجاوز أخطاء لو تم التعامل معها فى حينها بشجاعة وجرأة ومسئولية من جانب القيادة آنذاك لتغير مسار الوطن ومصيره.
■ ■ ■ 
 موقف الرئيس السيسى الذى عبر عنه بشأن الانتخابات يمثل تعزيزاً للجهود المبذولة فى ملف الإصلاح السياسى، وهو ملف ذو شجون وشئون، ولعل الموقف الذى عبر عنه الرئيس يمثل كذلك رسالة للجميع بأنه لا انحياز لدى الدولة لا لحزب ولا لتيار ولا لتوجه، وأن الرئيس الذى اختار ألا يكون لديه حزب يترأسه أو تيار سياسى ينتمى إليه، لا يزال متمسكًا بتلك الرؤية المتوازنة التى تقف على مسافة واحدة من الجميع.
موقف الرئيس فرصة ورسالة فى الوقت ذاته أيضًا لجميع أطراف العملية السياسية بأن تسعى إلى تطوير أدواتها، وأن تغير من أساليب عملها لتواكب فكر ورؤية «الجمهورية الجديدة».
ان الانتخابات النزيهة تعزز فرص بناء تجربة ديمقراطية سليمة وتوفر الفرصة لحياة سياسية صحية تستقطب  الكفاءات والأصوات الوطنية الجادة، التى تضخ دماءً جديدة فى شرايين النخبة السياسية المصرية، وتستفيد من الفرص التى أتاحتها الدولة عبر تمكين الشباب سياسيًا واقتصاديًا، ولدينا بالفعل نماذج مشرفة وواعدة فى مختلف القطاعات.
موقف الرئيس أيضًا يجب أن يكون بداية لتشديد الضوابط المتعلقة بالتصدى للتجاوزات الانتخابية، أيًا كان نوعها أو مرتكبها، وأبرزها المخالفات الواضحة فى تجاوز سقف الدعاية الانتخابية، والتى لا تضمن تكافؤ الفرص، ويجب أن تكون لدى الهيئة الوطنية للانتخابات الأدوات الكافية لرصد وتحليل مدى التزام المرشحين بسقف الدعاية المباشرة وغير المباشرة (وهى الأخطر)، وألا تكتفى فقط بالتحرك بعد ورود شكاوى وطعون، بل يتوجب عليها أن تأخذ بزمام المبادرة، وأن يكون لديها الكوادر الفنية المدربة والمؤهلة بعناية القادرة على فحص أنشطة الدعاية واستقصاء مصادر التمويل، بما يجعلها صاحبة اليد العليا والمبادرة بالفحص والرقابة لضمان منافسة انتخابية عادلة.
■ ■ ■ 
 إننا بالفعل أمام ثمرة يانعة وفرصة سانحة لاتخاذ المزيد من الخطوات على درب الإصلاح السياسى ليتوازى مع الإصلاح الاقتصادى الذى قطعنا فيه شوطًا كبيرًا وحققنا فيه إنجازات مهمة، فالإصلاح السياسى هو الكفيل بأن يحافظ على استدامة الإنجاز الاقتصادى وتثبيت حالة الاستقرار الداخلى التى تتمتع بها مصر بحمد الله وتوفيقه.
الإصلاح السياسى  يعزز استدامة الاستقرار وتعزيز قدرة الدولة للانطلاق نحو المستقبل عبر تشريعات حديثة تواكب العصر، ودور رقابى فاعل يضمن تطبيق أعلى معايير النزاهة والشفافية فى مؤسسات الدولة، وطرح دقيق وبنّاء لشواغل الرأى العام وقضاياه ذات الأولوية فى أروقة البرلمان بغرفتيه (النواب والشيوخ)، فضلًا عن تحول الأحزاب السياسية إلى حاضنة حقيقية لتفريخ الكوادر الوطنية والسياسية القادرة على تحقيق التنوع المنشود والحوار الفعال بين التيارات الفكرية التى تعكس ثراء المجتمع المصرى.
موقف القيادة السياسية بشأن ما جرى فى الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب نخطئ لو اعتبرناه فقط تعليقًا على ما شهدته بعض الدوائر من تجاوزات فى العملية الانتخابية، بل هو رسالة شاملة للجميع، وإعلاء واضح لإرادة الشعب، وتصحيح لمسار شابه بعض الخلل، وجاءت رسالة الرئيس لتعيد الأمور إلى نصابها، وعلى الجميع أن يستثمر تلك الفرصة قبل فوات الأوان.
■ ■ ■ 
حقًا وصدقًا القيادة مسئولية، وقد أثبت الرئيس السيسى عبر السنوات الماضية أنه دائمًا على قدر الثقة التى أولاها له الشعب، لم يغامر بتلك الثقة، بل راهن عليها فربح الرهان، وراهن الشعب على قيادته فلم تخذله يومًا.
من حقنا أن نفخر بما حققه الوطن من إنجاز فى إطار المشروع الوطنى الشامل للعمران والإصلاح الهادئ والمتدرج فى كل القطاعات، ومن حقنا أن نتطلع لمستقبل واعد، وأن نثق فى قدرتنا على مواجهة التحديات والصعاب، فلدينا - بحمد الله - ربّان ماهر لسفينة الوطن.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية