تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الحوار الوطنى ومواجهة التحديات
مع تدشين انطلاقة الحوار الوطنى يلاحظ المراقب حجم التحديات والمخاطر وكذلك الفرص المتاحة أمام الجمهورية الجديدة، وهو ما يتطلب تضافر جهود، وزوايا تناول ثرية ومتابينة سعيا لمستقبل أفضل تستحقه مصر والمصريون.
فقد شهد العالم بأسره تحولات متسارعة يتداخل فيها السياسى مع الاقتصادى مع المجتمعى والثقافى أيضا، ويحتاج الأمر تقاطع الأفكار حول السيناريوهات المستقبلية واختبار فرضيات ومناقشة بدائل وحلول جديدة.
بداية يجدر بنا تأكيد أن الحوار الوطنى كان بحاجة لوقت لينطلق على أسس سليمة, خاصة أن قوى وأحزابا معارضة حرصت على الخوض فى كثير من التفاصيل مبكرا وهذا حقها, ما استلزم تأخيرا نسبيا سيصب فى مصلحة الحصول على مخرجات إيجابية.
وملاحظة أن الحوار جاء بدعوة رئاسية مما يعنى أهمية أن يخرج بنتائج تتناسب مع صاحب الدعوة.. التى أتت وقد رتبت مصر أوضاعها الأمنية جيدا، وباتت مهيأة لترتيب بعض الأوراق السياسية والاجراءات المستقبلية فى كل المجالات المتأثرة, بما يتناسب مع طبيعة المرحلة وتحدياتها غير المسبوقة (جائحة تضرب العالم، صدام مباشر بين روسيا وحلف الناتو، بنوك تفلس فى الولايات المتحدة، واحتجاجات واسعة النطاق فى أكثر من دولة غربية، وقبل كل هذا أطماع وأزمات إقليمية طاحنة) وكذلك طموحات المواطن فكل ما سبق يحتاج بالضرورة التفافا وطنيا واسعًا بعيدا عن المزايدات والحسابات الضيقة.
ويمكن الاشارة هنا إلى أنه كان من عوامل إنجاح التجربة والدعوة تهيئة الأجواء بتوسيع رقعة العفو الرئاسى بعد دراسة دقيقة لكل حالة على حدة.
وعلى هذا قد يفيد الحوار كثيرًا -بناء على متابعة وتواصل مع قيادات مجلس الأمناء الموقر- التركيز المبكر على محور التوعية؛ على أن يكون له ذراعٌ إعلامية غير تقليدية ذات إيقاع يناسب العصر ويتماشى مع دوائر اهتمام الشباب، وقد يكون مفيدًا الاستعانة بشخصيات مستقلة ولها تأثيرها فى وسائل التواصل الاجتماعي.. وإتاحة أكبر للأصوات المعارضة لكى تعرض أطروحاتها على الرأى العام. والسعى المستمر لمشاركة عناصر مؤثرة فى المشهد لكى تقدم رؤى ولكى تستفيد هى أيضا من حالة الحراك وتُعدل من مواقفها بشكل موضوعي. فيشارك ممثلون عن شرائح سنية ومناطق جغرافية وطبقات مجتمعية مختلفة مثل طالب ثانوى نابغ موهوب, سائق ميكروباص أو توك توك, بجانب مصريين فى الخارج أو مواطنين استفادوا من حياة كريمة أو حملات الرعاية الصحية أو جهود القضاء على العشوائيات, فضلا عن كتاب دراما ومبدعين. فهم يعبرون فى النهاية عن قطاعات مؤثرة ويمكن لمشاركتهم أن تضيف للمخرجات النهائية للحوار. إتاحة مستجدات الخطوط العريضة - وليس كل المعلومات المتوافرة بالطبع للقيادة - لمحددات الأمن القومى فى هذه المرحلة الدقيقة ستسهم أيضا فى بلورة مقترحات محددة واستبعاد أخرى وإعادة التقييم ورسم سيناريوهات تدرس كيفية التعامل مع أحداث متعاقبة ضاغطة وكيفية التعامل مع ساحات ملاصقة منفلتة.
على أن يذهب ممثلون عن الحوار لعقد جلسات استماع فى جامعات حدودية بشكل خاص، ومراكز النيل التابعة لهيئة الاستعلامات، ومراكز الشباب، وقصور الثقافة لمزيد من المشاركة نظرا لأن لدمياط تجربة خاصة مع الإنتاج والتصدير تختلف عن مقدرات المنصورة، وعن قنا، وعن مرسى مطروح، وسانت كاترين على سبيل المثال.
ونتمنى أن يكون من محاور النقاش كيفية تفعيل القدرات بعد الحصول على صورة كاملة للأوضاع الداخلية والخارجية، لكى نستغل تلك القدرات بشكل أفضل بأقل قدر من الإمكانات المالية بدراسة كيفية الاستثمار الأمثل فى تدريب كل عناصر المنظومات خاصة فى قطاعى التعليم والطب.. فهذان القطاعان محل مراجعة شاملة مستمرة فى أكثر الدول ثراء وأقلها دخلا، كذلك مما يستوجب دراسة متعمقة لكل تجربة وتقييم سبل الاستفادة منها، خاصة أن ثورات نجحت على مر التاريخ فى تحسين أوضاعها فى هذين القطاعين بأقل الإمكانات.
نتمنى أخيرًا نجاح الحوار الوطنى فى الوصول لمن لا منابر لهم (برلمانيين وإعلاميين ومسئولين عن هيئات ومؤسسات) وأن يستفيد من أصحاب خبرات لديهم وقت، ورؤى، ورغبة أكيدة فى إنجاح مسيرة الفرز، واختيار البدائل المستقبلية الأفضل لجموع المصريين والمصريات أينما كانوا.
وأن يوازن المشاركون فى الحوار بين الحلول النظرية وبين تعقيدات الواقع، مما يجعل الحوار رافعة أو منصة محفزة لمشاركة تصويتية أوسع قادرة على الاختيار - وفقا لمعايير موضوعية - فى كل الاستحقاقات الانتخابية القادمة, لقطع الطريق على العناصر المتطرفة التى قد تستغل المشاركة المحدودة فى حشد لا يعبر عن الأغلبية الصامتة، بل عن سطوة رأس المال والعصبيات.
وسيكون هذا بمثابة ضمانة للوصول لصيغة مُثلى منشودة توازن بشكل عملى متجرد - فى عقد اجتماعى جديد- بين الحقوق والواجبات.. وتمنح حيوية وتضخ دماء جديدة لحلف ثورة 30 يونيو فى مواجهة كل المتربصين به وبمصر فى الداخل والخارج.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية