تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. أحمد مختار > بناء القدوة والهوية فى «دولة التلاوة»

بناء القدوة والهوية فى «دولة التلاوة»

تأتى مسابقة «دولة التلاوة» فى وقت تحتاج فيها الأجيال الجديدة إلى نماذج إيجابية تعيد تشكيل وجدانها بعيدا عن مسارات تزاوج الشهرة والثروة المنتشرة حاليا، والتى تدور فى فلك المطربين ولاعبى الكرة ومشاهير «التريند». خيرا فعل الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف والقائمون على مسابقة دولة التلاوة بتقديم هذه المبادرة التى تستهدف إحياء القرآن داخل النفوس وإبراز نماذج جيدة يمكن ان تمثل قدوة لأجيال فى بداية الطريق، وتؤكد ان الشهرة والثروة لمن يريدهما ليستا مقصورتين على الفن والرياضة فقط، ولكنهما نتيجة للإبداع والتميز فى المجالات المختلفة خاصة ان المجتمع يحتاج فعلا الى قدوات فى العلم، الدين، الفن، الرياضة الثقافة وغيرها بعد ان ظل سنوات يعيش ميلا قويا لمصلحة نموذج الترفيه فقط. المبادرة تأتى لتعيد الاعتبار لصوت القرآن، وللمدرسة المصرية الأصيلة فى التلاوة التى صاغت وجدان الأمة عبر عقود طويلة. إن القيمة الحقيقية لهذه المسابقة لا تنحصر فى جانب المنافسة بل فى قدرتها على تقديم قدوة قائمة على الانضباط والاجتهاد واحترام العلم، فالمتسابق الذى يحفظ ويفهم كتاب الله، ويتقن التجويد يصبح نموذجا يقتدى به الأطفال والشباب. «دولة التلاوة» خطوة على طريق إعادة صياغة القدوة اذا ما جرى البناء عليها لتشمل برامج للمشاركين لفهم القيم السامية التى يدعو اليها القرآن والسنة بحيث يصبح القارئ شابًا مثقفا ومؤثرا لا مجرد صاحب صوت جميل. أتمنى ان تكون هناك مسابقة خاصة بحافظى القرآن ممن تقل أعمارهم عن الستة عشر عاما بعيدا عن المنافسة مع الاكبر سنا كما يحدث حاليا، لأن المنافسة غير متكافئة نتيجة لطبيعة الاصوات فى الفئات العمرية. كما أتمنى ان تشهد الدورة القادمة حضورا من الدول الإسلامية وان تتولى وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة التعليم إرسال المتسابقين إلى المدارس والجامعات فى مختلف المحافظات سفراء للتلاوة، ونشر قيم الرحمة والانضباط والاجتهاد. ضمان استمرار المبادرة وتطويرها يمثل فرصة جاذبة لكبار رجال الأعمال للمساهمة فيها وأحسب معظمهم ينفقون الكثير فى أوجه الخير استثمارا فيما هو أبقى. إن بناء القدوة لم يعد ترفا بل ضرورة مجتمعية، وإذا نجحت هذه المسابقة فى ترسيخ نموذج القارئ الشاب الواعى بتعاليم دينه وقيمه فستعيد تشكيل خرائط التأثير لدى الجيل الجديد، وستمنح الأسر نموذجا إيجابيا يواجه الضجيج الرقمى الذى يملأ يومهم. هذا النوع من المبادرات مهم جدا لإعادة بناء الوعى، والهوية، والقدوة لدى الأجيال الجديدة ويعزز القوة الناعمة الدينية، والثقافية لمصر، حيث يمكن ان تصبح دولة التلاوة مشروعا وطنيا يقدم للمجتمع نماذج مضيئة نحتاج اليها فى معركة بناء الوعى والهوية الوطنية.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية