تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. أحمد مختار > شعرة معاوية بين مصر وصندوق النقد

شعرة معاوية بين مصر وصندوق النقد

تحرك الحكومة لتنفيذ مقترح الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولى على برنامج الإصلاح الاقتصادى أمر يجب التعامل معه بجدية وحكمة، فهو ليس مجرد اتفاق على حزمة تمويلية تحتاجها مصر من الصندوق، ولكنه يتجاوز ذلك بكثير.

أعلم تماما أن الحكومة تدرك هذا، وتجهز أوراقها للاجتماع المنتظر ورغم ذلك فإن الاستعانة بالشخصيات المصرية التى عملت فى المؤسسات المالية العالمية مثل الدكتور يوسف بطرس غالى والدكتور محمود محيى الدين ، وغيرهما يمكن أن ييسر الكثير من الأمور، لأن مثل هذه الخبرات لديها المعرفة الكافية للغة التفاوض المطلوبة وهى بكل تأكيد تحتاج الى حرفية معينة قد لا تتوافر لدى الكوادر الحكومية الحالية .

المفاوضات المنتظرة تشبه شعرة معاوية التى تحتاج الكثير من المهارة ، والحكمة فى المحافظة عليها. قد لا أضيف جديدا اذا ذكرت بعض العوامل الداعمة للمطالب المصرية مثل الحرب الاسرائيلية على غزة ولبنان ، وكذلك تأثيراتها على قناة السويس و ما تتحمله مصر نيابة عن دول الاتحاد الاوروبى باستضافتها ملايين اللاجئين على أرضها نسبة كبيرة منهم كانوا سيصبحون على الأراضى الأوروبية لولا إحكام مصر سيطرتها على منافذ الهجرة غير الشرعية.

يخطئ من يتعامل مع صندوق النقد، باعتباره مؤسسة اقتصادية محايدة فى عملها لا تتأثر بالتوجهات السياسية للدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبى، فهناك العديد من النماذج التى تبرهن بشكل أكيد على تسييس عمل هذه المؤسسات مثل ما حدث مع الارجنتين عام 2018 عندما وافق صندوق النقد الدولى على منحها قرضًا بقيمة 57 مليار دولار بدعم من امريكا التى كانت تحرص على استقرار حكومة الرئيس الأرجنتينى المتحالف معها سياسيا آنذاك، وايضا ما جرى فى أزمة الديون اليونانية، عندما رضخ صندوق النقد لضغوط الاتحاد الأوروبى لتقديم دعم كبير لليونان للحفاظ على استقرار منطقة اليورو على الرغم من أن الأوضاع الاقتصادية لليونان كانت تشير إلى احتمالات ضئيلة لاسترداد الديون.

الامر نفسه جرى حين قدم صندوق النقد دعمًا ماليًا كبيرًا لأوكرانيا بتأثير من الدول الغربية، رغم أنها لم تحقق المعايير الاقتصادية المطلوبة .

أظن أن تفاوض الحكومة مع الصندوق يجب أن يرتكز على أوراق ضغط سياسية، إضافة الى التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر نتيجة لحالة عدم الاستقرار التى تشهدها منطقة الشرق الاوسط،

وهنا فإن استعانة مصر بالولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الاوروبية والعربية سوف يؤثر كثيرا على نتائج المفاوضات وعدم الوصول بها الى درجة الشقاق وهو ما ليس فى مصلحة الطرفين!

 لان استقرار مصر بثقلها السياسى ودورها المحورى يصب فى مصلحة الولايات المتحدة واوروبا وهم يدركون ذلك بكل تأكيد.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية