تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بناء الأوطان
هناك حكمة صينية تقول إذا أردت أن تُخطط لعام ازرع أرزا, وإذا أردت أن تخطط لقرن ازرع شجرة, وإذا أردت أن تخطط لحياة كاملة فازرع طفلا وعلمه.
ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية شيدت نهضتها على الاستثمار فى المواطن الألمانى بتعليمه منذ الصغر ضمن برامج حكومية مدروسة، فالشعب الألمانى يعتز بلغته وتاريخه وجنسه، لا يمكن أن تتحدث فى ألمانيا مع أى ألمانى غير اللغة الألمانية حتى لو كان يتحدث لغات أخرى . الهند بدأت نهضتها الاقتصادية مبكرا على يد حاكمها نهرو، لكنها كانت نهضة خجولة اقتصرت على استثمار موارد الدولة فى التصنيع لتلبية احتياجات السوق المحلية فقط، مع إهمال المنافسة بالأسواق الخارجية.واستمرت هذه السياسات حتى تسعينيات القرن الماضى حيث تركز الاقتصاد بيد الدولة مع تهميش القطاع الخاص.
عام 1991 استيقظت الهند على أزمة اقتصادية حادة وتقلصت احتياطياتها النقدية إلى أقل من مليار دولار، واصبح اثنان من كل 5 هنود يعيشون تحت خط الفقر.ورغم هذه الازمة الشديدة فإنه فى العام نفسه قاد مانموهان سينج عملية الإصلاح الاقتصادى. والانفتاح على العالم، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية، من خلال رفع العوائق التجارية وكسر الاحتكارات الحكومية، وخفض الضرائب، وتشجيع المنافسة المتكافئة لتصبح الهند حاليا خامس أقوى اقتصاد فى العالم .
فى البرازيل وبعد وصول ديونها إلى 90 ٪. من ناتجها المحلى الإجمالى ورفض البنك الدولى منحها أى قروض بدأ مشروع ألرئيس دا سيلفا حيث ألغى كُل النفقات غير الضرورية وسهّل إجراءات الاقتراض من البنوك بتقليل نسبة الفوائد للمشروعات الانتاجية، وفى القطاع الزراعى ألغى جميع العوائق أمام المزارع والمتمثلة فى كمية الضرائب على النقل والتوزيع والمواد الأوليّة ليبدا حصاد نتائج هذه القرارات ودخول المستثمرين الأجانب إلى السوق البرازيلية حتى بلغت العوائد بعد أول خمس سنوات نحو 200 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية.
ما سبق هى نماذج لدول نهضت بعد حروب او ثورات لم يأت حصاد العمل الجاد إلا بعد سنوات، هكذا حال إعادة بناء الاوطان.فترات عصيبة، وفاتورة اقتصادية ليست بالبسيطة.
ما شهدته مصر خلال السنوات العشر الماضية هو بمثابة الغرس والزرع. هو ليس غرسا لأرز، ولكنه غرس للمستقبل. ثماره سوف تأتى بمشيئة الله. الرياح والعواصف ربما تصيب المحصول أو تؤثر على جودة الثمار، ولكنها أبدا لا تقتلع كل الاشجار.
نعم العبء ثقيل، والغلاء شديد، ولكن المستقبل يستحق تحمل العناء وقسوته، فما تم من مشروعات عملاقة فى معظم أرجاء المحروسة سوف يجنى الشعب ثمارها قريبا بوطن يشرف بالانتماء اليه، وطن يستحق ما تم تحمله من أجل إعادة بنائه، وطن نعيش على أرضه ويعيش فى قلوبنا .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية