تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
خصوصية العلاقات المصرية ـ الأمريكية
تتسم العلاقات المصرية ـ الأمريكية بخصوصية كبيرة تنبع من كونها علاقات شراكة استراتيجية متشابكة على كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية، ممتدة على مدى نصف قرن، ومن كونها ذات إطار مؤسسى يحكم تلك العلاقات ويجعلها دائما فى إطار التقارب والتعاون، كما أنه يضع سقفا لمستوى التباين والاختلاف بينهما بحيث لا تصل العلاقات إلى مستوى القطيعة، فعلى الرغم من العواصف التى شهدتها العلاقات فى بعض المراحل السابقة ومرورها بحالة من الفتور والتباعد أحيانا، وذلك كنتيجة أساسية لسياسات الإدارات الأمريكية السابقة، خاصة الديمقراطية، فإنها استطاعت تجاوز تلك التحديات والاختلافات.
كما تنبع الخصوصية من كونها تربط بين قوتين كبيرتين, مصر كقوة إقليمية تمثل رمانة الميزان فى منطقة الشرق الأوسط وحجر الزاوية فى تحقيق الأمن والاستقرار فيه، نتيجة لثقلها السياسى والاقتصادى ولسياستها الخارجية النزيهة والرشيدة والفاعلة التى تنحاز للسلام، وأمريكا كقوة عالمية كبرى تقف على رأس النظام الدولى ولديها تشابكات وانخراط فى كل قضايا ومناطق العالم ومنها الشرق الأوسط، ولذلك يمثل التعاون بين البلدين ركيزة أساسية فى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام الإقليمى والعالمى، وهو ما يعكس الأهمية الاستراتيجية لكل منهما للآخر، فأمريكا تعتبر مصر مفتاح الأمن والاستقرار فى المنطقة ومعالجة الأزمات المختلفة بها، إضافة إلى دورها فى محاربة التطرف والإرهاب، وفى المقابل تعول مصر على دور الولايات المتحدة كقوة كبرى ولديها الآليات والأدوات المختلفة فى تعزيز الاستقرار أيضا فى الشرق الأوسط.
ويمكن القول إن العلاقات المصرية ـ الأمريكية شهدت طفرة كبيرة فى التعاون فى عهد الرئيس السيسى خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع الرئيس ترامب سواء فى ولايته الأولى أو فى ولايته الحالية، انطلاقا من المصالح والتحديات المشتركة التى تجمع البلدين وتدفعهما دائما إلى التقارب والتعاون سواء على مسار تطوير العلاقات الثنائية أو على مسار القضايا الإقليمية والعالمية، وانطلاقا كذلك من العلاقات الخاصة التى تجمع الرئيسين السيسى وترامب. كما أن العلاقات فى عهد الرئيس السيسى ارتكزت على أسس جديدة وقوية، ترتكز أولا على أن المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة والمزايا النسبية هى التى تحكم التعاون بينهما، كما تقوم أيضا على مبدأ الاستقلالية والندية فى إطار الاحترام المتبادل بينهما، إضافة إلى أن العلاقات المصرية ـ الأمريكية - جزء من علاقات مصر الخارجية مع كل دول العالم - خاصة القوى الكبرى، حيث تتنوع دوائر وشراكات مصر الاستراتيجية مع كل القوى الفاعلة فى النظام الدولى فى إطار تبنى مصر سياسة الحياد الإيجابى وعدم الانخراط فى الاستقطاب الحاد الحالى بين القوى الكبرى، وذلك بما يعظم المصالح المصرية بالأساس. وبعبارة أخرى فإن انفتاح مصر وشراكاتها الاستراتيجية مع القوى الكبرى الأخرى مثل الصين وروسيا وغيرهما، لم يكن على حساب العلاقات المصرية - الأمريكية، والعكس صحيح، فمصر منفتحة على الجميع ولا تنحاز لقوى ضد قوى أخرى، وهو ما أكسبها المصداقية والاحترام والتقدير من كل الدول، باعتبارها تمثل تيار الاعتدال والاستقرار فى النظام الدولى فى ظل تصاعد حدة الاستقطاب وعسكرة العلاقات الدولية وارتفاع مستوى التوترات والصراعات.
على مستوى العلاقات الثنائية، تعد أمريكا الشريك التجارى الأول لمصر بعد الاتحاد الأوروبى، حيث يصل حجم التبادل التجارى بينهما إلى ما يقارب 9 مليارات دولار، كما ان هناك استثمارات أمريكية ضخمة فى السوق المصرية خاصة فى قطاع الاتصالات والتكنولوجيا والزراعة والطاقة المتجددة وغيرها, إضافة إلى التعاون بينهما فى المجال العسكرى والأمنى، وتعد مناورات النجم الساطع أحد أوجه التعاون بينهما لمواجهة التحديات المختلفة، وفى ظل النهضة الاقتصادية الكبرى التى تشهدها البلاد خاصة المشروعات القومية العملاقة مثل محور التنمية فى قناة السويس، فإن مصر تسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية فى ظل مناخ الاستثمار وحالة الاستقرار التى تمتع بها البلاد.
وعلى مستوى القضايا الاقليمية، فإن التعاون الأمنى بين البلدين شكل عاملا مهما فى مواجهة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وعلى المستوى السياسى، فإن مصر تراهن على الدور الأمريكى فى معالجة قضايا المنطقة خاصة القضية المركزية وهى القضية الفلسطينية، حيث كان للتعاون والتنسيق المصرى ـ الأمريكى دور فى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وتوقيع اتفاق شرم الشيخ الذى حضره الرئيس ترامب، وفى هذا السياق تحديدا، فإن مصر تعول على أمريكا والرئيس ترامب فى ممارسة دور أكثر فاعلية فى كبح جماح الحكومة الإسرائيلية الحالية التى تقود المنطقة إلى الهاوية عبر تبنيها سياسة التوسع والاعتداء على الفلسطينيين وانتهاك سيادة الدول العربية الأخرى, وذلك بحكم أن أمريكا هى الطرف الوحيد القادر على الضغط على إسرائيل, التى لا تعير أى اهتمام لا الشرعية الدولية أو الاعتبارات الأخلاقية والقانونية. كذلك من المهم أن يكون لأمريكا دور فاعل لضبط ممارسات إسرائيل خاصة فى قطاع غزة والتى قد تؤثر سلبا على معاهدة السلام مع مصر, فالولايات المتحدة هى الضامن للمعاهدة ولديها مصلحة جوهرية فى الحفاظ عليها, والتى تعكس حرص مصر على تبنى نهج السلام والاستقرار فى المنطقة, والذى لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وهذا هو الطريق الوحيد لإزالة جذور الصراع وهو مصلحة لجميع الأطراف ولأمريكا أيضا.
ولذلك فإن هناك إرادة سياسية كبيرة لدى قيادتى البلدين لتعزيز العلاقات بينهما على مستوى التعاون الثنائى وعلى مستوى مواجهة التحديات الإقليمية فى ظل خصوصية تلك العلاقات.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية