تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
خطة بايدن وصواب المقاربة المصرية
يحمل إعلان الرئيس الأمريكى بايدن الجمعة الماضى عن خطة جديدة لوقف إطلاق النار فى غزة وتبادل الأسرى، العديد من الدلالات والتداعيات المهمة:
أولا: من حيث المضمون، المقترح الذى طرحه بايدن يفند المزاعم التى أطلقتها إسرائيل ووسائل إعلام أمريكية مؤخرا حول قيام مصر بتغيير بنود اتفاق الهدنة السابق، فما طرحه بايدن لا يختلف كثيرا عن المقترح المصرى المتوازن، حيث يتضمن ثلاث مراحل:
فى المرحلة الأولى يتم وقف فورى لإطلاق النار وتبادل الأسرى من المجندات والمسنين والمرضى الإسرائيليين لدى الفصائل مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خارج المناطق السكنية.
وتتضمن المرحلة الثانية البحث فى الوقف الدائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى من الجنود الإسرائيليين مقابل عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى ديارهم،
ثم المرحلة الثالثة، وهى البدء فى خطة لإعادة إعمار قطاع غزة.
وبهذا يعكس ما طرحه بايدن فى خطابه جوهر المقاربة المصرية القائمة على أولوية وقف نزيف الدم الفلسطينى من خلال العمل على إنهاء الحرب ووقف دائم لإطلاق النار، وأولوية تخفيف المعاناة ومنع المجاعة فى قطاع غزة عبر إدخال المساعدات ورفض استخدام إسرائيل سلاح التجويع ضد الفلسطينيين، وضرورة عودة النازحين والمهجرين ورفض إعادة احتلال إسرائيل قطاع غزة، وأن يكون مستقبل قطاع غزة ضمن رؤية شاملة للحل السياسى تقوم على تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتضم الضفة وقطاع غزة، باعتبار ان ذلك هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع التاريخى وتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.
ثانيا: إن إعلان الرئيس بايدن فى المقترح الذى قدمه، وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلى يعكس التحول فى الموقف الأمريكى، الذى كان يرفض الوقف الدائم لإطلاق النار ويتبنى الرؤية الإسرائيلية فى التوصل إلى هدنة مؤقتة لتبادل الأسرى ثم تعود إسرائيل بعدها لاستمرار القتال، وأن أقصى ما يمكن أن تقدمه من تنازلات هو أن تكون هدنة طويلة نسبيا لستة أشهر.
وهذا التغير فى الموقف الأمريكى، وكذلك فى الموقف الإسرائيلى، يعكس فشل إسرائيل فى تحقيق أهدافها المعلنة فى حرب غزة منذ ثمانية أشهر، وهى أولها: تحرير الأسرى، حيث لم تحرر أسيرا واحدا عبر القوة العسكرية، بل عاد كثير من أسراها كجثامين، وثانيها: القضاء على المقاومة والتى عادت مرة أخرى إلى مناطق مختلفة من غزة مثل جباليا، وبالتالى بدأت إدارة بايدن تدرك أن حكومة نيتانياهو تخوض حربا عبثية لم تحقق أهدافها وأن التماهى معها ودعمها بشكل مطلق أدى لتداعيات سلبية، سواء على إسرائيل حيث أصبحت معزولة دوليا مع تزايد الاعتراف بالدولة الفلسطينية خاصة من الأوروبيين حلفاء إسرائيل، كذلك قرارات محكمة العدل الدولية التى طالبت إسرائيل بشكل واضح بوقف الهجوم على رفح، أو تداعيات سلبية على الولايات المتحدة وتمثلت فى اهتزاز صورتها فى العالم نتيجة لتغاضيها عن جرائم إسرائيل فى القطاع وآخرها مجزرة مخيم رفح، أو حتى على الرئيس بايدن ذاته فى ظل التأثير السلبى لدعمه المطلق لنيتانياهو على فرصه فى الفوز فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ثالثا: من المهم جدا أن تتجاوب كل من حماس والحكومة الاسرائيلية مع هذا المقترح، كما طالب البيان الثلاثى المصرى القطرى الأمريكى الجانبين بالعمل على التوصل لوقف إطلاق النار وانهاء معاناة الفلسطينيين فى قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى وإنهاء معاناتهم، وذلك وفقا للمبادئ التى جاءت فى خطاب الرئيس بايدن فى ٣١ مايو وهو ما يشكل خريطة طريق لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الأزمة، وبالتالى الكرة الآن فى ملعب حماس وحكومة نيتانياهو، خاصة أن الاتفاق يحقق مصالح جميع الاطراف،
فبالنسبة لحماس يحقق لها مطالبها الأربعة الأساسية وهى الوقف الدئم لإطلاق النار وإنهاء الحرب وكذلك الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة وعودة النازحين والمهجرين إلى منازلهم وإدخال المساعدات الإنسانية، إضافة إلى خطة لإعادة إعمار القطاع.
وبالنسبة لحكومة نيتانياهو فإن الاتفاق يحقق هدف تحرير الاسرى والرهائن لدى الفصائل سلميا بعد أن فشلت فى ذلك عسكريا.
وبالتالى لا يوجد هناك مبرر لكلا الطرفين لرفض هذا الاتفاق، لكن يظل التحدى الأساسى هو فى موقف حكومة نيتانياهو فى الاستجابة لهذا الاتفاق حيث سارع نيتانياهو، بعد خطاب بايدن فى تأكيد أن إسرائيل ماضية بشكل حاسم فى تحقيق أهداف الحرب والقضاء على حماس، وهو ما يعنى معارضة ضمنية لما يتضمنه طرح بايدن فيما يتعلق بإنهاء الحرب فى غزة خاصة فى المرحلة الثانية من الاتفاق،
وهذا الموقف يؤكد أن الإشكالية الحقيقية والعقبة الأساسية فى التوصل لاتفاق هدنة وتبادل الأسرى تتمثل فى حكومة نيتانياهو والمتشددين معه، خاصة بن غفير وسموتريتش، فليس لديهم حتى الآن الرغبة الحقيقية فى إبرام هذا الاتفاق، حيث يوافق نيتانياهو على الدخول فى مفاوضات الهدنة فقط لاستيعاب الضغوط الداخلية عليه من أهالى الأسرى والضغوط الخارجية من الجانب الأمريكى وضغوط الرأى العام العالمى ومحاولة الظهور بأنه مع المفاوضات لتحرير الأسرى، لكنه على أرض الواقع يتعنت فى مواقفه ولا يبدى أى مرونة يمكن أن تسهم فى الوصول إلى اتفاق.
وبالتالى فإن طرح بايدن يؤكد صوابية المقاربة المصرية الشاملة فى حل هذا الصراع التاريخى، وأن سياسة العدوان الإسرائيلية ضد الفلسطينيين من تدمير وتجويع وقتل النساء والأطفال لن تحقق الأمن لإسرائيل ولكن السلام العادل فقط هو ما يحقق ذلك، كما أنه يؤكد أن مصر هى الداعم الأساسى للشعب الفلسطينى وصمام الأمان لحقوقه المشروعة. كما أنها مع أى جهود تقود إلى إنهاء الحرب ووقف معاناة الفلسطينيين.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية