تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
روح أكتوبر والجمهورية الجديدة
شكلت حرب أكتوبر 1973 نقطة فاصلة فى التاريخ المصرى الحديث, ليس فقط لأنها محت نكسة 1967 وأعادت سيناء إلى أرض الوطن وانهيار أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر بفضل بسالة الجندى المصرى والتخطيط الاستراتيجى للحرب وخطة الخداع، ولكن أيضاً لأنها أبرزت الروح المصرية التى تتجلى دائماً فى أوقات المحن والتحديات والأزمات، وفقاً لنظرية التحدى والاستجابة، حيث استجابت مصر قيادة وشعباً لهذا التحدى وهذا الاحتلال وهذه الهزيمة وأظهر قدراته الكامنة واستطاع تحقيق النصر واستعادة الكرامة المصرية.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فبعد فترة كمون، عادت روح أكتوبر لتسرى مرة أخرى فى الجسد المصرى، مع تحد آخر، وهو تحدى استعادة الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية والنهضة الشاملة، بعد الأحداث التى شهدتها مصر فى يناير 2011، وهو تحد لا يقل خطورة عن تحدى الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، حيث عمت مخاطر الفوضى وتصاعد الإرهاب، ولذلك تجسدت روح أكتوبر فى السنوات العشر الماضية مع تأسيس الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى عبور معركة التنمية والاستقرار. فسارت مصر فى مسارات متوازية ومتكاملة،
أولها: مسار مواجهة التحديات وأبرزها تثبيت أسس الدولة الوطنية وتقوية مؤسساتها خاصة الأمنية، واستعادة حالة الأمن والاستقرار فى الشارع، مع خوض معركة مواجهة الإرهاب خاصة فى سيناء والقضاء عليه، ليتم تحرير سيناء مرة ثانية، ونجحت القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة فى إستئصال سرطان الإرهاب من بر مصر.
وثانيها: مسار عبور التنمية وتحقيق النهضة الشاملة وإعادة بناء مصر الحديثة وتحديث بنية الاقتصاد وإعادة تغيير الخريطة التنموية والسكانية للبلاد من خلال إطلاق برنامج شامل للإصلاح الاقتصادى والانطلاق فى تحقيق التنمية فى كافة ربوع البلاد من خلال المشروعات القومية العملاقة مثل محور التنمية فى قناة السويس، وبناء مدن الجيل الرابع وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وغيرها للخروج من الوادى الضيق حول النيل، وإنشاء بنية أساسية حديثة ومتطورة وفقاً لأحدث المعايير العالمية عبر شبكة ضخمة من الكبارى والطرق والمحاور والأنفاق، والسكك الحديدية الحديثة وكذلك القطار الكهربائى السريع والمونوريل وشبكة خطوط المترو والموانئ والمطارات، لتكون الأساس لتحقيق الانطلاق الاقتصادى والبنية الفوقية لتعزيز الصناعة، كذلك تعزيز الأمن الغذائى والتوسع فى زراعة أربعة ملايين فدان جديدة.
وإذا كانت معركة العبور وتحرير سيناء قد حررتها من الإحتلال الإسرائيلى، فإن معركة التنمية قد حررتها من أغلال الإرهاب والتهميش التنموى، حيث عادت سيناء لقلب مصر عبر ربطها بشبكة من الأنفاق الضخمة، وتم القضاء على الإرهاب بعد معركة صعبة قدم فيها أبناء القوات المسلحة دماءهم الغالية وأرواحهم الطاهرة تضحية وفداء للوطن.
وانطلقت فى سيناء عملية تنموية شاملة حيث أنفق أكثر من 600 مليار جنيه على المشروعات التنموية والتعليمية والصحية والزراعية فيها. وهنا برز دور القوات المسلحة الباسلة فى خدمة وطنها وأداء رسالتها، فكما حررت سيناء عسكرياً، قامت بتحريرها من الإرهاب ولعبت دوراً فاعلاً وحيوياً فى تعزيز التنمية فيها، وهو دور برز ليس فقط فى سيناء بل فى كل أنحاء البلاد، إضافة لدورها فى الحفاظ على المكتسبات والمقدرات الوطنية وفى الدفاع عن حدود الوطن ضد أية تهديدات خارجية، خاصة فى ظل المخاطر الإقليمية والعالمية المتزايدة وفى بيئة إقليمية مضطربة تموج بالصراعات والحروب الأهلية والإرهاب والتدخلات الخارجية، ولذلك كان تعزيز قدرات القوات المسلحة لتؤدى أدوارها المختلفة بفاعلية، الأمنية والعسكرية والتنموية وفى تخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل الشعب المصرى. إضافة لدورها الخارجى فى مساعدة الأشقاء والأصدقاء وقت الأزمات والكوارث، كما حدث فى زلزال سوريا وكارثة مرفأ لبنان، وكارثة السيول فى السودان، ومؤخراً فى زلزال المغرب وكارثة إعصار درنة فى ليبيا حيث برزت الجاهزية العالية والقدرات والإمكانيات الضخمة للجيش المصرى فى سرعة التحرك والتعامل مع هذه التحديات.
برزت روح أكتوبر أيضاً فى الجمهورية الجديدة فى سياسة مصر الخارجية وإعادة هيكلتها بما يعظم ويحقق المصالح المصرية، وتعزيز دور مصر الإقليمى ودعم التنمية فى الداخل، من خلال تنويع دوائر السياسة الخارجية وبناء شراكات إستراتيجية مع كافة دول العالم، خاصة القوى الكبرى، وتبنى سياسة الحياد الإيجابى فى ظل حالة الاستقطاب الدولى الحادة. هذه السياسة الخارجية الرشيدة والفاعلة والنزيهة دعمت مكانة مصر إقليمياً وعالمياً وساهمت دبلوماسية التنمية فى جذب الاستثمارات الخارجية وفتح أسواق وآفاق جديدة أمام السلع المصرية وتوطين التكنولوجيا، وكان من حصاد تلك السياسة انضمام مصر لتجمع البريكس مؤخرا.
وبالتالى القاسم المشترك بين حرب أكتوبر المجيدة وبناء الجمهورية الجديدة هو روح أكتوبر التى أكدت قوة وإرادة الشعب المصرى والدور الفعال لقواته المسلحة الباسلة، والتى تستطيع مصر من خلال تلك الروح تجاوز أية عقبات وتحقيق أية أهداف، وهو ما يتطلب استحضار روح أكتوبر لدى كل شخص فى مجاله، من خلال إتقان العمل والتفانى والتكاتف بين الدولة والشعب والوقوف صفاً وراء المشروع الوطنى لكى تستكمل مصر بناء الجمهورية الجديدة القائمة على الارتقاء بالمواطن ورفع مستوى معيشته وتحسين جودة حياته، وتحقيق النهضة الشاملة والتقدم الذى يمكنها من أن تتبوأ مكانتها المتميزة واللائقة بها على الخريطة الاقتصادية والسياسية، الإقليمية والدولية, بما يتناسب مع مواردها البشرية والطبيعية الهائلة وحضارتها وتاريخها العريق ومستقبلها الواعد.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية