يُقبل علينا شهر رمضان المبارك كل عام، حاملًا معه نفحات روحانية وخيرات عظيمة تملأ النفوس بالسكينة والإيمان. فشهر رمضان ليس مجرد شهر للصيام عن الطعام والشراب والشهوات، بل هو حالة روحانية سامية، تتنزل فيها البركات الربانية، وتغمر القلوب بفيض من الصفاء والتقوي، ما يجعل المسلمين يترقبونه من عام إلى عام بشوق وحنين.

ومع حلول الشهر الكريم، تكتسب التهانى والتبريكات رونقًا خاصًا، فتتردد على الألسنة كلمات مثل: «أهلًا رمضان»، «بعودتك يا رمضان»، «رمضان كريم»، لتغمر الأجواء فرحة عارمة، تسود بين الصغار والكبار، فتشعر القلوب بالتجديد والطمأنينة، وتعلو الوجوه الابتسامات.

وفى رمضان، تُزين الشوارع بألوان الزينة والفوانيس الرمضانية، التى تحمل فى طياتها طابعًا خاصًا يؤكد البهجة التى تغمر القلوب.

تعد هذه اللحظات السعيدة فرصة عظيمة لتعزيز الصلة بالله -سبحانه وتعالي-، وإحياء الروابط الأسرية والاجتماعية. ففى وقت يشهد العالم تحديات وضغوطات عديدة، يبقى رمضان بمثابة فرصة للتخفف من هذه الهموم، والعودة إلى الله -تعالي- بالدعاء والعبادة، والتواصل مع الأهل والأصدقاء. فأبسط المبادرات، مثل تزيين المنازل والشوارع بالزينة الرمضانية أو تبادل التهاني، تسهم فى نشر الفرح بين الناس. وقد قال الله -عز وجل-: «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ».

أيها المصريون الأعزاء، فى هذا الشهر الفضيل، تذكروا أهمية صلة الرحم، وكونوا سباقين إلى نشر الرحمة بين الناس. فقد يكون بيننا من لم نلتق بهم منذ فترة طويلة، وهذه فرصة مثالية لتجديد الأواصر، سواء بزيارة الأهل أو الاتصال بهم، للتعبير عن محبتهم وتقديرهم، وتهنئتهم بقدوم الشهر الكريم.

ولا يمكن أن نغفل عن مشهد توزيع التمر والماء عند أذان المغرب، الذى يُعد من أروع صور التكافل الاجتماعى فى هذا الشهر، إذ يتطوع المحسنون بالإسهام فى إفطار الصائمين فى الطرقات. هذه اللفتة الطيبة تمثل معنى إنسانيًا رفيعًا، يجب الحفاظ عليه وتعزيزه.

وفى الختام، يبقى رمضان شهر العطاء اللامحدود، شهر تتضاعف فيه الأعمال الصالحة، وتفتح فيه أبواب الرحمة والبر. فلنحرص على استثمار هذه الفرصة المباركة فى إخراج الصدقات والزكاة والتبرعات، لعلها تكون سببًا فى بركات عظيمة، فى الدنيا والآخرة، ولتسهم فى نشر الخير والرحمة بين جميع أفراد المجتمع.